هل تعرّضت الحكومة لتهديدات أممية لإدانة “حادثة شقرا”؟
رسالة "حزب الله": ترسيم حدود "اليونيفيل" وإلا...
لم تكن حادثة “شقرا” الأولى من نوعها ولن تكون الأخيرة، فقد سبق وشهدت قرى عدة في جنوب الليطاني إشكالات بين القوات الدولية العاملة في الجنوب والأهالي الذين يعترضون دوريات لـ”اليونيفيل” تتجاوز نطاق عملها وحدود صلاحياتها، كما حصل في بلدة برعشيت العام الماضي.
إلا أن إشكال شقرا، بحسب مصادر مطلعة لـ”أحوال”، يختلف كونه جاء في سياق تشديد سياسة الضغوط الإقليمية – الدولية على لبنان وتزامنه مع وجود الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش في بيروت، والذي وضع على الحكومة والمسؤولين جملة مطالب لتنفيذها، بحسب معلومات “أحوال”، أبرزها الطلب من رئيس الحكومة نجيب ميقاتي عقد جلسة “مستقطعة” لمجلس الوزراء تأتي على “شرف” غوتيريش وتكسر “المقاطعة الشيعية” للحكومة، فنقل ميقاتي ذلك إلى ثنائي “أمل” و”حزب الله” اللذين أبلغا رفضهما.
وبحسب المصادر، فقد جاء غوتيريش إلى بيروت بطلب أميركي للبحث بملفّين: الأول جس نبض الدولة اللبنانية لجهة إمكانية التنازل عن الخط 29 والموافقة على الخط 32 وانتزاع موقف لبناني حاسم بهذا الشأن قبيل عودة الوسيط الأميركي بالملف “آموس هوكشتاين” الى بيروت منتصف الشهر المقبل لإحياء المفاوضات وتقديم اقتراحات جديدة، والثاني محاولة تعديل قواعد اشتباك “اليونيفيل” في جنوب الليطاني ودفع الحكومة للضغط على “حزب الله” في هذا الإطار.
ولا تفصل المصادر موجة الضغوط الاقتصادية والسياسية والدبلوماسية الخارجية على لبنان والأحداث التي شهدتها الساحة اللبنانية منذ العام 2019 حتى الآن، عن محاولات الولايات المتحدة و”إسرائيل” المتكررة لتعديل مهام “اليونيفيل” بما يتماهى والأمن الإسرائيلي، لكن “حزب الله” بحسب المصادر رفض هذا الطلب، فجاءت حادثة شقرا كردّة فعل مقصودة لفرض أمر واقع جديد يحوّلها من قوّة إسناد للجيش اللبناني إلى قوات متعدّدة الجنسيات، تجعل الأمن والسيادة في الجنوب تحت سلطة القوات الدولية.
وبعد وقوع الحادثة، وجّه “حزب الله” بحسب ما يقول مصدر مطلع لموقعنا، رسالة حاسمة إلى المسؤولين مفادها رفضه تعديل مهام “اليونيفيل” أو أي تحريف أو تفسير آخر لمضمون القرار1701 بهدف تعديله، وطلب الحزب نقل الرسالة إلى قيادة “اليونيفيل” في لبنان والأمم المتحدة لضرورة ترسيم حدودها وعدم تجاوزه وفق منظور القرار 1701، وإلا فعليها تحمّل الصدام مع الأهالي الذين لن يقبلوا استبدال قوات الاحتلال الاسرائيلي بقوات “وصاية وانتداب” جديدة، علماً أن الحزب عمل على احتواء الموقف بعد الحادثة وضبط النفس والتمسك بدور اليونيفيل وحدوده.
ويرى المصدر أن “حادثة شقرا ليست عابرة ولا محضُ صدفة، بل تحمل في طياتها مشروع أميركي – إسرائيلي لتعديل قواعد الاشتباك وصلاحية قوات “اليونيفيل” في جنوب الليطاني”. ما يعني بحسب ما تقول مصادر عسكرية وقانونية لـ”أحوال” المس بجوهر القرار الدولي 1701 وتقويض حركة المقاومة العسكرية، الهدف الذي لم تستطع “إسرائيل” فرضه بالقوة العسكرية في حرب تموز 2006 مع أن الفارق اليوم هو تغيير موازين القوى العسكرية في الجبهة الشمالية لصالح المقاومة.
وتوقّع المصدر تكرار محاولات اليونيفيل الدخول الى أحياء القرى وتكرار الاشتباك مع الأهالي، وربّما استدراج “حزب الله” للضغط لفرض معادلة جديدة في الجنوب وإثارة ملف سلاح “حزب الله”.
وعقب الحادثة، انهمرت الاتصالات الدبلوماسية على رئيسَي الجمهورية والحكومة ووزير الخارجية عبدالله بو حبيب، لا سيما من قيادة اليونيفيل للضغط على الحكومة لإصدار بيان استنكار تحت التهديد بحجب مساعدات مالية وتجميد المفاوضات مع صندوق النقد الدولي، ما دفع بميقاتي للضغط على وزير الخارجية لإصدار بيان مشترك بين الحكومة والخارجية لإدانة الحادث.
وتزامنت حادثة شقرا مع إطلاق مسؤولين إسرائيليين أكثر من تهديد بحرب ضد لبنان ما يؤشر إلى دور “إسرائيلي” في الحادثة، وتوقفت أوساط سياسية عبر “أحوال” باستغراب شديد عند بيان الخارجية بموازاة الحملة الإعلامية التي تقوم بها “اليونيفيل” وجهات سياسية وإعلامية لبنانية لاستغلال الحادث وتحميل المقاومة والأهالي المسؤولية واستخدام مصطلح “اعتداء”، فيما هو دفاع عن النفس بعدما تعدت “اليونيفيل” صلاحياتها المحددة في نص القرار 1701، لا سيما أنها دخلت إلى شقرا من دون التنسيق مع الجيش.
وتساءلت المصادر عن “إصدار بيان بين رئيس الحكومة والخارجية بشكل منفرد من دون العودة الى مجلس الوزراء، وكذلك عن حجم ردة الفعل الأممية عندما يتعلق الأمر بمصلحة “إسرائيلية”، فيما لا تحرك ساكناً إزاء الاعتداءات والخروقات الإسرائيلية اليومية البحرية والبرية والجوية للبنان، سوى تسجيلها وتدوينها في المحاضر ورفع التقارير”.
محمد حمية
