معتصم النهار فنّان الكثرة التي تغشي العيون
معتصم هذا العام على كوارثه ومصائبه إلا أنّ طالعه جيد للممثل معتصم النهار الذي يختم عامه بحصادٍ من سبعة لا بل من ثمانية أعمال درامية. رقم كبير لا يقوى عليه متمرّس ولا طامح ولا طمَاع.
شخصيّة واحدة تبدّل محياها بين مضلّع متعدّد الاتجاهات، كان صعباً على المشاهد اقتفاء أثرها جميعاً فتابع بعضها وغفل عن الكثير. فما أهمية أن يركب قبطان واحد سبع مراكب ويقودها جميعاً في يم الفن؟ هل ينجح؟ وهل يصل إلى الشاطىء بأمان؟
أسئلة كثيرة تطرح حول معنى الكثرة عندما يكون الشأن فنياً. ليس من الضروري أن يكون كل فنان ليوناردو دافنشي الذي أستغرق أربع سنوات حتى أنجز لوحة واحدة لكنها كانت الموناليزا. الوقت في عالم الفن يصنع التفرّد والإبداع والعجلة تصنع الاستسهال والسطحيّة.
في عامٍ واحدٍ وقبل أن تقفل ستارة الفصول لعام 2020 كان لمعتصم النهار الفصول كلها. فهو راغب في “أسود فاتح” إلى جانب هيفاء وهبي، وهو ورد في “من الآخر” ولؤي في “أحلى أيام ” وخالد في ” الحب المجنون ” الجزء الثالث وهو إيفان في ” المنصة ” و فارس في “ما فيي” والآن هو قادم في عمل جديد لشركة الصبَاح يحمل اسم “خرزة زرقة” انطلق تصويره قبل أسبوعين في لبنان ويستمر حتى منتصف شهر شباط. هذا العمل المؤلف من ستين حلقة، كتابة كلوديا مرشليان وإخراج جوليان معلوف. وهو البطل الحاضر في كواليس مسلسل DNA الى جانب دانييلا رحمة للمنتج جمال سنان صاحب شركة إيغل فيلمز.
الوسامة هنا تطرق الباب بكفٍ جامد وتفك المزلاج وتشغل النساء قاطبة. هذا أقل ما يقال عن خصب الإنتاج في هذا المضار. وإلا فكيف استطاع معتصم أن يجول ويصول في كل هذه الأعمال دفعة واحدة؟ للمهنية معيار وهو فيها لكن هل المهنية باتت مختصرة في شخصية واحدة وكأن الوطن العربي خال من أرباب الفن؟ وهل هذا الحضور المسرف على كل شاشة هو دليل نجاح أو استثمار “لشبوبية” فنان اعتبرت خضرة عينيه النادرة مصيدة للقلوب؟
هل خرج معتصم النهار بأداء مختلف بين شخصية فارس في مسلسل “ما فيي” وبين ورد في “من الأخر”، أو بين أية شخصية قدّمها مؤخراً أو أنه لبس نفس الثياب والأطقم وبقي على نفس وتيرة الصوت؟ هل كان بمقدوره أن يدرس كل أدواره كما يفعل المخضرم ويعطي الدور حقّه أو أن تغيير تسريحة الشعر أو ترك اللحية تكفي لتمييز هذه الشخصية من تلك؟
نعم للجمال سطوة وشحيح النظر من يظن غير ذلك، لكن ما حظي به معتصم في دورة عام كانت كافية لممتهن أن يؤديّها بعمرٍ. هذه الحظوة التي يتلقّاها هي مراهنة من قبل شركات الإنتاج على أنّ الجمال بقعته جذّابة وناجحة. وبعد أن كانت المرأة الجميلة تحتلّ الشاشة بات بإمكان الرجل أن يكون متسلطاً على ضوئها.
الذي حصل عليه معتصم من حصاد لم يكن في بيدر أي فنان آخر مهما علا شأنه. هذه الخصوصية التي ألبسته دور البطل المنتشر في أعمال عدة استطعنا أن نتابعها أو غفلنا عنها، ليست بالضرورة أن تكون نجاحاً بل استثماراً عقد على قامة جذابة شغلت النساء والصبايا وسطرت لهن أحلاماً في رجل يجسّد صورة فارس الأحلام. لهذا كانت أدواره تقع ضمن قائمة الحب والعلاقات الغرامية أكثر من كونها لعبة درامية مركبة تحتاج عرياً داخلياً وليس لباساً خارجياً نفتن به.
رفس النعمة خطيئة ومعتصم النهار تأتيه النعم من كل حدب وصوب، وهو عرف كيف يطوّع وقته وجهده ليكمل أعماله الكثيرة. لكن هل استطاع أن يحفر في أي عمل قدّمه مؤخراً، ليكون أسطورة درامية على غرار محمود عبد العزيز في “رأفت الهجان” أو عادل إمام في مسلسل “دموع في عيون وقحة” أو جمال سليمان في “الفصول الأربعة” أو باسل الخياط في “أحلام كبيرة” أو تيم حسن في “الانتظار”؟ إنّه البريق الأني الذي يغشي العيون ولا ينزل في خزائن الذاكرة الجماعيّة أو حتّى الدراميّة.