منوعات

السيارة الكهربائية صديقة للبيئة وحلّ لأزمة المحروقات

بدأت السيارات الكهربائية تنتشر في العالم منذ العام 2010، ويتم التسويق لها في الدول عبر اتفاقات ومؤتمرات دولية للحدّ من التلوّث والتخفيف من استعمال المحروقات؛ ورغم قلّة وجودها اليوم إلا أنّها قد تكون يوماً ما الآليات المعتمدة للتنقل في العالم. إذن، كيف تعمل هذه السيارات وكيف تختلف عن السيارة التقليدية؟

تجربة لبنان بالسيارات الكهربائية

يؤكد وزير الطاقة السابق سيزار أبي خليل لـ “أحوال” أنّه تم افتتاح أول محطة لشحن السيارات الكهربائية عام 2018، وقد تم الاتفاق مع شركة لنشر هذه المحطات في كل لبنان.

ويردف أبي خليل أنّه في موازنة 2017 في المادة 56 منها، تم إعفاء السيارات الكهربائية من الجمرك بنسبة 100% والسيارات الهجينة بنسبة 80% للتشجيع على استيرادها وبيعها، مؤكداً أنّ محطات الشحن الخاصة بها كانت لتدرّ ربحاً على الدولة لو أنَّ السوق لحق بمخططات وزارة الطاقة في هذا المجال، كونها لن تكون مدعومة، مضيفاً أنّه تلّقى هدية شخصية عبارة سيارة هجينة، ولكنه طلب من مُهديه أنّ تكون هبة لوزارة الطاقة وليس له شخصياً؛ وبذلك أصبحت سيارة وزير الطاقة الرسمية هي سيارة هجينة للتشجيع على استعمالها.

 دور السيارت الكهربائية بتخفيف الأعباء

الجدير بالذكر أنّ انخفاض منسوب استهلاك السيارات الكهربائية للمحروقات، ومع اتجاه الدولة اللبنانية لرفع الدعم عنها، لربما كان حلّ عقدة اللبنانيين مع المحروقات. بالمقابل، يعتبر أبي خليل أنّه لا يمكن الجزم بذلك، مؤكداً أنّها كانت لتخفف من وقع الأزمة، متابعاً أنّ هم اللبناني اليوم هو قوت يومه ومعيشته، لذلك لا يوجد إمكانية للتشجيع اليوم على السيارات الكهربائية والهجينة كونها ليست أولوية.

من جهةٍ أخرى، يرى الاختصاصي بالتنظيم المدني والنقل د. علي الزين  في حديثٍ لـ “أحوال” أنَّ المشكلة ليست بنوع السيارة إن كانت كهربائية أو على المحروقات، بل هي بنوع تصنيع السيارة بحد نفسها، مضيفاً أنّ اللبنانيين اليوم يعتمدون بتنقلاتهم على السيارة بشكلٍ أساسي، بنسبٍ تشابه أميركا وأوروبا، وبل أحياناً تتخطاها، وهو أمر يتناقض مع حجم بلدنا واقتصاده. ويرى الزين أنّه يجب التشجيع على ثقافة السير على الأقدام واستعمال الدراجة الهوائية، “وأهم خطوة يجب تعزيز فكرة النقل المشترك، وإنشاء شبكات نقل عام حديثة.

الفرق بين السيارة الكهربائية و التقليدية

يلفت الزين أنّه من ناحية الشكل لا تختلف  السيارات الهجينة والكهربائية عن السيارة العادية باستثناء غياب العادم فيها، أمّا من ناحية التشغيل، فيختلف النوعان بنسبة تصل إلى 70 % من الأجزاء المكوّنة.

السيارة الكهربائية: تحتوي على جزء متحرّك واحد هو المحرّك الكهربائي (يتطلب القليل من الصيانة)، جهاز التحكم والشاحن هما من الأدوات الكهربائية (لا يتطلبان الصيانة أو فقط القليل منها)، أمّا بطاريتها فهي من بطارية الرصاص الحمضي الحديثة المحكمة الإغلاق لا تحتاج أي صيانة، إلا أنّها بحاجة إلى استبدالٍ دوري بسبب عمرها القصير.

السيارة المشغلّة على المحروقات: تحتوي على مئات الأجزاء المتحركة، وتحتاج إلى صيانةٍ دائمة، بدءاً من تغييرات الزيت المتكررة، واستبدال الفلتر، والضبط الدوري، وإصلاح نظام العادم، إلى استبدال المكونات الأقل تكراراً مثل مضخة المياه،  ومضخة الوقود، والمحرك وغيرها.

إذن، من ناحية تكاليف الصيانة تبدو السيارات الكهربائية أوفر، بل يجري العمل على تطوير بطاريات تُكبّر نطاق هذه السيارات وتطيل عمر حزمة البطارية، مما قد يلغي الحاجة إلى استبدالها خلال عمر السيارة.

السيارة الكهربائية أوفر

لا تُعتبر السيارات الكهربائية أسهل وأرخص في صيانتها فحسب، يقول الزين، بل إنّها أيضاً أكثر كفاءة من محرك المحروقات وبالتالي، فهي أرخص في التشغيل؛ فإذا استندنا إلى كفاءة السيارة الكهربائية التي تبلغ 3 أميال / كيلوواط ساعة وتكلفة الكهرباء التي تبلغ 7 بوصات لكل كيلوواط ساعة، ستقطع السيارة الكهربائية حوالي 43 ميلاً مقابل 1.00 دولار، بينما السيارة التي تعمل على البنزين ستقطع حوالي 18 ميلاً مقابل 1.00 دولار، وذلك بناءً  على متوسط 22 ميلاً في الغالون لمركّبات البنزين وتكلفته، وهذا أقل من نصف المسافة التي تقطعها السيارة الكهربائية بنفس الكلفة.

التحديات أمام السيارة الكهربائية

ما زالت السيارات الكهربائية تعاني من تحدياتٍ عديدة لتصبح الآلية المعتمدة عالمياً منها:

  • النطاق المحدود المتاح بتقنيات البطاريات، حيث أنَّ مدى القيادة المتاح حالياً قبل الشحن يتراوح بين 50 و 150 ميلاً فقط.
  •  عدم توفر فنيي صيانة مهرة لخدمة وصيانة السيارة الكهربائية.
  •  السوق المحدود وغلاء سعرها؛ حيث أنَّ الطرازات الموجودة في السوق حالياً محدودة ويتخطى سعر الطراز منها 30 ألف يورو في أوروبا مثلاً ، أهم هذه الطرازات:

Renault Zoe (32 600€ بين  24 400€), VW eGolf (33 000€), Nissan Leaf (36 500€), BMW i3 (40 700€) Smart Fortwo (24 000€), Smart Forfour (24 500€) la VW eUp (23 000€)

تخفيف التلوث

لا تطلق السيارات الكهربائية أي ملوّثات في الغلاف الجوي عند قيادتها، ولا يوجد أكاسيد النيتروجين، والجسيمات الدقيقة، والهيدروكربونات غير المحترقة وأول أكسيد الكربون وغيرها من الانبعاثات ذات التأثير السلبي على الصحة العامة، ولكن يبقى بعض انبعاثات الجسيمات من الإطارات والمكابح.

ويشرح الزين أنّ السيارة الكهربائية تمتاز بأنّها صامتة تقريباً، مما يزيل التلوث السمعي في المدن وعلى المحاور الرئيسية. بالمقابل، قد يشكّل هذا الصمت خطراً على المارة كونهم قد لا يسمعون صوتها عندما تقترب منهم.  ويؤكد أنَّ التحول إلى السيارات الكهربائية له فائدة فورية لجودة الهواء في المدن وبالقرب من الطرق.

نسبة استخدام السيارات الكهربائية

أما من جهة الأرقام ، فيقول الزين أنّه بحلول عام 2019 ارتفعت مبيعات السيارات الكهربائية إلى 7.2 مليون سيارة بعد أن كانت 17000 سيارة فقط في عام  2010، 47% منها في الصين وحدها، وتسع دولٍ لديها أكثر من 100 ألف سيارة كهربائية على طرقاتها، 20 دولة على الأقل وصلت إلى حصص سوقية أعلى من 1% و 2%؛ هذا وتستمر البنية التحتية لشحن السيارات بالتوسع، ففي عام 2019 كان هناك حوالي 7.3 مليون جهاز شحن في جميع أنحاء العالم، منها حوالي 6.5 مليون جهاز شحن بطيء للمركبات الخفيفة في المنازل والمباني متعددة المساكن وأماكن العمل.

السيارة الكهربائية إلى السماء

كشفت شركة بريطانية النقاب عن تصاميم لسيارات أجرة طائرة تعمل بالكهرباء بالكامل، يمكنها نقل ما يصل إلى أربعة ركاب من لندن إلى برايتون VA-1X في غضون 30 دقيقة فقط. وستستخدم السيارات الطائرة للوصول إلى سرعة قصوى تبلغ حوالي 150 ميلاً في Formula 1 تقنية الساعة، ونطاق أقصى يبلغ حوالي 100 ميل، فيما تتوقع الشركة أن تبدأ رحلاتها التجارية في عام 2024، حيث ستنطلق بعد اختبار VA-1X الذي سيبدأ العام المقبل.

تقنية الفورمولا 1

هذا، ويعتمد تصميم المركبة تقنية تم تطويرها في الأصل لسباقات الفورمولا 1 – بما في ذلك استخدام مواد مركبة خفيفة الوزن. ومن المتوقع أن يبدأ التصنيع قريبًا في المملكة المتحدة، مع تصميم مصنّع لتلبية نفس معايير  السلامة مثل الطائرات التقليدية، حيث سيكون طول الطائرة 43 قدمًا مع 49 قدمًا من جناحيها، مما يضمن أنّها ستكون صغيرة بما يكفي للمغادرة والهبوط على مهابط طائرات الهليكوبتر الحالية- بينما يتطلب شكلها الديناميكي الهوائي طاقة أقل بكثير للطيران من نظيراتها.

 

الأزمة اللبنانية لن تُحل بتغيير الأنواع، وإنَّ هذا البلد الصغير يشكّل سوقاً استهلاكياً كبيراً في بعض المجالات، لدرجة أنّه يوازي دولاً عظمى، لذلك على الدولة تغيير هذا النهج القائم على الاستهلاك والانتقال إلى نهجٍ يناسب لبنان واقتصاده ومجتمعه، وهو أمرٌ يجب أنَّ تعتبره أولوية الحكومة المرتقبة، لأنه لن يهم إذا اعتمد لبنان على سيارات تعمل على المحروقات أو على الكهرباء أو حتى الطائرة منها، طالما النهج نفسه سائد.

محمد شمس الدين

كاتب وناشر على مواقع التواصل الإجتماعي ومعد برامج وتقارير.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى