أمن خلده إلى دائرة الخطر من جديد ومساعٍ للتهدئة
بعد هدوء متربّص وحذر عاد التصعيد الأمني في خلده من بوابة الشغب، تعرّض على إثره قيادي من حزب الله لهجوم مسلّح طال مكان عمله، فيما اقتصرت الأضرار على الماديات. هذا، وأفادت مصادر متابعة لـ “أحوال” أنّ التحركات الاستفزازية لم تتوقف بين الأطراف المتنازعة منذ الاشتعال الأخير بين مؤيدين لحزب الله وأبناء العشائر في اقتتال 27 آب الذي خلّف قتيلين وجرحى وأضراراً مادية.
وفيما علم “أحوال” من لسان الأطراف المتخاصمة نيّتها الحفاط على الاستقرار الأمني في منطقة تكتظ سكانياً، بقي الشارع متفلتاً في ظلّ “حضور الأجهزة الأمنية الغائبة فعلياً عن حفظ أمن المواطنين”.
ماذا تقول الأطراف المتنازعة وماذا عن سير عمل اللجنة التي تم تشكيلها مؤخراً من قبل عشائر لبنان مجتعمة لفضّ النزاع بالتعاون مع الحزب الديمقراطي وحزب الله؟
خلدة في خطر وعلى القضاء حسم أمره
أكّدت مصادر مطّلعة ومتابعة للملف لـ “أحوال” أنّ الخلاف في خلده واقع بين مناصرين لحزب الله وعرب خلده، في حين لم يتدخل حزب الله على أرض الواقع لا سيّما في أحداث 27 آب. ولفتت أنّ أول من أشعل خلده هو عمر موسى المعروف بالشيخ غصن، حيث حرّض الشباب على انتزاع اليافطة العاشورائية التي كانت معلّقة على لوحة إعلانية تعود ملكيتها لعلي شبلي مقابل السنتر، وتم تمزيقها وتحطيم المبنى؛ وأشارت المصادر نفسها أنّ شبلي تقدّم بشكوى قانونية رسمية، “فيما لم تتم محاسبة المتورّطين، ولم يتم إنصافه”. وتابعت المصادر أنّه في 27 آب تعرّضت أحياء لأعمال تخريبية وتم اطلاق نار كثيف من أكثر من مكان، واستمر لمدة خمس ساعات متواصلة، استهدف بناية آلـ شبلي التي تضم خمس عوائل، حيث رُميت منازلهم بالقذائف الصاروخية.
ولفتت المصادر نفسها أنّ حزب الله لم يتدخل، بل قام بالتنسيق مع الأجهزة الأمنية حول أحداث 27 آب، ولم يُعرف حتى الآن من هو مطلق النار، معتبرة أنّ لا دليل حتى الساعة على أنّ مطلق النار هو علي شبلي.
وفي السياق نفسه، قالت المصادر إنّ خلده تتعرّض منذ 45 يوماً لزعزعة أمنية، ويتعرّض سنتر شبلي لسرقات يومية، بالإضافة إلى أعمال تخريبية نتج عنها حرق لموّلدات كهرباء وخزان مازوت يملكها الأخير.
وبالعودة إلى 27 آب، كشفت المصادر أنّه تم إطلاق النار من قبل عشائر خلده على مطعم خيزران وأطيب فروج وغيرهما، بالإضافة إلى تخريب آليات، وحرق سنتر شبلي خلال إطلاق نار استمر نحو خمس ساعات، تم على إثرها الاتصال بالجيش والأجهزة الامنية. واستمر إطلاق النار في يوم تشييع الشاب حسن غصن، عقبته أعمال تخريبية بعد خمسة أيام، تخلّلها رمي قذائف موتولوف؛ ولفتت أنّ الأسماء معروفة، ولم يتم محاسبتها حتى الساعة؛ واستدركت، كيف يمكن لحزب الله إذن أن يطلب من علي شبلي تسليم نفسه في ظلّ الظروف الأمنية المتوترة وعدم الثقة بمسار التحقيق؟
من جهة أخرى، أكدت المصادر على ضرورة احترام حق المغدور حسن غصن، ولكن عبر القضاء ودون رمي اتهامات عشوائية، لافتة أنّ إطلاق النار يتم حالياً من جهة واحدة يتخلّلها تعقباً واستفزازاً وأعمالاً تخريبية تطال متابعين للمفاوضات بين الطرفين المتخاصمين.
وفي معلومات حصل عليها “أحوال”، تمت الإشارة خلال التحقيق إلى أسماء تعود لقياديين في حزب الله لم يكونوا موجودين خلال الأحداث، فاعتبرتها المصادر أسماء عشوائية واتهامات باطلة، في “ظل قضاء يعاني من اهتراء”.
بالمقابل، اعتبرت المصادر أنّ “هناك جهات تسعى للتحريض والقيام بأعمال “إرهابية” لا علاقة لعرب خلده بها، وكشفت أنّ رمي قذائف الموتولوف أتى بتحريض من عمر موسى الملقّب بالشيخ عمر غصن، وهو من يزوّد الشباب بالأسلحة وتدريبهم، وينقلهم بنفسه إلى المكان”.
إلى ذلك، كشفت أنّ القضاء على دراية بمطلق النار ولم يتم توقيفه؛ كما أشارت إلى سوابق لغصن من خلال تنفيذ أعمال شغب وتورّطه بأعمال سابقة تمسّ بالسلم الأهلي بالإضافة إلى المشاركة بقطع الطرقات وتوتير الأجواء في خلده. كما قالت المصادر إنّه بسبب الوضع الأمني الخطير، اضطرت عوائل لإخلاء منازلها وأرزاقها، موجهة رسائل للقوى الأمنية متسائلة عن دورها ودور الدولة في بسط سيطرتها، مشيرة إلى تورّط 70 شخصاً لم يتم تسليمهم، من بينهم من أطلق الرشاشات. كما لفتت المصادر أنّ الأجهزة الأمنية تعمل على إطلاق سراح الموقوفين بعد ساعات، مما يفقد التحقيق جديّته.
عائلة حسن غصن: خلده طابة نار
خلده مهدّدة بالاشتعال إذن من جديد في حال لم تثمر جهود التفاوض الأخيرة عن خلاصة وتعهد من الخصمين بوقف الاقتتال والتهديد والاستفزاز وظبط الشارع، شرط ملاحقة المتورطين، وبسط الدولة سيطرتها على منطقة أصبح فيها المواطن مهدّداً في تحركاته “خوفاً من لغم قد ينفجر به أو رصاصة قد ترديه قتيلاً”.
عائلة الضحية حسن غصن أوضحت لـ “أحوال” أنّ الملف أصبح في عهدة فرع المعلومات، وهناك 37 شخصاً مطلوبون من بينهم قائد المجموعات علي شبلي، “المتهم الأول بقتل ولدنا” متمنيين على القضاء أن يكون شفافاً وأن لا يأخذ التحقيق منحى سياسياً. ولفتت عائلة غصن ممثلة بعم القتيل، بلال غصن، أنّ “لا تصعيد مترقّب من قبلنا وقد وعدنا رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط بالتهدئة.”
وفي ظل القضم والتقسيم المناطقي الذي يجتاح لبنان، قال غصن “نحن على بوابة الجبل تحت راية أرسلان وجنبلاط، ولن نسمح لأيّ مخطط استلام المنطقة من قبل حزب الله”؛ مضيفاً، خلده محسوبة على جنبلاط وأرسلان ونحن نشكرهما على مساعيهما لفض النزاع، موضحاً “ما يحصل في خلدة ليس عبارة عن مشكل بل خلده مشتعلة كطابة نار”، آملاً أن تحقّق لجنة العشائر العرب التي أتت بتكليف من عرب خلده برئاسة الشيخ جاسم عسكر وطلال أرسلان هدف العائلة وهو تسليم علي شبلي للقضاء. ولفت غصن إلى أنّ لجنة العشائر المكلّفة تمتد من الجنوب والبقاع إلى الشمال، مشيراً إلى ضرورة تدارك الأمور و”إلاّ نحن أمام حرب أهلية”.
وأكد غصن “أنّنا نحن تحت سقف القانون”، لافتاً إلى مذكرات توقيف “لا يلتزم بها حزب الله على قاعدة علي شبلي هو قائد مجموعة الرضوان”.
وعن دور الأحزاب في سير المفاوضات، قال غصن إنّ الاشتراكي كما الديمقراطي متجاوبين، “ولكن الأخير محسوب على حزب الله، ومحرج في هذا الملف”؛ موضحاً أنّ تشكيل اللجنة الجديدة أتى بعد فشل الجهود السابقة بتسليم علي شبلي، لافتاً أنّ أحداث 27 آب حصلت بسبب تعليق صورة لسليم عياش، وليست اليافطة العاشورائية التي أشعلت الشرارة، “لن نقبل بتعليق صورة لسليم عياش في منطقتنا”.
وعن وضع العشائر في لبنان، وعن تعاطي الدولة بشأنهم، قال غصن: “الأجهزة الأمنية المحسوبة على حزب الله لا تتعاون معنا، بالمقابل هناك بعض الأجهزة الأمنية التي تتعاطى بشفافية”.
وطالب غصن بترحيل علي شبلي من خلده، مشيراً إلى أنّها “ليست المرة الأولى التي يحصل فيها اشتباك”، لافتاً إلى حادثة إطلاق نار حصلت عام 2013 نفّذها علي شبلي دون محاسبة، على حدّ قوله.
الديمقراطي اللبناني: مؤشرات إيجابية
أفادت معلومات خاصة لـ “أحوال” أنّ حزب الله وعشائر خلده أوكلا النائب طلال أرسلان بالتدخل في مسار المفاوضات الحاصلة. وأكدت مصادر الحزب الديمقراطي اللبناني لـ “أحوال” أنّهم على تواصل مع الأطراف المتنازعة لحل ملف خلده.
كما أشارت المصادر عن انبثاق لجنة جديدة من اتحاد العشائر العربية في لبنان مع إعادة تفويض النائب طلال ارسلان، مؤكدة “السعي لتحقيق طلب أهل الشهيد بتسليم المتورطين تحت سقف القانون والقضاء”.
إلى ذلك، نفت مصادر النائب أرسلان أن يكون حزب الله قد تمنّع عن تسليم المطلوبين، لافتة أنّهم منذ اندلاع الأحداث لم يكن هناك تدخلاً للديمقراطي، حتى عادت الأمور إلى طريقها الصحيح، و”نحن نتابع حالياً كل الخطوات والتطورات”. وتوقعت مصادر الديمقراطي حلحلة هذا الأسبوع، لافتة إلى مؤشرات إيجابية في طريقها إلى الحلّ. وشدّدت على ضرورة الحفاظ على السلم الأهلي في خلده و”حرص أرسلان على استتباب الأمن”.
الاشتراكي: مساعينا مستمرة لخفض منسوب التوتّر
وكانت مصادر الحزب التقدمي الاشتراكي قد كشفت عقب أحداث 27 آب في حديث لـ “أحوال” أنّهم عملوا على التنسيق بين الطرفين لوقف الاقتتال وفضّ الإشكال، ليعلنوا بعدها انسحابهم على قاعدة “لن نقبل باستغلالنا فقط لإيقاف المشكل، ولن نقبل بأن تتوقف الأمور عند هذا الحد”.
هذا، ولفتت المصادر نفسها أنّ الاشتراكي مهّد الطريق حينها للحزب الديقراطي لاستلام دفة التفاوض بعد تعهّد النائب طلال أرسلان بتسليم المتورطين سيّما المتهمين بقتل الشاب “حسن غصن” وشاب آخر سوري الجنسية. بالمقابل، عبّر الاشتراكي عن عدم ثقته بما ستؤول إليه المفاوضات عبر لجنة مستحدثة تضم عشائر العرب في لبنان بالتنسيق مع حزب الله والديمقراطي، معتبراً أنّه “لن يلتزم أي طرف من المفاوضات بواجباته أمام القضاء”.
بالمقابل، لفت الاشتراكي إلى أنّه لا نيّة للتصعيد الأمني في خلده، ولن يقبلوا بتوتير الأجواء بعد اليوم، مشيراً إلى قيام أطراف من عرب خلده باطلاق النار على محلات تجارية تعود لقياديين في حزب الله، موضحاً أنّه ليس كل من ينتمون لعشائر خلده يعودون بالقرار للاشتراكي بظلّ الإنقسام السياسي.