للأميركي مطالبه الحكوميّة أيضاً والعين على الحريري
يحاول رئيس الحكومة المكلّف سعد الحريري سباق الزمن لتشكيل حكومته قبل موعد الإنتخابات الأميركية، لأنّ الانتظار قد يعني الدّخول في دوّامة جديدة من المراوحة وتمرير الوقت، ولكن هذا لا يعني أنّ طريق الحريري مفروش بالورود، ولو أنّ العراقيل لا تزال تحت السّيطرة.
تكشف مصادر سياسيّة مطّلعة على مشاورات التأليف أنّ نقطتين أساسيتين كانتا أمس بحاجة إلى معالجة، الأولى تمثّلت بضغط أميركي لعدم مشاركة حزب الله نهائياً بالحكومة، لا عبر شخصية صريحة ولا غير صريحة، والثانية في مسألة توزيع الحقائب وعدد وزراء الحكومة.
ماذا يُريد الأميركي؟
نعم، من تابع الملف الحكومي منذ بدايته مع السفير مصطفى أديب، يعلم أنّ المطلب الأميركي بعدم مشاركة حزب الله في الحكومة لم يتغيّر، فالإدارة الأميركية تُريد الظهور بمظهر القادر على فرض الشروط، ولكنها مستعدة للوصول إلى حلول وسطيّة، وهذا الأمر كان أساس ما سمعه المسؤولون في لبنان من المسؤولين الأميركيين مؤخراً.
تشير المصادر إلى أنّ الأميركيين يضغطون باتجاهين، الأوّل هو عدم مشاركة حزب الله بالحكومة بشكل مباشر، ما يعني أن لا يكون للحزب مرشحه الواضح في حكومة الحريري، والثاني هو عدم بقاء وزارة الصحة مع الشيعة.
وتضيف المصادر: “بكل تأكيد يرفض حزب الله إعلان عدم مشاركته بالحكومة المقبلة، وهذا الموقف وصل إلى الرئيس المكلّف، وهو لن يقبل بأي شكلٍ من الأشكال الخضوع للمطلب الأميركي، ولكنه بالمقابل أبدى انفتاحه على الحلول الوسطية، وهو ما يُعمل عليه اليوم من قبل رئيس المجلس النيابي نبيه بري، إذ هناك محاولة لجعل الحصة الشيعية بالحكومة المقبلة حصة متكاملة، غير مقسومة بين حزب الله وحركة أمل، بحيث لا يكون للحركة أو للحزب مرشحين محسوبين عليهما، ويمر التوزير بطريقة سلسلة”، مشددة على أن الطرف الشيعي ينتظر موقف الحريري من المطالب الأميركية ومدى استعداده للانصياع لها ليُبنى على الشيء مقتضاه.
أما بالنسبة إلى وزارة الصحة، فتشير المصادر إلى أنّ هناك من أوحى للأميركيين سابقاً أن حزب الله يستفيد من وجوده في هذه الوزارة عبر إدخال معدات طبية وتقنية له، لذلك عبّر “الأميركي” عن رفضه لبقاء الحزب في “الصحة”، خصوصاً وأن هذه الوزارة تستقبل الأموال والمساعدات أكثر من أي وزارة أخرى. ولكن بالنسبة إلى حزب الله فهو لم يتمسّك بوزارة الصحة، بل أعلن انفتاحه على استبدالها بوزارات أخرى قدّم “هويتها” إلى الرئيس المكلف، ومنها على سبيل المثال وزارة التربية، وبالتالي لن تعرقل هذه المسألة مساعي الحريري.
الخلاف على عدد الوزراء
جاء الحريري في البداية مع طرح الحكومة المصغّرة من 14 وزيراً، ولكن بعد المشاورات وجد أن الجميع يؤيد حكومة أوسع، فذهب باتجاه حكومة الـ 18 وزيراً، وهي التي تضم: 4 وزراء موارنة، 4 وزراء سنة، 4 وزراء شيعة، وزيران للروم الارثوذكس، وزير درزي واحد، وزير أرمني واحد، وزيران روم كاثوليك، أو وزير روم كاثوليك ووزير للأقليات المسيحية، وبذلك تكون الحصّة الدرزية لوليد جنبلاط.
ولكن بحسب المصادر فإن هناك من يطالبه اليوم بالتوجه نحو حكومة أوسع لضمان مشاركة بعض الأطراف السياسية، وتحديداً إلى حكومة 20، والتي تضم عندها “2 دروز” بما يُتيح توزير “تحالف طلال أرسلان ووئام وهاب”، وهو أمر لا يزال غير متّفق عليه.
وتلفت المصادر النظر إلى أن حكومة الـ 18 وزيراً تعني أن وزيراً واحداً سيحمل أكثر من حقيبة، وحكومة الـ 20 أيضاً، لأن عدد الحقائب هو 21 حقيبة، كذلك فإن حكومة الـ 24 وزيراً تعني وجود وزراء الدولة، وهذا ما يصعّب الإتفاق على العدد.
تشير المصادر إلى أن هذه الحكومة، بحال تشكّلت، لا يبدو أنها ستكون حكومة الأشهر الستة كما قيل، بل ستكون حكومة العهد الأخيرة، التي ستُدير الإنتخابات النيابية المقبلة، وبالتالي لا يُريد أي طرف، ما عدا “القوات” التي راهنت على المعارضة للكسب الشعبي، أن يكون خارجها، لذلك يسعى رئيس الجمهورية لتوسيع الحكومة لضمان مشاركة الحلفاء.