سياسة

نصيحة وزير سابق: فتشوا عن حلول خارج “العلبة”

اذا كانت الازمة الضخمة التي تعصف بلبنان على كل المستويات تستوجب من حيث المبدأ اعلان حالة طوارئ حكومية واقتصادية لمواجهتها، فإن العكس هو السائد في لبنان، إذ ان حكومة تصريف الأعمال الممنوعة من الصرف ومن اتخاذ القرارت الاساسية، هي التي لا تزال موجودة في السلطة، مكبلة الصلاحيات ومقيدة الدور، بينما البلد يحتاج بشكل ملح الى حكومة أصيلة، “تنظم” الانهيار بالحد الادنى، في انتظار بدء المعالجة الجذرية.

ويعتبر وزير سابق، خبير في الشأن الاقتصادي – المالي، ان سوء التخطيط والادارة لمرحلة ما بعد وقوع الانهيار الكبير عام 2019، أدى إلى خسارة مجانية لمليارات الدولارات التي كان بالإمكان استخدامها لاعادة جزء من الودائع المصرفية الى اصحابها.

ويشير الوزير إياه الى ان التأخير في إقرار قانون الكابيتال كونترول، ومواصلة الدعم العبثي والفوضوي على بعض السلع حتى الامس القريب، والاستمرار في تسديد القروض الخاصة المستحقة للمصارف على سعر 1500 للدولار، هي عوامل ادت مجتمعة الى خسارة نحو 60 مليار دولار كان بالإمكان استخدامها لمعالجة اصل الازمة بدل استعمالها لتقطيع الوقت.

ويعتبر الوزير المختص في الملف الاقتصادي – المالي ان المفاوضات مع صندوق النقد الدولي تتم يشكل نمطي لا يعكس وجود أي قدرة على ابتكار حلول غير تقليدية، لدى كل من المفاوض اللبناني وادارة الصندوق.

ويلفت الوزير الخبير الى ان ممثلي الصندوق كانوا قد اعترفوا بأن طبيعة الازمة الاقتصادية المالية التي ضربت لبنان لا تشبه غيرها ولم يسبق ان صادفوا مثلها في الدول التي استعانت بمساعدتهم، ولذلك كان ينبغي التفتيش عن معالجات من خارج “العلبة” او سياق القواعد التقليدية التي يعتمدها الصندوق، إذ ان مشكلة استثنائية كتلك التي عصفت بالبلد تتطلب مقاربة استثنائية وهذه بالدرجة الأولى مسؤولية السلطة اللبنانية المعنية برد الحقوق الى اصحابها بعدما فرطت بها نتيجة سياساتها الخرقاء المتبعة عبر عقود، أما صندوق التقد فيطبق الوصفات الجاهزة “ومش فارقة معو شو بيصير”.

ويستغرب الوزبر الناقم على سلوك الطبقة الحاكمة، ان يتم اختيار أشخاص غير مؤهلين للتفاوض مع صندوق، مشيرا الى ان بعض المسؤولين يشتري الوقت فقط ولا يهمه سوى ان يتجاوز المرحلة الراهنة بأقل الخسائر عليه، بمعزل عن متطلبات المصلحة العليا.

ووفق رأيه، فإن سياسة تثبيت سعر الصرف كانت بمثابة الثقب الكبير الذي استنزف يشكل اساسي الأموال، وبالتالي بدل المعالجة تحت الصدمة كما يجري منذ عام 2019، كان الأصح تحرير سعر الصرف طوعا وعلى نحو متدرج منذ سنوات بالترافق مع تفعيل مجالات الاقتصاد المنتج لتعزيز الموارد بالعملة الصعبة، على أن يبقى قرار التحرير غير معلن تجنبا للتسبب بالاضطراب والهلع، لكن احدا من المسؤولين خلال عقود لم يتجرأ على اتخاذه.

عماد مرمل

عماد مرمل

اعلامي ومقدم برامج لبناني. حائز على إجازة في الصحافة من كلية الإعلام والتوثيق في الجامعة اللبنانية. عمل في العديد من الصحف السياسية اللبنانية. مقدم ومعد برنامج تلفزيوني سياسي "حديث الساعة" على قناة المنار.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى