مجتمع

في المنطقة الحدودية.. الكهرباء للأغنياء والبلديات تبتكر الحلول!

قرّر محمد قشمر، ابن بلدة رب ثلاثين (مرجعيون)، الاستغناء عن اشتراك المولد الكهربائي، الذي “بلغت قيمته خلال الشهر الماضي مليون ومئتي ألف ليرة، رغم كل الوسائل المعتمدة لتخفيض الاستهلاك”، مبيناً أن “الاعتماد على ضوء الشمعة، ولمبات التشريج المؤقت، هو الحل المتبقي لدينا، بخلاف الميسورين من أبناء البلدة الذين استبدلوا الاشتراك بالطاقة الشمسية”.

قبل ارتفاع ثمن المازوت، كانت مولدات الاشتراك تؤمن الكهرباء طيلة ساعات اليوم، والفقراء والأغنياء تصلهم الكهرباء معاً، والكل يستهلك حسب قدراته المالية؛ أما اليوم فقد لجأ الميسورون الى الطاقة الشمسية، فاستطاعوا تأمين الكهرباء شبه المجانية في منازلهم بالاعتماد على الطاقة الشمسية، وهذا انعكس سلباً على الفقراء ومحدودي الدخل “لأن أصحاب المولدات الخاصة والبلديات التي تؤمن اشتراكات الكهرباء للأهالي، كانوا يعتمدون في مداخيلهم لتغطية بدلات الصيانة والمازوت، على أصحاب المنازل الكبيرة من الميسورين، الذين كانت فواتير عداداتهم مرتفعة، وهؤلاء استغنوا مؤخراً عن طاقة المولدات، بعد اعتمادهم على الطاقة الشمسية، ما أدى الى فرض تقنين قاسٍ على باقي المشتركين، أو التوقف عن تشغيل المولدات”، بحسب أحمد عطوي، صاحب أحد المولدات الخاصة في المنطقة، الذي بيّن أن “الطاقة الشمسية هي للميسورين فقط، لكنها أدت وسوف تؤدي الى حرمان الفقراء من طاقة المولدات”.

يرى رئيس بلدية مجدل سلم، علي تامر ياسين، أن “عدم ايجاد حلول سريعة لتمكين الجميع من الاستفادة من الطاقة البديلة، سيؤدي لاحقاً الى توقف مولدات الاشتراك عن العمل”، اذ حاولت بلدية مجدل سلم خلال الشهر الماضي “تغطية الخسائر التي تكبدتها بسبب عجز الفقراء عن دفع فواتير الاشتراك، والتي وصلت الى 280 مليون ليرة، من خلال دعم بعض الخيرين، وعدم تشغيل المولدات الاّ في ساعات الحاجة الفعلية”.

كلفة تأمين الطاقة الشمسية لبلدة تضم 1400 وحدة سكنية تزيد على 750 ألف دولار أميركي، وهو “مبلغ لا يمكن لأي بلدية تأمينه، اذا لم تحض بعدم الجهات المانحة”، بحسب ياسين، الذي أشار الى أن “البلدية حصلت على موافقة من برنامج الأمم المتحدة الانمائي والبنك الألماني للتنمية لتمويل الطاقة الشمسية لتشغيل البئر الأرتوازي في البلدة”، كما عمد “حزب الله” الى تأمين الطاقة الشمسية لتشغيل البئر الأرتوزاي في بلدة تولين.

وفي بلدة حولا، انخفض استهلاك كهرباء المولدات بما يزيد على 35% ، “حتى أن عدداً كبيراً من الأهالي يمتنع في معظم ساعات التغذية عن استخدام الكهرباء الاّ للضرورة القصوى، أما الميسورين فقد بدأوا فعلاً بتأمين البديل عن اشتراك المولدات، مثل الطاقة الشمسية وكهرباء البطاريات المشرّجة”، بحسب رئيس البلدية شكيب قطيش، الذي بيّن أن “انخفاض استهلاك طاقة المولدات وارتفاع ثمن المازوت أوقع البلدية في عجر مالي كبير، ففي أحد الأشهر الماضية خسرت البلدية 80 مليون ليرة لأن الجباية انخفضت كثيراً نسبة الى كلفة تشغيل المولدات، بعكس ما كان يحصل سابقاً، وهذا سيضطرنا الى شراء مولدات صغيرة”.

وأشار قطيش الى أن “البلدية استغنت عن دورها السابق، وتفرّغت لتأمين الكهرباء والخدمات الاجتماعية والصحية، وهي تعمل بفعل الخيرين من أبناء البلدة على مواجهة المشكلات المعيشية والصحية”.

وأشار رئيس بلدية ميس الجبل، عبد المنعم شقير الى أن “البلدية في السنوات الأخيرة تفرّغت لمواجهة المشكلات الناجمة عن انقطاع الكهرباء وانتشار مرض كورونا، اضافة الى مساعدة المحتاجين”، مبيناً أن “مشكلة الكهرباء التي استطاعت البلديات مع أصحاب المولدات الخاصة معالجتها، تلبية لحاجة الأهالي، باتت عبئاً ثقيلاً على الجميع، ما جعل الأهالي يضطرون الى الاستغناء عن هذه الخدمة، ريثما تقوم الدولة بواجباتها”.

اللاّفت أن العمل البلدي التابع لـ”حزب الله” في المنطقة، استطاع بذل جهود جبارة، وفي فترة قياسية، للتخفيف من مشكلة الطاقة؛ فمنذ ارتفاع ثمن المازوت توجهت البلديات التابعة له الى انشاء مشاريع للطاقة البديلة، “كل بلدية حسب امكانياتها، وبمساعدة المغتربين وجهات مانحة، استطاعت الاستفادة من الطاقة الشمسية لحل جزء من مشكلة الكهرباء ومساعدة الأهالي”، يقول مسؤول العمل البلدي في حزب الله علي الزين، ويبين أن “العمل البلدي أقام دورات تدريبية لرؤساء البلديات لكيفية الحصول على الطاقة، والاستفادة القصوى منها والاستفادة من ألواح الطاقة الشمسية الخاصة بالميسورين عبر وصلها بشبكات المولدات التابعة للبلديات، وما يخفف من كلفة التشغيل، وكلفة الفواتير، لخدمة الفقراء”.

ويذكر الزين أن “بلدية قبريخا استطاعت تغطية ثلث حاجة الأهالي من الكهرباء، بعد تركيب ألواح الطاقة الشمسية وربطها بشبكة مولدات الاشتراكات التابعة لها، أما بلدية مجدل سلم فقد استطاعت الاستفادة من الطاقة الشمسية قبل الظهر لدعم كهرباء البلدية، وبعد الظهر لتشغيل البئر الأرتوازي”، مطالبا “بضرورة التعامل مع الخبراء والمهندسين المتخصصين، منعاً لحصول أي ضرر بخدمة الطاقة الشمسية”.

داني الأمين

داني الأمين

صحافي وباحث. حائز على اجازة في الحقوق من الجامعة اللبنانية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى