ميديا وفنون

فيلم Uncharted ملحمة سينمائية مليئة بالإثارة والتشويق

مغامرة الكنز المفقود المستوحاة من سلسلة ألعاب المغامرات الشهيرة Naughty Dog

بعد طرح فيلمه الأخير سبايدرمان ” العودة الى الديار”، يقدم توم هولاند لجمهوره ملحمة سينمائية مليئة بالإثارة والتشويق ومشاهد الحركة والأكشن، وحل الألغاز من أجل الوصول إلى الكنز المفقود. يشاركه بطولة الفيلم ثنائي أفلام الأكشن والمغامرات، مارك ويلبرج وأنطونيو بانديراس. يذكر أن الفيلم منسوب من سلسلة ألعاب الفيديو الشهيرة Uncharted وتم تحويله وتجسيده في فيلم سينمائي.

 

سياسة سوني في تحويل ألعاب الفيديو إلى أعمال سينمائية

إذا كنت من الأشخاص الذين لم يلعبوا سلسلة ألعاب Uncharted بعد، فإن هذا الفيلم سيجعلك تشعر بالحيرة والتسائل من أين جاءت كل تلك الضجة المحيطة به، ربما سيلقي بظلاله على جودة الألعاب نفسها. قد يكون ذلك مضراً بسلسلة الآكشن والمغامرة الرائعة من شركة Naughty Dog، الأمر الذي لا يفعل الفيلم اي شيء إطلاقاً لإصلاحه على الشاشة الكبيرة. لكن لو كنت من اللاعبين المخضرمين بسلسلة Uncharted، سينتابك شعور بالحيرة كيف أن Sony Pictures، بعدما أمضت ما يقرب من عقد من الزمن في السعي لهذا المشروع، تقوم بتغيير الكثير من المخرجين والممثلين والسيناريوهات، ثم لا تقدم سوى هذا الفيلم؟

Uncharted ليس بهذا السوء، عبارة عن فيلم مغامرات لا بأس به وإن كان غير متميز، لكنه ملتزم بكونه عمل يبحث عن الألغاز الصغيرة التي تمنحه الإحساس بالفضول التي تتمتع بها الألعاب. حل بعض هذه الألغاز الذكية يتطلب الكثير من البحث بالخرائط، وكنز مفقود مليء بالذهب، ومغامرة صاخبة تضع ناثان درايك في مواقف مستحيلة. فقد أعادت سوني صياغة وكتابة سيناريو لعبة Uncharted 4 مع إضافة قصة منشأ إليها. حيث يأخذ الكثير من العناصر من تلك اللعبة تحديداً، كما لو أن المؤلفين لم يلعبوا سوى بذاك الجزء وقرروا أنه سيشكل البحث الكافي.

 

Uncharted الحبكة المجهولة

يبدو أن القائمين على هذا العمل اهتموا فقط بمشاهد الأكشن، على الرغم من نجاح المخرج روبن فلايشر في تقديم الفيلم بقالب أكشن ومغامرات مليء بالأخطار ومشاهد الإثارة الصعبة، وفي الوقت نفسه خلق متعة خاصة لمحترفي اللعبة نفسها، خصوصاً أنه نفذ عدداً من المشاهد المطابقة لما ظهرت في اللعبة بشكل كبير الى أنه تعثر في طريقة إنجاز حبكة الفيلم.

ناثان درايك (توم هولاند) ساقي يافع في نيويورك ليس ماهراً فقط بصنع المشروبات، بل أيضاً بسرق المجوهرات الفاخرة من زبائنه. لماذا يفعل ذلك؟ لم تتوضح الفكرة، الفيلم لا يتعمق إطلاقاً لتفسير ذلك. سرعان ما يتحدث إليه فيكتور سوليفان (مارك والبيرغ) الذي يعرض عليه عملاً بالبحث عن ثروة مفقودة للقرصان فيرديناند ماجلان، والتي يقدر بأنها تبلغ المليارات.

يتعلق مصير القصة بأكمله على محبة نايت وشوقه لأخيه، مما يخلق الجوهر العاطفي ويوفر الدافع الضروري للشخصية. لكن الفيلم لا يتمكن من إقناعنا كثيراً في هذا الجانب. في حين أن لعبة Uncharted 4، التي قدمت لنا سام للمرة الأولى، استكشفت العلاقة بين الشقيقين في مشهد لقطات بلا شباك عميق ومكثف، مما ساعد على إضفاء ذاك الثقل العاطفي والمبرر لدوافع نايت في اللعبة. لكن يقدم الفيلم مشهداً مثيراً للضحك بقالب سيء التنفيذ يمتد على دقيقتين من نفس الطبيعة، والذي لا يقوم على الإطلاق بإظهار مدى المحبة التي يكنها الشقيقان لبعضهما البعض. بل كان المشهد خالياً من أية عاطفة لدرجة أنه يسرق أي زخم من دافع نايت الرئيسي، والذي يعتمد عليه السيناريو حرفياً لدفع القصة للأمام وترسيخها بما يكفي لمساعدتنا كمشاهدين على الاهتمام بالشخصية.

حتى أنه يمكن ملاحظة عقم السيناريو في النقطة التي يلتقي فيها نايت وفيكتور وكلوي فرايزر (صوفيا علي) ببعضهم البعض، حيث أنه تم تجميع المشاهد على عجلة، كما لو أن الفيلم نفسه لم يستطع الانتظار للتخلص من هراء تطور الشخصيات حتى يبدأ الآكشن فيه. من يحتاج إلى شخصيات مكتوبة بشكل جيد بأية حال؟

 

فشل توم هولاند في الخروج من عباءة سبايدرمان

في الحديث عن أداء الشخصيات في الفيلم، قد نجد أن اعتراض محبي هذه السلسلة على إعطاء دور البطولة إلى توم هولاند كان صائباً، فعلى الرغم من محاولة النجم البريطاني الخروج من عباءة شخصية «سبايدر مان» التي نجح في تقديمها خلال السنوات الماضية، إلا أن هولاند ما زال أسير هذه الشخصية مما قد يشكل له خطراً داهماً في السنوات المقبلة في أعماله المقبلة، هذا لا يمنع من القول إن النجم البريطاني حاول أن يضفي في بعض المشاهد لمسته الخاصة ولكن بسبب سوء النص والحوار لم يتمكن من جذب الانتباه.

فشل الفيلم أيضاً في تقديم الثنائية التي شاهدناها في اللعبة بين ناثان دريك وفيكتور سوليفان، إذ كان هناك نوع من البرود وعدم التوازن في الانسجام بين توم هولاند ومارك والبيرغ، فمرات ترى النجمين في حالة من التألق والاندماج ومرات أخرى تراهما وكأنهما في عالم آخر مختلف ولا يمثلان في الفيلم ذاته.

حتى الشخصيات الشريرة التي قدمها كل من النجم الإسباني أنتونيو بانديراس والممثلة الأمريكية تاتي غبريال لم ترتقِ إلى مستوى الشر العميق والجذاب، بل كان مجرد عابر سبيل في هذا الفيلم.

العزاء الوحيد هو الدور الذي قدمته الممثلة الأمريكية من أصول باكستانية صوفيا تايلور علي التي لعبت دور كلو فريزر، وهي إحدى الشخصيات الرئيسية في اللعبة، إذ تمكنت من تقمص الدور جيداً، وتستطيع أن تشكل ثنائياً ناجحاً مع توم هولاند في حال تم إكمال السلسلة سينمائياً.

 

 

نية لإنتاج جزء ثانٍ للسلسلة

على الرغم من الآراء المتباينة للفيلم التي صنفته بين المقبول والجيد، إلا أنه استطاع أن يجني أكثر من 226 مليون دولار أمريكي في شباك التذاكر العالمية، مستفيد من اسم اللعبة وشهرتها لدى محبي الألعاب الإلكترونية، وتعطش الجماهير لمشاهدة مثل هذه الأفلام في الصالات السينمائية عقب تجاوز آثار جائحة كورونا عالمياً. يمكن القول إن المشهد الأخير للفيلم وأيضاً ما بعده يوحي أن هناك نية لإنتاج جزء ثانٍ للسلسلة، ولكن يجب على الكُتّاب والمنتجين مراعاة النقاط السلبية التي وردت في الجزء الأول، خصوصاً في الجانب المتعلق بالحوارات وعمقها وعدم الانجرار وراء السرعة والتبسيط غير المفهوم، حتى لا يتم الوقوع في فخ “الحبكة المجهولة”.

 

يحيى الطقش

طالب لبناني يدرس الصحافة في كلية الاعلام في الجامعة اللبنانية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى