مشروع استعداد لبنان للصندوق الأخضر للمناخ
اختتمت أعمال مشروع استعداد لبنان للصندوق الأخضر للمناخ، الذي أقامته وزارة البيئة في 3 آب 2022 في فندق موفنبيك بيروت، برعاية وزير البيئة الدكتور ناصر ياسين.
وفي هذه الجلسة وضع مشروع استمرّ على مدى عامين أُعيد فيه إطلاق مناقشات تمويل المناخ في لبنان، على الرغم من الأزمات المتفاقمة وعلى أمل المساهمة في تعافي الاقتصاد الأخضر في البلاد، وتحقيق الاستدامة الاجتماعية والبيئية،
حضر ممثلو الهيئات الأجنبية والمحلية والمؤسسات العامة والشركات والمجتمع المدني وغيرهم من أصحاب المصلحة لتسليط الضوء على فرص الاستعانة بصندوق الأخضر للمناخ (GCF)في لبنان.
وقد ساهم مشروع الاستعداد هذا في تهيئة وصول البلاد إلى هذا الصندوق من خلال بناء القدرات المؤسسية، وتشجيع الأطراف المعنية ووضع حجر الأساس للمشاركة المستقبلية مع الصندوق الأخضر للمناخ وتحضير البرنامج الوطني بما يتماشى مع أجندة العمل المناخي الطويلة الأجل في لبنان.
وقال ياسين إن “مكافحة آثار التغيير المناخي معقدة ومشتركة عبر مختلف القطاعات والتخصصات، ونحن جميعاً نتحمل المسؤولية تجاه هذه القضية الوطنية والعالمية، كلّ في نطاق عمله، من أجل تجنب المزيد من الأضرار البيئية والاقتصادية والاجتماعية، والاستفادة من الفرص التنموية والمالية”.
التخفيف من آثار التغيير المناخي
وتسعى الوزارة إلى تفعيل دورها المركزي في تسهيل الاستثمارات الخضراء في لبنان لنقل البلاد إلى مستقبل مراعٍ للمناخ من خلال التعاون الحثيث مع القطاع الخاص والأطراف المعنيّة الأخرى.
في إطار هذا المسعى وضعت وزارة البيئة البرنامج الوطني، وإجراء عدم الاعتراض وقامت بحملة واسعة النطاق لاستقطاب أصحاب المصلحة. تُعتبر هذه الخطوات جوهرية لمساعدة لبنان على الاستعداد للوصول إلى موارد الصندوق من أجل التخفيف من آثار التغيير المناخي المحتملة وتنفيذ مشاريع التكيُّف.
وعلقت كارولينا فوينتس، مديرة قسم البرنامج الوطني في الصندوق الأخضر للمناخ، قائلة: “بدأ مشروع الاستعداد للوصول إلى الصندوق الأخضر للمناخ رحلته في تشرين الأول / أكتوبر 2019 وكان الهدف منه تعزيز الترتيبات المؤسسية في لبنان وزيادة قدرة المؤسسات على الاستفادة من هذا الصندوق. والآن ها نحن نشهد تحقيق هذا الهدف بنجاح”.
البرنامج الوطني هو الأداة الأساسية للتعامل مع الصندوق الأخضر للمناخ. وهو بمثابة خطة استثمار تعطي الأولوية لأفكار المشاريع التي يمكن أن تحصل على تمويل وفقًا لاحتياجات الوطنية المرتبطة بالتغيير المناخي في البلاد.
تطوير البرنامج الوطني
في إطار مشروع الاستعداد للصندوق الأخضر للمناخ، قادت وزارة البيئة عملية تطوير هذا البرنامج الوطني بناءً على أولويات التخفيف من آثار التغيير المناخي في لبنان وأهداف التكيف معه، كما هو مذكور في النسخة المحدّثة من مساهمة لبنان المحدّدة وطنياً في إطار اتفاقية باريس.
إجراء عدم الاعتراض هو الآلية الوطنية التي بموجبها تقوم وزارة البيئة، بصفتها السلطة الوطنية للصندوق الأخضر للمناخ بتقييم مقترحات المشاريع وإصدار كتاب عدم الاعتراض قبل رفعه إلى الصندوق الأخضر للمناخ للحصول على تمويل محتمل.
يتمّ تقييم المذكرات المفاهيمية وتقديم المقترحات بناءً على معايير الاستثمار الخاصة بالصندوق الأخضر للمناخ أي إمكانية التحول النموذجي، وإمكانية التأثير، وإمكانات التنمية المستدامة، واحتياجات المتلقي، وملكية الدولة، والكفاءة والفعالية.
كما يأخذ التقييم في الاعتبار الاحتياجات الوطنية المتعلقة بالتغيير المناخي على النحو المبين في البرنامج الوطني. وفي النهاية، يعود القرار النهائي في تأمين التمويل لمشروع ما إلى الصندوق الأخضر للمناخ.
أجرت وزارة البيئة دراسة أولية لجسّ النبض كونت من خلالها صورة عن مدى اهتمام القطاع الخاص بالتعامل مع تمويل المناخ والاستعداد له. تم إجراء مسح شمل 80 شركة مختارة من مختلف القطاعات في لبنان، إلى جانب 3 حوارات للقطاع الخاص عقدت جميعها بين آذار / مارس وأيار / مايو 2022.
بشكل عام، وفي حين أن اهتمام العينة التي شملها الاستطلاع بالعمل المناخي والاستثمارات فيه كان واضحًا، فقد برزت تحديات على مستويات مختلفة.
مسألة ملحّة
يؤمن 53٪ من المستجيبين بأن مسألة التغيير المناخي ملحّة؛ و65٪ من الأطراف المعنيّة التي شملتها الدراسة لديها بالفعل أفكار للتعامل مع التغيير المناخي في المستقبل. ومع ذلك، فإن هذا الزخم يتباطأ بسبب العديد من العوائق بما في ذلك عدم الاستقرار السياسي والاقتصادي الحالي، والمفاهيم المتصوّرة حول الافتقار إلى الأدوات المالية والدعم الرسمي، وارتفاع تكاليف الاستثمار.
على المستوى الداخلي، بينما يشارك العديد من الشركات المستجيبة في العمل المناخي على جبهات عدة (مثل الإبلاغ عن بصمة الكربون، واعتماد المواد المستدامة عبر سلاسل القيمة الخاصة بها، والسعي للحصول على الطاقة المتجددة داخلياً.
لا يربط 45٪ من الشركات التي شملها الاستطلاع هذه الإجراءات المناخية بمؤشرات الأداء الرئيسية وأهداف الاستثمار الأخضر للشركات.
نحو اقتصاد أكثر خضاراً
رغم القيمة العالية لهذه المبادرات إلا أن هناك حاجة إلى إجراءات جذرية أخرى على مستوى الشركات لتعزيز التحول النموذجي نحو اقتصاد أكثر خضاراً بما في ذلك على سبيل المثال لا الحصر: نشر الوعي بالتغيير المناخي ودمج الاعتبارات البيئية والاجتماعية والحوكمة، والاستثمار في مشروع تحولي واسع النطاق.
يفتح صندوق المناخ الأخضر، من خلال القطاع الخاص، نوافذ على فرص للاستفادة من الأدوات المالية اللازمة لتنفيذ مثل هذه الاستثمارات التحويلية الواسعة النطاق سواء عبر التخفيف من آثار التغيير المناخي أو التكيف معها بالتعاون مع أصحاب المصلحة الآخرين من القطاع الخاص أو العام، من أجل تحقيق قيمة والمساهمة في مكافحة آثار التغيير المناخي في لبنان.
في هذا الإطار، ذكرت كارولينا فوينتس:” نحن على ثقة من أن الحكومة اللبنانية ستستمر في الاستفادة من دعم الصندوق الأخضر للمناخ. يقف الصندوق الأخضر للمناخ إلى جانب لبنان وهو مستعد لدعم هذا البلد لتسريع العمل المناخي من خلال التمويل المبتكر والشامل”.