سياسة

مسؤولون لبنانيون تعهدوا لـ هوكشتاين بعدم استخدام القوة إن لم يحصل اتفاق الترسيم

حطيط لـ"أحوال": الوسيط الأميركي "يُخدّر لبنان" والمقاومة ستتحرك قبل أيلول

حملت زيارة ومواقف الوسيط الأميركي في ملف ترسيم الحدود الجنوبية عاموس هوكشتاين إشارات متناقضة تراوحت بين الإيجابية والسلبية، ما يفتح الباب على تفسيرات عدة رغم المناخ التفاؤلي الذي تعمّد المسؤولون ضخه بعد خروجهم من اجتماع بعبدا، ما يضع الملف أمام خيارات صعبة قد تكون الحرب العسكرية إحداها إذا طال أمد عودة الوسيط الأميركي الى لبنان إلى ما بعد المدة التي حددها الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله أي مطلع أيلول المقبل.

ووفق معلومات “أحوال”، فإن الإيجابية الوحيدة التي تُسجل هي الموقف اللبناني الموحد الذي عبّر عنه الرؤساء ميشال عون ونبيه بري ونجيب ميقاتي والاتفاق على الخط الحدودي، وذلك بعدما كان الموقف الرسمي مشتتاً في الزيارات السابقة للوسيط الأميركي.

ويتلخص الموقف الرئاسي الذي تبلغ به هوكشتاين خلال الاجتماع بشكل مباشر بالتالي: لبنان لن يتنازل عن الخط 23 وحقل قانا كخط للترسيم ولا عن حق التنقيب والاستخراج، ولن يقايض شمال الخط 23 بجنوبه، كما لن يقبل بالاستثمار المشترك مع إسرائيل.

وتشير أجواء بعبدا لـ”أحوال” في هذا السياق أن الوسيط الأميركي خرج من اللقاء متيقناً بأنه إذا مضى شهر آب من دون التوصل الى اتفاق وفق المطالب اللبنانية فإن منصات النفط والغاز الإسرائيلية لن تكون بمنأى عن الاستهداف.

كما عرض هوكشتاين في اللقاء مع الرؤساء، مقايضة بين شمال الخط 23 وجنوبه، بما يضمن لإسرائيل ثُلث بلوك رقم 8. لكن العرض قوبل برفض لبناني مطلق.

ووفق المعلومات أيضاً فإن الموفد الأميركي وبعد الحديث عن ملف الترسيم، حاول نقل الموضوع الى شروط البنك الدولي لتفعيل خط الغاز العربي والحصول على استثناءات للبنان من قانون قيصر وعن الهبة الإيرانية، ما استدعى تدخل الرئيس عون والطلب منه الالتزام بملف الترسيم وعدم الغوص بملفات أخرى.

الخبير في الشؤون العسكرية والاستراتيجية والمتابع لملف الترسيم الدكتور أمين حطيط يُحذر عبر “أحوال” من أن زيارة هوكشتاين جاءت بمهمة واحدة هي جس نبض الموقف اللبناني الرسمي من احتمالات عدم الاتفاق على حل لملف الترسيم، والثاني تضليل المسؤولين اللبنانيين بالحديث عن الأجواء الإيجابية وقرب الاتفاق للاستمرار بسياسة ذر الرماد في عيون المفاوض اللبناني وفي عيون المقاومة بجرعات مخدرة لتمرير شهري آب وأيلول موعد بدء استخراج الغاز في كاريش لفرض أمر واقع على لبنان والمقاومة ونزع ورقة التحرك العسكري لا سيما وأن العدو لن يتنازل قبل الانتخابات الإسرائيلية في تشرين المقبل”.

ويشير العميد حطيط إلى مؤشرين سلبيين في مواقف الوسيط الأميركي:

الأول إعلانه العودة الى لبنان خلال أسابيع وبالتالي ترك المهلة مفتوحة ما يعني أنها قد تتجاوز الأول من أيلول موعد استخراج الغاز والحد الذي رسمه السيد نصرالله للتحرك العسكري ضد أعمال الاستخراج في كاريش.

الثاني: سؤاله المسؤولين اللبنانيين خلال اجتماع بعبدا عن ضمانات بعدم استهداف باخرة الاستخراج الإسرائيلية إذا لم يتم التوصل الى اتفاق، وهذا قد يحتمل تفسيرين الأول وجود خلفية لدى هوكشتاين بأن المفاوضات لن تؤدي الى أي اتفاق ويريد جس نبض الدولة حول نتيجة الأمر، أو أنه يريد ثبر أغوار موقف الدولة الحقيقي والنهائي من تهديدات المقاومة، لتحديد هامش المناورة لإسرائيل في تجنب العودة الى التفاوض وتوقيع اتفاق الترسيم ومضيها في عملية الاستخراج”.

ويرى حطيط أن “الوسيط الأميركي فرض على اللبنانيين في السابق معادلة التفاوض بالتزامن مع منح العدو الإسرائيلي حق الاستمرار بأعمال الاستخراج وحتى لو لم تفعل مفاوضات الناقورة، ما سمح للعدو بتوقيع عقود النفط والغاز مع الشركات ومع مصر ومع أوروبا، في المقابل لم يستطع لبنان حتى استخراج ثروته الغازية في المنطقة الغير متنازع عليها بسبب الفيتو الأميركي وإرهاب الشركات الملزمة للبلوكات اللبنانية، بالتزامن مح حصار اقتصادي مالي أميركي أوروبي خليجي جائر على لبنان، بهدف الضغط على الدولة والمقاومة للتنازل في ملف الترسيم وملفات حيوية ومصيرية أخرى لصالح إسرائيل”.

ويلمس حطيط إيجابيتين من مداولات اجتماع بعبدا: “الأولى الموقف الرئاسي اللبناني الموحد، والثاني تغير أدبيات وأسلوب خطاب هوكشتاين من العجرفة والسخرية والترهيب الى منطق التهدئة والحل والخوف على أمن إسرائيل، أما السبب فهو رسائل المقاومة الأمنية ومواقف ومعادلات السيد نصرالله الأخيرة، والتي دعمت المفاوض اللبناني بعناصر القوة الميدانية التي تقلق أميركا وإسرائيل”.

لكن السلبية تجسدت بموقف بعض المسؤولين اللبنانيين بعد الاجتماع والايجابية المفرطة التي تماهت مع تسويق هوكشتاين للإيجابية، وتكشف جهات مطلعة لـ”أحوال” أن “بعض المسؤولين اللبنانيين وعدوا هوكشتاين بعدم اللجوء الى القوة ريثما يتم التوصل الى اتفاق على الترسيم، ما يسمح للإسرائيلي ضمان عدم استهداف باخرة الاستخراج بعد أيلول”.

وأبدى حطيط استغرابه الشديد لموقف وزير الخارجية عبدالله بو حبيب الذي يتخلى عن ورقة المقاومة والفيديو المسيّرات بدل أن يتسلح بها ويستخدمها في المفاوضات. وسلط حطيط الضوء على التناقض في تصريح وزير الخارجية أمس، فإذ به يتبرأ من جهة من الفيديو والمسيّرات ثم يرسم معادلة أن “عدم الاتفاق يعني لا غاز في لبنان ولا في إسرائيل”. وتساءل: “على ماذا يستند بو حبيب من أوراق قوة لفرض منع استخراج الغاز في إسرائيل غير قوة المقاومة؟ لا سيما وأن المسيّرات الفيديو فرضا على هوكشتاين العودة الى لبنان وإعادة الاعتبار للموقف اللبناني الذي تجسد في اجتماع بعبدا أمس”.

ويبدي حطيط اعتقاده بأن المنطقة باتت على مفترق طرق قد تكون الحرب أحد خياراتها اذا استمرت المماطلة بمطالب لبنان، والحرب ليست في مصلحة إسرائيل ولا مشروع غاز المتوسط الى أوروبا، جازماً أن المقاومة ستتحرك عسكرياً قبل أيلول.

محمد حمية

محمد حمية

صحافي وكاتب سياسي لبناني. يحمل شهادة الماجستير في العلاقات الدولية والدبلوماسية من الجامعة اللبنانية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى