فنانات للمرأة العربية: كوني جارية واصمتي
نجوى كرم وأحلام ونادين نجيم وشيرين ضدّ حقوق المرأة
ليس غريباً في عالمنا العربي أن تسمع تصريحات “ذكوريّة فجّة” من فنانة وليس من فنان. فالفنانات بعضهن يحاول إرضاء المجتمع الذّكوري ولو عن طريق جلد الذّات، وبعضهنّ نتاج تربية تقليديّة تظهر في كل مرّة يتحدّثن فيها عن أمور خارج إطار الفن، فتظهر الموروثات التي طبعت شخصيّتهن، وجعلت بعضهنّ يحتقر المرأة، ويعتبرها أداةً للإنجاب وإرضاء الرّجل فحسب، رغم التحرّر الظّاهر على مظهرهن الخارجي وطريقة حياتهنّ.
فقبل أيام، أثارت الفنانة نينا عبد الملك الجدل، بعد اعتبارها في تصريح لها أنّ وظيفة المرأة الأساسية هي الإنجاب وتربية الأجيال، متسائلة عن جدوى مطالبة المرأة بالمساواة مع الرجل وتحمّل مهامه الصعبة.
لم تسلم نينا من الانتقادات التي وصلت حدّ التجريح، من قبل نسويّات غاضبات رأين أنّ نينا نسفت تاريخاً من النّضال بتصريحها الذي اختصر المرأة بوظيفة بيولوجيّة فحسب.
هذا الجدل يعيدنا بالذاكرة الى تصاريح مماثلة لفنانات شهيرات، أطلقن تصريحات “ذكورية” عرّضتهن للكثير من الانتقادات.
فقد كان للممثلة نادين نسيب نجيم تصريحاً جريئاً، قالت فيه إنها مع أن يقيم الرجل علاقات متعدّدة قبل الزواج كي لا يصبح ضعيف الشخصية، مضيفة أنّها ليست مع المساواة بل تفضّل أن تكون المرأة امرأة وأن يبقى الرجل رجلاً، كما قالت بأنّها مع أن يقيم ابنها علاقات قبل الزّواج وترفض الأمر حين يتعلّق بابنتها.
وعارضت حق المرأة في منح جنسيّتها لأولادها، ونشرت على “تويتر” مقولة جاء فيها “أفكر كرجل وأتصرف كإمرأة”، الأمر الذي عرّضها لهجوم شرس.
بدورها، قدّمت الفنانة نجوى كرم نموذجاً للفنانة التي تمثّل النّظرة التقليديّة تجاه المرأة، ورغم الانتقادات التي تعرّضت لها، تمسّكت بآرائها بل تعمّدت تكرارها، لدرجة أنّها في برنامج “أرابز غوت تالنت” اختارت مشتركاً قدّم “سكيتش” عن حقوق الرجل، رغم اعتراض زميليها في اللجنة علي جابر وأحمد فهمي، وعادت وكتبت بعد الحلقة على “تويتر” نصيحة للمرأة بعدم المطالبة بحقوقها من خلال تغريدة جاء فيها ” السّت الناجحة كإمّ وزوجة ما بتعترِض على حقوقها لأن متأكّدة إنّها بتكون ملكة على عرش مملكة عيلتها وبتكون تاج البيت.”.
كما صرّحت في أكثر من مناسبة أنها “لا توافق على أن تزيد حقوق المرأة عن حدّها ولا أن يضعف الرجل أمام المرأة وإلا سنصبح في خطر”. وأضافت في إحدى الحوارات المتلفزة أنّها “لا تتخيّل رؤية الرجل وهو يقوم بالاهتمام بالأولاد في الوقت الذي تقول فيه الزوجة “جايي تعبانة””… كل هذا كان عادياً ومقبولاً إلى حد ما، إلى ان قالت إنها ترفض ان تعمل المرأة بهدف ملء الفراغ، لأن عملها “كامرأة” بين التنظيف والطبخ وتربية الأولاد لا يمكن ان يجعلها تشعر بالملل، إضافة إلى اعتبارها أنه لا تجوز أن تطغى شخصية المرأة على الرجل لأن الرجل هو رأس البيت.
وصرّحت أنّ زوجها السابق يوسف حرب ضربها ضرباً “خفيفاً” في إحدى شجاراتهما، واعتبرت الأمر عادياً.
الفنانة أحلام بدورها لم تسلم من الانتقادات، بسبب آرائها في ما يخص علاقة المرأة بالرجل، وبالتحديد عندما قالت إنّ الرجل عمود البيت ولا ينتقص من المرأة إن هي اهتمت به وغسلت رجليه وقبّلتهما أيضاً… إضافة إلى رفضها المطلق قيادة المرأة للسيارة داخل المملكة العربية السعودية، موقف ما لبثت أن اعتذرت عنه بعد أن سمحت المملكة لنسائها بالقيادة.
أما المشهد الدرامي فكان من نصيب الفنانة شيرين عبد الوهاب التي صرّحت خلال حفل مباشر لها في السعودية العام الماضي “بما أننا لا نستطيع الاستغناء عن الرجال، فمن الأفضل أن نسمع كلامهم، لماذا نعذبهم؟… خلاص رفعنا الراية البيضاء”، لتعود وتصف منتقديها لاحقاً من النسويات بأنهن “عوانس”. كما أنّها دعت زوجها في إحدى حفلاتها للصعود إلى المسرح والحديث نيابةً عنها لأنه يجيد الكلام أكثر منها حسب تعبيرها، قبل أن تقوم بتقبيل يده على المسرح.
على المقلب الآخر، سخّرت بعض الفنانات فنّهن وإطلالاتهنّ وجماهيريّتهنّ، للمطالبة بحقوق المرأة وتسليط الضّوء على قضاياها.
من بينهنّ الفنانة كارول سماحة التي تعتبر من أكثر الفنانات دعماً لحقوق المرأة، من خلال حسابها على “تويتر”، كما أنّها أطلقت صرخة مدوية في أغنية “المطلقة” والتي تحكي عن نظرة المجتمع الشرقي تجاه المطلقات، في رسالة إنسانية اجتماعيّة مؤثّرة.
وقبلها، خاضت الفنانة نوال الزغبي معركة الحضانة، فحوّلتها إلى قضيّة عامة من خلال أغنية “فوق جروحي” التي غنّتها بعد انفصالها عن زوجها إيلي ديب، دعت فيها الرجل إلى عدم محاربة طليقته بأولادهما.
وقبل أيام، أصدرت الفنانة كارول صقر أغنية “خلاص” التي تحكي مآسي المطلقات اللواتي حرمن من حضانة أطفالهن، وهي الأغنية التي كتبتها السيدة دوللي خباز التي نامت ثلاثة أيام متتالية في سيارتها أمام أدراج الصرح البطريركي بهدف إعادة فتح قضية طلاقها التي أدّت إلى حرمانها من الحضانة.
كما قامت الفنانة هدى سعد بإطلاق أغنية “ما تفكرنيش” وكانت أول فنانة عربية تطرح قضية تعنيف المرأة في كليب من إخراج وليد ناصيف، لتكرّ بعد ذلك سبحة الأعمال المماثلة ومنها كليب الفنانة إليسا في أغنية “يا مرايتي” التي دعت فيها النّساء إلى التحرّر من سطوة رجلٍ يعنفهن.
بين الفنانة المدافعة عن حقوق المرأة، وتلك التي تمارس تحرّرها في ساحة فنيّة كسرت قيود المجتمع ثم تطلق تصريحات مناهضة لحقوق المرأة، ثمّة جدل لا ينتهي إلا أنّه يقود إلى نتيجة واحدة، أنّ بعض التصريحات تُطلق كي تثير الجدل، في وسط يركض فيه النّجوم خلف الأضواء ولو أحرقتهم.