مجتمع

مبادرة “هلا بالخميس” تدعم أهل جباع الجنوبيين في غياب وزارة الاقتصاد

لطالما دعمت الدولة اللبنانية مادتي الطحين والمازوت من احتياطاتها النقدية كونهما أهم مادتين لاستهلاك الشعب. اليوم مع هبوط سعر العملة المحلية أمام الدولار وفقدان القيمة الشرائية للمواطن وسّعت الدولة اللبنانية دائرة المواد المدعومة، وأصبحت تشمل مواداً عديدة تُعتبر أساسية للمواطن كالدواء والغذاء؛ ولكن ما زال المواطن يعاني رغم هذا الدعم، إن كان بسبب الأزمة الاقتصادية وارتفاع الأسعار أو بسبب سوء إدارة طريقة الدعم التي تضع المواد المدعومة تحت سيطرة المحتكرين.

إلى ذلك، يقبع المواطن تحت سلسلة تهديدات تطال أمنه المعيشي من خلال رفع الدعم مّما يجعله رازحاً تحت ثقل جديد من الهموم المعيشية. لهذا السبب تنتشر اليوم في لبنان مبادرات من الأحزاب والجمعيات ومبادرات فردية لمساعدة المواطن الذي يعاني من أزمة تلو الأخرى.

مبادرة فردية انطلقت من مجموعة واتساب

إحدى المبادرات التي تهتم لشؤون المواطن في ظلّ غياب وزارة الاقتصاد، هي مبادرة “هلا بالخميس” التي انطلقت عبر مجموعة واتساب لشباب قرية جباع الجنوبية.

في هذا السياق، أنشأ ابن جباع “وائل أبو حيدر”، مجموعة واتساب له ولأصحابه من شباب القرية، سماها “هلا بالخميس” تيمناً بالترند المشهور في العالم العربي؛

الأزمة الاقتصادية حوّلت المجموعة من طريقة تواصل لتبادل النكات والفيديوهات إلى مجموعة ذات طابع خدماتي إنساني، بحيث تعمل المجموعة على مساعدة العوائل المحتاجة. أول المبادرات قضت بكسر سعر كيلو اللحمة عبر لحّام القرية الذي هبّ لمساعدة أهل بلدته متحملاً بنفسه فرق السعر والخسارة، ليقوم زميله في ما بعد بتحمّل فرق السعر معه، ومن هنا كرّت المسبحة لمبادرات أخرى.

تفاجأ أبو حيدر بالإقبال الشديد من أبناء البلدة من المغتربين والميسورين وحتى من أبناء الطبقة الوسطى؛ وقال لـ “أحوال” : “انطلاقاً من مبدأ فقير يساعد مسكين، بدأت الحملات أولاً باللحم والدجاج والبيض والخبز، حيث كان أعضاء المجموعة يقومون بشرائهم بسعر الجملة وبيعهم بأقل من كلفته، لدرجة وصلت الأسعار إلى ما يقارب سعرها على قيمة سعر صرف الليرة 1500 للدولار، بل حتى أقلّ، فقد وصل سعر ربطة الخبز في بعض الحالات إلى 500 ليرة، متحملين الفرق من جيوبهم وجيوب من يساعدهم من أبناء القرية داخل وخارج لبنان”. وتابع، بدأت الفكرة  تلقى رواجاً كبيرأ، وأقدم المقتدرون على دعم مباشر للدكاكين كي يبيعوا بأسعار مناسبة، بل أيضاً بادروا إلى تغطية ديون الناس خاصة المتراكمة منها في الصيدليات؛ ثمَّ بدأت أزمة الدواء وانقطاعه، عندها بادر المغتربون إلى تأمينه لأهل القرية مجاناً، وبعدها بدأ الدعم من المجموعة للخضار والفواكه وحتى توزيعها مجاناً على معدومي الحال. ولفت أبو حيدر أنّ المجموعة لم تنسَ موسم المدارس حيث بدأت بدعم القرطاسية لتلامذة القرية وتأمين رسوم التسجيل بالمدرسة الرسمية والكتب مجاناً.

تخطط المجموعة الآن لدعم الزيت بحسب أبو حيدر، “والهدف أن يكون سعره كما كان على سعر صرف الدولار 1500 ليرة، مضيفاً أنّه يتم العمل على فكرة لدعم المازوت والغاز في القرية أيضاً كوننا على أبواب الشتاء”. وأكد أنَّ هذه المبادرة الإنسانية حرّكت الدورة الاقتصادية في قرية جباع، حيث بدأ أهالي القرى المجاورة بالتسوق من المحلات المدعومة في البلدة بسبب أسعارها الرخيصة، مردفاً أنَّ الفكرة بدأت تنتشر في القرى المجاورة حيث بدأ شبانٌ ووجهاء في قرى عين بوسوار وكفرفيلا وكفرحتى بالمبادرة لتنفيذ نفس مبادرة الدعم الذي تقوم به المجموعة، لافتاً أنّه يطمح أنّ تمتد المبادرة إلى كل قرى إقليم التفاح، متمنياً أن تُعمّم على كل البلدات اللبنانية في هذه الظروف الصعبة.

يبدو أنَّ الأزمة الاقتصادية والنقدية في لبنان ستلازم البلد لوقت طويل، وبينما يقترب مصرف لبنان من عتبة توقيف دعم الأساسيات، تنتشر المبادرات الفردية في مختلف المناطق كدلالة على معدن الشعب اللبناني الطيب، ولكن إلى متى سيبقى المواطن يحلّ مكان دولته؟

محمد شمس الدين

محمد شمس الدين

كاتب وناشر على مواقع التواصل الإجتماعي ومعد برامج وتقارير.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى