انتخابات

الحريري يصفي حساباته مع القوات اللبنانية والسنيورة

بات الرئيس سعد الحريري مقيما في موقع حرج على مسافة ايام قليلة من موعد الانتخابات النيابية في 15 أيار، بعدما أصبح شبه وحيد في مقابل اتجاهات الآخرين داخل طائفته وصولا الى الرياض.
ومع ان الرجل قرر تعليق العمل السياسي والعزوف عن خوض الانتخابات النيابية الا انه يبدو في قلب الواقع السياسي والاستحقاق الانتخابي.
لم يخضع الحريري حتى الآن للضغوط الرامية الى دفعه نحو الطلب الصريح من قواعد تيار المستقبل الاقتراع، وهو طلب يهدف عمليا الى تجيير أصوات هذه القاعدة للقوات اللبنانية والحزب التقدمي الاشتراكي واللوائح المدعومة من الرئيس فؤاد السنيورة ومن قوى أخرى مناهضة لحزب الله والتيار الوطني الحر.
وما فاقم من حرج الحريري ان السعودية ومفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان، بكل ما يرمزان اليه سنيا، هما اللذان يضغطان في اتجاه حض الناخبين السنّة على المشاركة في الانتخابات والامتناع عن المقاطعة، ما أوحى بأن رئيس “المستقبل” أصبح في مواجهتهما، مع ما يمكن أن ترتبه هذه المواجهة من تبعات عليه.
ولكن، هل سيكون الحريري قادرا على “العزف المنفرد” ام انه سيضطر في نهاية المطاف إلى مسايرة الرياض ودار الفتوى وبالتالي دعوة مناصري تياره علنا الى الاقتراع؟
يؤكد العارفون ان الحريري ليس في وارد التعميم على مناصريه بضرورة التصويت الأحد المقبل، بل سيترك لهم حرية القرار، اقتراعا او مقاطعة.
وبهذا المعنى، فإن الحريري يوحي بأن أيام “زي ما هيي” ولّت الى غير رجعة، وبانه غبر معني بأن يخوض معارك من غدر به واساء اليه، من دون مراعاة مقتضيات التحالف المفترض.
ولعل الحريري يشعر الآن بأن ليس لديه ما يخاف عليه او منه بعدما قرر تعليق العمل السياسي والنشاط النيابي، وبالتالي فهو لم تعد تحكمه حسابات او مصالح تتعلق بالسلطة، كما كان الأمر سابقا، الأمر الذي حرره نسبيا ووسع هامش حركته.
وبناء عليه، لا يجد الحريري سببا لتجيبر أصوات قاعدته الشعبية الى القوات اللبنانية التي يتهمها بخيانته في أكثر من مناسبة، ولا الى الشخصيات المدعومة من الرئيس فؤاد السنيورة الذي تمرد على خيار الحريري بتجميد النشاط السياسي والنيابي وأصر على أن يخوض الانتخابات عبر رعاية مرشحين في العاصمة وخارجها.
وتشن بعض اوساط “المستقبل” في الغرف المغلقة حملة عنيفة على السنيورة، متهمة إياه بالمزايدة على الحريري ومعتبرة ان عليه وحده أن يتحمل مسؤولية القرار الذي اتخذه وأن يُقلّع شوكه بيده.
من الواضح أن الحربري يريد اثبات ان مقولة “البعد جفا” لا تصح دائما، وانه لا يزال الزعيم الأقوى للطائفة السنية، حتى لو امتنع عن الترشح الى الانتخابات النيابية واختار مغادرة الملعب السياسي والجلوس على المدرجات الى حين.
ولكن هل سيصمد الحريري أمام العاصفة السعودية التي عكستها صحيفة عكاظ؟
هذا ما ستُبينه المرحلة المقبلة.

عماد مرمل

عماد مرمل

اعلامي ومقدم برامج لبناني. حائز على إجازة في الصحافة من كلية الإعلام والتوثيق في الجامعة اللبنانية. عمل في العديد من الصحف السياسية اللبنانية. مقدم ومعد برنامج تلفزيوني سياسي "حديث الساعة" على قناة المنار.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى