سياسة

تقسيم بيروت.. بين الإنماء والطائفية!

ثمة من يخترع اشتباكاً مبكراً حول العاصمة بيروت، رغم أن الفارق الزمني عن إجراء الانتخابات البلدية والاختيارية إلّا أن بعض نواب بيروت وفعالياتها السياسية، المسيحية خاصةً، أبرزوا مطلب تقسيم بلدية بيروت إلى بلديتين.

وعلى غرار تقسيم الدوائر الانتخابية يطرح هؤلاء الانقسام إلى بلديتين، بين بيروت الأولى وتضم مناطق الأشرفية، والصيفي، والرميل، والمدور والمرفأ، وبيروت الثانية التي تضم مناطق ميناء الحصن، والباشورة، وراس بيروت، والمصيطبة، وزقاق البلاط، والمزرعة وعين المريسة.

لكن الأسباب المعللة لهذا الطرح أيقظت انقساماً طائفياً، كانت بيروت تبذل جهداً كبيراً لتناسيه. وأظهرت المواقف والتصريحات من تقسيم العاصمة رغبةً مسيحية ورفضاً إسلامياً للفكرة.

الانقسام الطائفي فوق ركام بيروت المنكوبة والمحشوة بالفقراء في أحياء الأشرفية كما في أحياء البسطة، حيث يغيب الإنماء ويسود الإهمال.

عاصمة الوطن الذي أكل لحمها وشرب من دماءها من تعاقبوا على المسؤولية في البلدية، التي نهبت واردات البلدية وباعت صفقاتها بالتراضي لحيتان المقاولات، لم تتوحد أحزابها “المسيحية” سوى على فكرة التقسيم وليس الإنماء والنهوض بالعاصمة.

الكلام المتجدد حول تقسيم بلدية العاصمة إلى الواجهة. وهو قرار يحتاج إلى تعديل قانوني وممره الإلزامي مجلس النواب.

النائب في كتلة التيار الوطني الحر ادكار طرابلسي مشى حوّل فوراً القانون إلى فكرة وتقدّم من المجلس النيابي باقتراح قانون يقضي باستحداث بلديتين في العاصمة واحدة في كل من الدائرتين الانتخابيتين الاولى والثانية تتحدان في اتحاد واحد ويكون صندوقهما وعملهما تشاركياً.

والاقتراح برأيه، ينسجم مع اللامركزية الادارية ومن شأنه أن يفعل العمل الانمائي.

وللقوات اللبنانية أيضاً مشروعها، حيث سيتقدم النائب غسّان حاصباني، الذي جعل من ضرورة انتخاب مجالس محلية في بيروت جزءاً من حملته الانتخابية النيابية، بمشروع آخر للتقسيم. وهذا المشروع أساسه “إنشاء مجلسين بلديين مؤلفين من 12 عضواً لكل مجلس، على أن يكون هنالك مجلس موحد يخطط وينفذ القضايا المشتركة”.

في المقابل، يرفض كل من النائب محمد خواجة، عضو كتلة “التنمية والتحرير” برئاسة رئيس البرلمان نبيه بري، والنائب في كتلة “نواب التغيير” إبراهيم منيمنة، طرح تقسيم بلدية العاصمة، معتبرين أنه “طرح طائفيّ بامتياز ويسيء إلى بيروت وأبنائها”. فيما رأى فيه مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ عبد اللطيف دريان “إرهاصات” لن تمرّ.

التعليق اللاذع كان لأمين عام “تيار المستقبل” أحمد الحريري، الذي قال “ما حدا أكبر من بيروت. باقية واحدة موحدة في وجه “التقسيميين الجدد””.

وتابع “تعلموا من الماضي والحاضر، بيروت أكبر من تقية وعنصرية قوى وتيارات لا تتفق إلا على التقسيم وضرب قواعد العيش المشترك. قبل الانتخابات كنتوا عم ترشحوا زيت الوحدة والعيش الواحد. شو عدا ما بدا؟”.

بالنسبة للنائب منيمنة فإن الطروحات الشعبوية لا فائدة منها سوى استثارة النعرات.  وقال “إن معالجة مسألة بلدية بيروت وأزمة الخدمات وضعف الإنماء في المدينة يتطلب البحث بصلب المشكل الإداري والخدمي المتعلق بالمرتبة الأولى بالهيمنة السياسية على بلدية بيروت لسنوات طوال وثانياً بالصلاحيات المعطاة للبلدية كسلطة منتخبة والتي تصطدم بصلاحيات الجهات المعينة وخاصة المحافظ”.

حجم بيروت ودورها يتطلب سلطة محلية منتخبة ولديها القدرة على الحكم واتخاذ القرارات، لا بلديات مقسمة طائفياً تسعى لتغليب المصالح الضيقة على مصلحة المدينة.

إلى أين سيقود هذا الجدال المستجد؟ حتماً إلى مزيد من الإهمال والحقوق المهدورة لبيروت وأهلها…

 

رانيا برو

أحوال

موقع أخباري يصدر عن شركة مدنية غير ربحية في بيروت، يقدم من خلال مساحة رقمية حرة وعصرية أخبارًا سريعة، عظيمة الثقة، لافتةً للنظر، ثريةً، وتفسيرًا للاتجاهات الحالية والمستقبلية، التي تؤثر في أحوال الناس.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى