ميديا وفنون

أسرار وتفاصيل صناعة الموسيقى بالأرقام:هل يشتري الفنانون مشاهدات كاذبة؟

غسان شرتوني يكشف لـ "أحوال" تبدّل صناعة الموسيقى من الـCD إلى الديجيتال

الموسيقى… عالم خاص وغريب ولصناعته تفاصيل وأسرار. هذه الصناعة التي تشهد تطوراً مستمراً منذ عقود، أضحت اليوم من أهم الصناعات في العالم بعد دخولها العصر الرقمي. ومن هنا ضرورة أن يعي الفنان والمنتج معاً أهمية تطوير المحتوى القادر على الجمع بين الفن والعلم، وبين الحنين الى الجذور والتطور الحاصل في كل ما يخصّ طرق الاستماع الحديثة. من الكاسيت الى المنصّات. CD وصولاً الى ال

“احوال” توجّه إلى المنتج غسان شرتوني الذي شرح لنا أسرار صناعة الموسيقى في عصر الديجيتال، وحقيقة ما يحكى عن شراء الوهم من خلال شراء أرقام المشاهدات على اليوتيوب.

23 مليار دولار كان حجم مبيعات الـCD عام 2000

لطالما كانت الشركات تشكو من نشر إنتاجاتها عبر الإنترنت بشكل غير شرعي، اليوم انقلبت المعادلة تماماً، وأصبح الأنترنت هو الفضاء المتاح لنشر الأعمال الفنيّة بشكلٍ أساسي. عن هذا الأمر يقول الشرتوني

“منذ العام 2000  امور كثيرة تغيرت في صناعة الموسيقى. في العالم العربي لم يكن هناك صناعة حقيقية بسبب القرصنة، ثم بدأت ظاهرة نشر الأعمال عبر الانترنت دون حقوق، ما ساهم في تدمير هذه الصناعة… فانحدرت أرقام مبيعات الـ “سي دي” تدريجياً الى أن تم التوصل الى حلول من خلال وضع أطر قانونية لذلك. المبيعات حول العالم عام 2000 كانت تقريباً 23 مليار دولار، وابتداء من العام المقبل سنصل مجدداً إلى هذه الأرقام بفضل الـ Streaming.

أما عن اختفاء ما كان يعرف ببيع الألبومات، يقول شرتوني إنّ المبيعات كانت قليلة لأنّ الدول التي كانت تحمي أسواقها من القرصنة بدورها قليلة. ويتابع ” اليوم ارتفعت المبيعات ولكن بطرق أخرى. كنا نقول الألبوم كذا حقق مبيعات كذا، ثم صار الحديث عن عدد مرات الاستماع، وبات يمكن معرفة التفاصيل بدقة”.

60 مليون دولار مداخيل صناعة الموسيقى في العالم العربي

ويعتبر الشرتوني أنّ المنصات والمتاجر الرقمية كثرت، لأنّ التكلفة انخفضت وأهمّها تكاليف الطباعة والتخزين والتوزيع. وأكثر المنصات رواجاً هي “يوتيوب ميوزيك” وانغامي وديزر و Spotify و Apple واليوتيوب المجاني.

ويتابع “برأيي الأقوى حالياً هو الانتقال من الفوضى الى التنظيم لأن هذا هو ما سيسهم في ازدهار صناعة الموسيقى. المداخيل في العالم العربي تقدّر بحوالي 60 مليون دولار سنوياً، وهو رقم متواضع لكنه سيكبر مع الوقت وقد نرى في المستقبل منصات تندمج معاً. “.

شراء الوهم

ويحسم شرتوني الجدل الحاصل في ما يخص شراء بعض الفنانين لنسب المشاهدة ويقول إنّ هذا الأمر غير صحيح، ويضيف إنّ اغنية dynamite  لفريق Bts  حققت مئة مليون مشاهدة في يوم واحد. ويتابع ” لا ننسى أنّ عدد سكان العالم اقترب من 8 مليار نسمة، وهناك مليارين يدخلون “يوتيوب” شهرياً، إضافة الى باقي المنصات. لهذا من الطبيعي أن تتحقق أرقام مماثلة. قد يلجأ بعض الفنانين الى الترويج عبر اعلانات غوغل لرفع نسب المشاهدة، لكن لا يستطيعون ذلك مع كل الأغنيات لأنه أمر مكلف جداً. وبالتالي أكثرية الأغنيات التي تحقق أرقاماً بالملايين يتردد نجاحها بين الناس”.

هكذا يحقّق الفنانون الملايين

حوالي 120 أغنية عربية تخطت المئة مليون مشاهدة وهي أغنيات ناجحة ومشهورة، ومن هنا يؤكّد شرتوني أنّ “التلاعب بالأرقام محدود جداً جداً ويظهر مع الوقت، وهنا أدعو الصحافة الى تأدية دورها في ما يخص المراقبة. نقرأ مثلاً عن أغنية حققت مليون مشاهدة في اليوم الأول، بينما يأخذ الأمر اكثر من شهرين لتحقيق المليون الثاني…. هذا يعني أنه اشترى المليون الأول (الشراء بمعنى دفع مقابل اعلانات). ربما لجأ البعض في السابق الى مشاهدات كاذبة Fake views  لكنها تختفي بعد ذلك وتتم إزالتها… الملفت في هذه التقنيات الجديدة أنه بات ممكناً معرفة إن كان الشخص الذي دخل الى الموقع استمع ام لا، والى كم ثانية استمع وهناك تفاصيل تقنية كثيرة تشير بوضوح الى نجاح العمل او فشله”.

شرتوني الذي تدير شركته إدارة أعمال الفنان ناصيف زيتون يقول إنّ هذا الأخير ” لديه مليار و350 مليون مشاهدة عبر قناته على “يوتيوب”، ونجد بالفعل أن أغنياته ناجحة جداً الى جانب نجاح حفلاته جماهيرياً. لنفرض أنه يشتري مشاهدات”يوتيوب”، هل يمكن أن يفعل ذلك أيضاً مع “انغامي” وكل المنصات الأخرى؟ هذا مستحيل. واذكر أيضاً اغنية “3 دقات” و”المعلم” وغيرها من الأعمال التي حققت أرقاماً ضخمة… أما عن اليسا فهي دون شك فنانة رقمية بامتياز ولها قاعدة جماهيرية حققت سابقاً نصف مليار مشاهدة عبر “انغامي” وهذه أرقام حقيقة لا تلاعب فيها”.

وداعاً للحصريّة

أمّا الحصريّة التي تعتمدها بعض شركات الإنتاج عبر المنصّات الرقميّة، فيقول شرتوني إنّها لا تفيد في سوق غير ناضج.  ويتابع “هناك أولويات لكن لا يفترض بأي جهة ان تسحب محتواها من أي منصة لأن الكل سيخسر بسبب أمور غير مبررة”.

وعن مستقبل هذه الصناعة قال الشرتوني إنّ عالم الموسيقى مقبل على تطوّر كبير وسوف تزيد الاستثمارات وكذلك الأرباح بسبب الضوابط القانونية التي تم وضعها. ويتابع “على الفنان أن يكوّن الى جانبه فريق عمل محترف، لأن تركيبة “فنان ومدير أعمال” كما في السابق لم تعد مجدية في ظلّ التطور الذي نشهده. يجب ان يضع خطة رقمية لأي أغنية ينوي إصدارها، إضافة الى ضرورة ان يتعامل مع شركة ذات خبرة وليس مجرد دفع المال هنا وهناك، بمعنى الجمع بين الفن والعلم وهي خلطة أساسية. عدد شركات الانتاج لا يتعدى الخمسة بينما سوق العالم العربي يحتاج الى 3000 جهة منتجة ليغطي احتياجات 500 مليون شخص. هناك جهات ستدخل قريباً في مخططات ضمن صناعة الموسيقى منها “شويري غروب” وشركة “العبار”. وفي ما يخص شركتنا “وتري” سنستمر بصناعة قصص النجاح وبمساعدة كثيرين ليحققوا النجومية.”

وختم شرتوني بالإعلان عن بدء شركته بمساعدة شركات ناشئة للانطلاق لتنافس بهدف زيادة الابداع وليس بهدف إلغاء أحد.

 

 

 

رولا نصر

صحافية لبنانية تعمل في المجال الفني والاجتماعي منذ 1997. حاورت اشهر النجوم العرب وشاركت في تغطية كبرى المهرجانات في مختلف العواصم العربية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى