مأساة طريق الجديدة لم تنتهِ بعد ومبنى آيل للسقوط يهدّد المنطقة
يومان على انفجار طريق الجديدة . مواطنو شارع “اسكندراني ” او ” زاروب الحشاشة” كما يسميه سكان المنطقة، في غيبوبةٍ، يعجزون عن استيعاب ما حصل. لم يستفق هؤلاء بعد من كارثة انفجار مرفأ بيروت ، ولم يغب صوته عن سمعهم، لتقع الكارثة القرب منهم بعد انفجار خزان البنزين.
_فرضيتان وراء الانفجار
الثامنة مساءً ومع سماع دوي الانفجار تحوّلت طريق الجديدة الى منطقة منكوبة في ثوانٍ معدودة. للوهلة الاولى رجّح سكان المنطقة ان يكون الانفجار أمنياً، خصوصاً أنّ المنطقة تشهد لمواجهات بين متحزبين باستمرار.
بدايةً، هرع شبان المنطقة لتفقد المكان. نجحوا في اسعاف من استطاعوا تلبية اغاثاتهم ، بانتظار وصول عناصر فوج الاطفاء والدفاع المدني.
فرضيات الانفجار عديدة . الفرضية الاولى والاساسية جاءت على لسان مصدر امني يقول : احتكاك كهربائي حصل أثناء عملية افراغ البنزين في مستودع عائد الى المواطن عبد الرحمن سوبرا .
و يشير المصدر إلى أنً سوبرا كان قد خزّن ألف ليتر من البنزين في خزان داخل المستودع، وبعد اكتشافه لتسريب المادة تحت الارض، عمل على سحبها، واثناء تشغيل المولد حصل احتكاك كهربائي ادى الى انفجار خزان للمازوت موجود في المكان نفسه.
اما الفرضية الثانية فجاءت نقلا عن شاهدة عيان وهي ممرضة كانت قريبة من موقع الانفجار، وكانت في طريق عودتها من منزل اتصل بها طالباً منها المساعدة . تروي الاخيرة انها شاهدت صاحب المستودع مغمى عليه ومرمي على الارض. لم تجرؤ على الاقتراب منه لأنها لم تكن ترتدي القفازات وذلك للوقاية من كورونا. وتؤكد ان رائحة البنزين كانت تفوح بشدة في المكان وقد تكون هي من تسببت بشعور سوبرا بالاختناق والاغماء عليه . وترجّح الممرضة انه اثناء نقل سوبرا الى المستشفى حضرت عناصر من الصيانة وعملت على رفع الديجانتير الكهربائي ما ادى الى حصول احتكاك كهربائي بسبب تسريب مادة البنزين.
وفي كلتي الحالتين يوقع أهالي المنطقة اللوم على سوبرا وهو حاليا قيد التحقيق ، لقيامه بتخزين المحروقات، رغم ذلك ليس الوحيد من قام بذلك، إذ عمد المواطنون الى تخزين المحروقات تزامناً مع ما أُشيع عن أخبار رفع الدعم عن المحروقات.
_ مأساة توأمين في شهرهما الرابع
كانت حصيلة الانفجار سقوط 3 ضحايا ، أحدهم لبناني وهو صهر صاحب المستودع وأب لطفلين ، إضافة الى ضحتين من الجنسية السورية. ومن بين الجرحى عائلة حمادة السورية التي تتكون من رجل وزوجنه وتوأميهما رشا ومدحت البالغ من العمر 4 اشهر واللذان تعرضا لحروق بالغة. وهنا تقع المأساة الحقيقية بعد نقل أفراد العائلة المذكورة الى طوارئ مستشفى المقاصد التي اكتفت باسعاف الوالدين فقط.
وكانت المستشفى تكتظّ بأبناء المنطقة الذين ساهموا في نقل الجرحى . وبادر أحدهم، ويُدعى حسن شقير، الى نقل التوأمين بواسطة سيارة فوج حرس بيروت، فقام شقير وعناصر الحرس بجولة على عديد من المستشفيات ومنها جعيتاوي المتخصصة في معالجة الحروق، وجميعها رفضت استقبال التوأمين. وحدها مستشفى اوتيل ديو فتحت أبوابها لهما وقدّمت لهما العناية اللازمة، بعد تعليمات من وزارة الصحة اللبنانية ، مع العلم أن العائلة مسجّلة رسمياً مع المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، والتي من المفترض أن تكون قد تكفّلت بها اليوم.
ويشير الطبيب المشرف على حالة التوأمين في مستشفى ” اوتيل ديو” الدكتور ايلي شويري ل”أحوال”، أن ” الصبي التوأم مدحت مصاب بنسبة خمسة في المئة من الحروق في جسمه وهي حروق من الدرجتين الاولى والثانية، في حين ان شقيقته رشا تعاني من حروق من الدرجتين الثانية والثالثة في جسمها كافة ومجاري التنفس ، وهي تخضع حالياً للعلاج في العناية المركزة، وحالتها حرجة”.
_مبنى آيل للسقوط
وبالعودة الى أجواء منطقة طريق الجديدة المنكوبة. تسود أجواء من الذعر بسبب الانفجار الذي أدّى إلى أضرار جسيمة في تسعة مبانٍ سكنية، أحدها آيلٌ للسقوط ولم يغادره سكانه بعد. ومن بين هؤلاء السكان أرملة تعيش مع أطفالها اليتامى، وعائلات سورية.
يُذكر أن المستودع حيث وقع انفجار المازوت، يقع في المبنى الذي يملكه سوبرا وأيضا ًتعرّضت شققه لكثير من الاضرار.
والمعروف عن المنطقة أنها مكتظة بالسكان ، وبعد انفجار خزان المازوت عمد عدد من المواطنين إلى التخلّص من مواد المحروقات التي قاموا بتخزينها خوفاً من رفع الدعم عنها ، وذلك خشيةً من تكرار الحادثة.
وفي المشهد نفسه، تسود موجة غضب من قبل المواطنين على صاحب المستودع، متهمين إياه بانه قام بتخزين البنزين لأسباب تجارية، وأنّه كاد أن يتسبب بمجزرة كبيرة.
وبانتظار ما سيصل اليه التحقيق مع سوبرا ، فقدَ سكان طريق الجديدة أملهم الاخير بامكانية عيشٍ كريم وبسلام ، وهم الآن في حالة ، يكاد كل واحد منهم يرتعب من الخوف عند سماعه صدى صوت إغلاق الباب بشدة.
زينة برجاوي