دائرة الشّمال الثانية: مؤشّرات لانخفاض متوقّع في نسبة الإقتراع
تؤكّد أغلب التوقّعات واستطلاعات الرأي التي جرت في الآونة الأخيرة، أنّ نسبة الإقتراع في الإنتخابات النيابية المقرّرة في 15 أيّار المقبل ستكون منخفضة، خصوصاً في الدوائر ذات الأغلبية السنّية، وأنّ هذا الإنخفاض سيؤثّر بلا شك على النتيجة النهائية للحواصل الإنتخابية وعلى نتائج الإنتخابات ككل.
يردّ مراقبون إنخفاض نسبة الإقتراع في الدّوائر الإنتخابية ذات الطابع السنّي، أو في الدوائر التي يوجد فيها أقليات سنّية، إلى عاملين: الأوّل مشترك بين النّاخبين السنة وبقية النّاخبين من بقية الطوائف والمذاهب الأخرى، وهو الأزمة الإقتصادية والمعيشية الخانقة التي تدفع كثيرين إلى العزوف والمقاطعة، وعدم التوجّه إلى صناديق الإقتراع للإدلاء بأصواتهم.
أمّا العامل الثاني فهو أجواء الخيبة والإحباط التي تسيطر على قسم كبير من الشّارع السنّي، أكثر من غيره، بعد انسحاب الرئيس سعد الحريري وتيّار المستقبل من المشهد الإنتخابي كليّاً، ترشّحاً واقتراعاً، وعزوف رئيس الحكومة نجيب ميقاتي عن خوض الإستحقاق الانتخابي، وهما إنسحاب وعزوف أدّيا إلى غياب أكبر قطبين سنّيين عن شارعهما.
في دائرة الشّمال الثانية التي تضم طرابلس والضنّية والمنية، وهي الدائرة التي يقتسم ميقاتي والحريري النفوذ فيها، كونها الدائرة الوحيدة التي يتشاركان فيها الحضور السّياسي والشعبي والإنتخابي، يبرز مشهد عزوف النّاخبين ومقاطعتهم المحتملة للإنتخابات أكثر من أيّ دائرة إنتخابية أخرى.
أحد المؤشّرات على المقاطعة المحتملة للإنتخابات في هذه الدّائرة، كما في الدوائر التي يغلب عليها الطابع السنّي، كان إستطلاع رأي أجراه في 13 نيسان الجاري الباحث والخبير بالشّأن الإنتخابي، ورئيس مركز الإحصاء والدراسات الإستراتيجية الدكتور إيليا إيليا.
فقد كشفت نتيجة الإستطلاع بما يتعلق بالنسبة المئوية المحتملة للمقترعين، بأنّ عدد النّاخبين الذي يبلغ في هذه الدورة 377111 ناخب، يتوقع أن يقترع منهم 140193 ناخب بنسبة مئوية تبلغ 37.18 في المئة، بتراجع واضح عن النسبة المئوية لانتخابات عام 2019 التي بلغت 43.34 في المئة، بعدما اقترع عامها 151759 مقترع من أصل 350144 ناخب مسجل على لوائح الشّطب.
هذه النسبة العامّة المتوقعة للإقتراع في هذه الدّائرة، تختلف ضمن الدّوائر الصغرى التي تضمّها هذه الدّائرة، وهي دوائر طرابلس والضنّية والمنية. فحسب إستطلاع الرأي المذكور، يتوقع أن تبلغ نسبة الإقتراع في طرابلس 34.11 في المئة (في دورة إنتخابات 2018 كانت النسبة 39.63 في المئة)، بعد اقتراع محتمل لنحو 86791 مقترع من أصل 254438 ناخب مسجلين على لوائح الشّطب، في حين ستبلغ النسبة المئوية في المنية 39.46 في المئة (بلغت في دورة الإنتخابات السّابقة 51.16 في المئة) بعد تصويت محتمل لـ 18944 مقترع من أصل 48008 ناخبين مسجلين على اللوائح، لكنّ هذه النسبة يتوقع أن ترتفع في الضنّية لتصل إلى 46.15 في المئة (كانت في الدورة الاسبقة 51.74 في المئة)، إذا أدلى حسب التوقعات 34458 مقترع بأصواتهم من أصل 74665 ناخب مسجلين على لوائح الشّطب.
مظاهر التراجع المتوقع لإقبال النّاخبين على صناديق الإقتراع في هذه الدّائرة كثيرة ومتنوّعة، وهي تبدأ من إنخفاض ملحوظ في انتشار الصور واليافطات الخاصّة بالمرشّحين في السّاحات والشّوارع والأحياء وعلى الشّرفات، إنْ نتيجة تراجع حماسة النّاخبين لتعليقها أو بسبب تكلفتها المالية المرتفعة مقارنة بما كانت عليه في الدورة الماضية.
يُضاف إلى ذلك، أنّ الماكينتان الإنتخابيتان لتيّار المستقبل وتيّار العزم جمدتا نشاطهما، وهما تعتبران الأكبر والأكثر إمتلاكاً للقدرات المالية والبشرية واللوجستية والتجهيزات مقارنة ببقية الماكينات الإنتخابية الأخرى، ما جعل المشهد الإنتخابي في طرابلس على وجه التحديد يبدو خجولاً للغاية، بشكل لم تعرفة المدينة من قبل في أيّ إستحقاق إنتخابي سابق.
عبد الكافي الصمد