انتخابات

ميقاتي يعزف عن الترشّح والفراغ السنّي ينتظر من يملأه

صادماً كان الخبر الذي سُرّب أمس عن توجّه الرئيس نجيب ميقاتي نحو العزوف عن الترشّح للإنتخابات النيابيّة المقبلة، وأصاب بالذّهول مناصري تيّار العزم الموالين له، الذين بقوا حتى يوم أمس لا يصدّقون كلّ الشّائعات والأقاويل التي رجّحت أن يمتنع ميقاتي عن خوض الإنتخابات، وأنّه في آخر لحظة سيُعدّل موقفه إيجاباً.

لكنّ مصادر مقرّبة من ميقاتي أكّدت لـ”أحوال” قراره بالعزوف عن الترشّح، لافتة إلى أنّه “سيعلن موقفه بشكل رسمي مطلع الأسبوع المقبل، وأنّه قرار نهائي لا عودة عنه”، غير أن المصادر الميقاتية شدّدت بالمقابل أنّ “هذا العزوف لا يعني إنسحاباً من الحياة السياسية اللبنانية، فهو سيبقى فيها لاعباً فاعلاً ومؤثّراً”.

مؤشّرات عدّة سبقت خطوة ميقاتي الإنسحاب من المشهد الإنتخابي، آخرها كان إعلان عضو كتلته النّائب نقولا نحّاس عدم ترشّحه للإنتخابات بعدما كان سبقه تصريحات من شخصيات إلتقت ميقاتي في الآونة الأخيرة أبلغها أنّه لن يخوض الإستحقاق الإنتخابي، برغم تمنيها عليه العدول عن قراره الذي لم يكشف أسبابه الفعلية بعد.

عزوف ميقاتي بعد انسحاب الرئيسين سعد الحريري وتمّام سلام، وعدم حسم الرئيس فؤاد السّنيورة موقفه من الإنتخابات حتى الآن، ترك السّاحة السنّية خالية للمرّة الأولى في تاريخها من مرشّحي الصفّ الأول، وهو ما يترجم بشكل واضح في طرابلس، إذ سيتوجه ناخبوها إلى صناديق الإقتراع في 15 أيّار / مايو المقبل من غير أن يكون من بين المرشّحين الذين سيقترعون لهم شخصيات وقيادات سياسية رافقتهم نحو 3 عقود، من الرئيس الراحل عمر كرامي، مروراً بالنوّاب الحاليين والسّابقين والراحلين سمير الجسر ومحمد كبّارة ومحمد الصفدي وجان عبيد، وصولاً إلى الرئيس سعد الحريري، وأخيراً وليس آخراً الرئيس نجيب ميقاتي.

عزوف كبار الطّائفة السنّية وطرابلس عن الترشّح للإنتخابات المقبلة فتح الباب أمام كلّ من هبّ ودبّ لتقديم أوراق ترشّحه، ما جعل عدد المرشّحين يصل يوم الجمعة الماضي إلى 73 مرشحاً، بالرغم من بقاء يومين هما الإثنين والثلاثاء المقبلين لتقديم المرشّحين طلبات ترشّحهم، أيّ أنّ العدد مرشّح للإرتفاع، مع أنّ عدد مرشّحي طرابلس والضنية والمنية، اللتين تشكلان معها في دائرة إنتخابية واحدة كما الحال في دورة إنتخابات عام 2018، قد بلغ رسمياً 75 مرشّحاً فقط، مع نقطة لافتة هذه المرّة أنّ المرشّحين الجدّيين الذين يملكون حيثية شعبية وازنة بين المرشّحين الجدد لا يتجاوز عدد أصابع اليد الواحدة، إذ يطغى عليهم أنّهم مرشحي عائلات وأحياء، أو يبدون مرشحين لانتخابات بلدية واختيارية أو مرشّحي جمعيات، وليسوا مرشّحين لانتخابات نيابيّة.

ومع اعتراف المقرّبين من ميقاتي وسواهم أنّ انسحاب كبار مرشّحي المدينة والطّائفة السنّية من المشهد الإنتخابي سيجعل آخرين يتقدمون لملء الفراغ، فإنّ هناك شبه إجماع بينهم على أنّ “هذا العزوف او المقاطعة للإنتخابات من قبل أقطاب الطائفة سينعكس تراجعاً كبيراً في نسبة الإقبال على الإقتراع، وسيجعل السنّة يدفعون ثمناً سياسياً يوازي الثّمن الذي دفعه المسيحيون عندما قاطعوا إنتخابات عام 1992، مع الفارق في توقيت وظروف المقاطعة، وما يزالون يدفعونه حتى اليوم”.

عزوف ميقاتي طرح تساؤلات حول إنْ كان أعضاء كتلته والمرشحين الذين كانوا على لائحته في انتخابات 2018 سيخوضون الإنتخابات بدعم منه، ولو بغيابه، لكن أوساطاً مراقبة مطلعة إستبعدت ذلك “لأنّهم جميعهم، المرشّحين الـ7 بمن فيهم النوّاب الثلاثة نقولا نحّاس وعلي درويش وجان عبيد، حصلوا عامها على 7395 صوتاً تفضيلياً فقط، أي أقلّ من حاصل إنتخابي، ما يعني أنّ خوضهم الإنتخابات بلا ميقاتي، الذي نال 21300 صوتاً تفضيلياً ولم يجير لأعضاء لائحته أصواتاً كافية، سيعني خسارة مضمونة لهم، ما سيدفعهم بدروهم ـ على الأرجح ـ إلى العزوف مثله عن الترشّح”.

عبد الكافي الصمد

عبد الكافي الصمد

صحافي لبناني حاصل على شهادة الإجازة في الإعلام من جامعة الجنان في طرابلس.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى