انتخابات

اللبنانيون الجدد: نحو دولة علمانية… ضد الاقطاع والاحتكار وتجار الدين

في اطار سعينا للإضاءة على مآل الحياة السياسية اللبنانية عامةً، وفي مرحلة ما قبل الانتخابات النيابية التي يجب أن تساهم في رفع مستوى هذه الحياة بما يخدم الإنسان أولاً وتقدمه وتطور حياته.
وبالطبع لن تستقيم الحياة السياسية الا بوجود حياة حزبية سليمة عابرة للطوائف والمذاهب والاقطاعات المغلقة وعقلية القبائل والعشائر التقليدية، ومن هنا ينطلق “أحوال.ميديا” بالبحث عن الجديد المختلف أياً يكن هذا الرأي بما لا يخرج عن القوانين والأعراف ومبادئ حقوق الانسان.


ومن هذا المنطلق نسأل هل سمعتم بـ”حركة اللبنانيون الجدد” مثلاً؟ ربما لا،
ولكن لا يهم طالما هي حركة فكرية اجتهد أصحابها في قراءة الواقع وبناء نمط جديد من التفكير، بعضهم يصفها بأنها حركة لبنانية يسارية علمانية تتعاطى الشأن السياسي، وقد تم انشائها عام 2007 وهي تضم عدد من الشباب اللبناني المثقف الداعي لانهاء دور الزعامات السياسية التقليدية التي تتوارث الحكم في لبنان واعطاء الدور للشباب المثقف واصحاب الاختصاصات ، كما تدعوا للسلام بين اللبنانيين وفتح الحوار بين جميع الطوائف اللبنانية ، وحسمت عدم السماح لاي شخص بالانتماء إلى “اللبنانيين الجدد” ممن يعرف نفسه أو يشك انه قتل لبناني أثناء مشاركته بالحرب اللبنانية التي وقعت ما بين 1975 حتى 1990.

الحركة تؤمن بأنّ الدولة العلمانية الديمقراطية وهي المدخل إلى خلاص لبنان، طالبوا بـ”دولة تحمينا كلنا” وليس بعضنا، “بلا ميليشيات ولا عصابات”، وبتغيير واقع المشهد السياسي بتركيبته الغريبة التي تتقاسم فيها الطوائف الدينية الزعامات وقيادة البلاد، دعوا إلى تجاوز النظام الطائفي ومبدأ المحاصصة السياسية، نادوا بالعمل على إنتاج صيغة جديدة في البلاد قوامها العلمانية في أجواء ديمقراطية، لإحداث تغيير جذري يخرج لبنان من دائرة ارتهان القرار السياسي لتيارات بعينها من سياسات إقليمية ودولية.
“أحوال” تواصل مع أمين عام الحزب الأستاذ داني عبد الخالق لنقرأ معه آرائه الصريحة وموقفه من الانتخابات النيابية المقبلة، وكان معه الحوار التالي:
من هو حزب اللبنانيون الجدد؟
اللبنانيون الجدد حزب علماني تأسس عام 2006 ويضم الكثير من الشباب اللبناني الداعي لإنهاء دور الزعامات السياسية التقليدية التي تتوارث الحكم في لبنان وإعطاء الدور للشباب واصحاب الإختصاص، كما يدعو الحزب للسلام بين اللبنانيين وفتح الحوار بين جميع الطوائف اللّبنانية للوصول إلى نموذج علماني وطني بعيد عن الطائفية السياسية.
أين أنتم اليوم…أين الثورة؟
نحن موجودون على الساحة بالكثير من التفاصيل، منها التعاون والمشاركات السياسية والإجتماعية مع جميع الثوار وعلى كافة الصعد، والتنسيق مازال قائماً بيننا وبين الجميع ، أما بالنسبة للساحات والتحركات في الشارع فنحن نتحرك بأمر من شعبنا، وكلما هبّ شعبنا للمطالبة بحقوقه سيجدنا في صفوفه الأمامية.
إحياء الثورة من جديد يتطلب عودة ثقة الشارع بها وهنا علينا أن لا نختبيء خلف أصبعنا، لقد إرتكبنا جميعاً أخطاء كانت مميتة بالنسبة لمسيرة الثورة منها عدم التنسيق فيما بيننا، وعدم إختيار قيادة موحدة يجتمع كافة الثوار تحت مظلتها، أحزاباً كانوا أو مجموعات. وعلينا أن لا نتجاهل إحدى أهم عوامل تكبيل الثورة وهي إختراقها من قبل المنظومة. هذا الأمر يعود لعفوية ثورة 17 تشرين، وهذا يؤكد أنها كانت ثورة لا يتحكم بها أحد من الخارج.
لكن ومع كل ما سبق وذكرته عن أخطاء ثورة 17 تشرين هذا لا يعني أنها إنتهت الى غير رجعة، لا بالعكس قد تعود أكثر تنظيماً وأقوى مما سبق، وهناك الكثير من الثورات التي سبقتنا حول العالم سقطت في الكثير من المطبّات والأخطاء حتى ظن اصحاب العروش أنها إنتهت، قبل أن تعود وتخلعهم عن عروشهم والى الأبد.

لماذا قررتم العزوف عن الترشح للإنتخابات النيابية؟
عزوفنا عن الإنتخابات النيابية هو أمر يعود الى قناعتنا الفكرية والأخلاقية داخل الحزب المتعلقة بقانون الإنتخاب الحالي، والذي أسميناه سابقاً بقانون الفصل الطائفي. نحن نتمنى أن لا يُذكر في تاريخ لبنان يوماً، أن نائباً عن المقعد السني أو الشيعي أو الماروني أو الدرزي كان ممثلا عن حزب اللبنانيون الجدد. هناك أمثلة كثيرة في لبنان لأحزاب مدنية وعلمانية بعضهم لا يؤمن بوجود الله أصلاً في عقيدته الأيدولوجية، ومع هذا لم يوفّروا مناسبة طائفية ودينية إلّا ويشاركون بها ويخوضون الإنتخابات النيابية تحت راية طوائفهم.
بالنسبة لقانون الانتخاب كان بالإمكان إجبار المجلس النيابي بتشريع قانون إنتخابي خارج القيد الطائفي لو عملنا جميعاً على تكثيف الضغط في الشارع ، وهذه إحدى أخطاء الثورة بأننا وضعنا كل مطالبنا في سلة واحدة.
وكيف بإمكانكم تغيير الواقع السياسي من دون الوصول إلى الندوة البرلمانية؟
هذا كلام صحيح وسؤال مشروع، لكن عندما يكون الطرف الآخر هو شريك لنا في الوطن عندها يكون السباق والعمل داخل البرلمان قائم على أسس ديمقراطية وعلى قيم وطنية تغمرها مشاعر التحدي والسباق لمن سيقدم الأفضل للشعب كما يحدث في الدول المتقدمة، هؤلاء الزعماء لديهم قانون مافيوي خاص بهم يُخطيء من يعتقد أنهم سيقدّمون من مكتسباتهم شيءً لصالح مطالب الثورة والثوار داخل البرلمان، وعلى سبيل المثال ، هل نحتاج لأصوات الأكثرية النيابية في المجلس لإجبار حزب الله على تسليم سلاحه للجيش؟ وهل يستطيع مجلس النواب مجتمعاً جر زعيم طائفة من قصره هرّب أموال الشعب للخارج؟
زعماء المنظومة الحالية هم أكثر من يحرص على إجراء الإنتخابات النيابية في موعدها، وهم من يطلقون الإشاعات بين الحين والآخر بمسألة تطيير الإنتخابات، لتوجيه الشارع نحو التمسك بها، فهذا الملعب ملعبهم والمجلس معبدهم وهم أكثر من يجيدون طرق الإلتفاف حول القوانين وتعطيلها.
هل ستقاطعون الانتخابات؟
نحن لسنا ضد الإنتخابات ولا ننادي بمقاطعتها لا بل أرسلنا تكاليف رسوم الترشّح لعدد من الأصدقاء الثوار المناضلين الراغبين بالمشاركة في الإنتخابات، لكننا على يقين أن لا تغيير حقيقي سيكون من خلالها، ومع هذا نأمل أن يأتي التغيير داخل البرلمان عكس كلامنا، فهذا الشيء لا يزعجنا.
ما هو الدور الذي يمكن أن يلعبه “اللبنانيون الجدد” في المرحلة المقبلة؟
لدينا الكثير من المشاريع في أجندتنا سنعمل على تحقيقها، مثل مشاريع إنمائية وإقتصادية وزراعية قد تساهم بتحريك جزء من العجلة الإقتصادية وذلك من خلال التواصل الدائم مع محيطنا الإغترابي المتمسك والمؤمن بقيام لبنان. وهنا لا يسعني سوى أن أشكر كل أصحاب الأيادي البيضاء من المنتسبين والمخلصين “للبنانيون الجدد” في كل من والولايات المتحدة وألمانيا وأستراليا حيث أعيش الآن . هؤلاء الرفاق والأخوة لم يتأخروا للحظة في تقديم الدعم خلال المرحلة الماضية في ظل إنقطاع الكثير من المواد الأولية من الأسواق مثل حليب الأطفال والأدوية، هذه كانت إحدى أولويات أهدافنا في حزب اللبنانيون الجدد حيث إستطعنا دعم الكثير من العائلات العاجزة عن تأمين أبسط مقومات الصمود.
أمّا سياسياً سنكون السند الداعم لإخواننا الثوار لمن يصل منهم الى البرلمان، وسنكون صوتهم في الداخل وبلاد الإغتراب، وبالتأكيد يمكننا المشاركة في بناء وطننا حتى إن كنّا خارج الحُكم ، وهنا علينا أن نتفادى الأخطاء التي إرتكبناها جميعاً في ثورتنا من حيث عدم التنسيق ، عل وعسى أن نستطيع إنتزاع مكتسبات لصالح شعبنا وبلدنا.
كلمة أخيرة توجهها لـ “ثوار 17 تشرين”؟
الثورة ليست مفروشة بالورود، وطريق الحرية لا تمر عبر السجاد الأحمر، كم هو مؤلم أن تختلط أسماؤنا بأسماء رموز القتل والفساد والتوريث السياسي في صندوق واحد.
وكم هو مؤلم أن نجتمع وأياهم معاً تحت قبّة البرلمان، وكم هو مؤلم بعدما أصبحنا طائفة واحدة في ثورة ١٧ تشرين، وإختلطت دماءنا وأحزاننا أفراحنا وأحلامنا معاً، أن يقودنا نظام إنتخابي يُعيد تقسيمنا مجدداً ، أنا عن المقعد الشيعي وأنت عن الماروني، هذه حصة طائفتي وتلك هي حصتك.
على ثوار 17 تشرين أن يختاروا ما بين القتال من أجل الحرية أو البقاء في العبودية.

ناديا الحلاق

صحافية في صحف لبنانية عدة في أقسام السياسة الدولية والاقتصاد. كاتبة في مجلات عربية عدة ومواقع الكترونية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى