حقوق

هل يكون “العفو الخاص” بديلًا عن “العفو العام”؟!

رئيس الجمهورية يميل إلى السير بالمراسيم الإسمية بحيث يتم دراسة كل حالة وفق معايير واضحة ومحددة

في الوقت الذي أخفقت فيه الكتل النيابية في التوصل إلى صيغة مشتركة لاقتراح قانون العفو العام، عاد الحديث عن إمكانية ذهاب رئيس الجمهورية ميشال عون الى حلٍ بديل، يكون عبر العفو الخاص. ويأتي ذلك بعد وصول فيروس كورونا الى السجون اللبنانية، التي تُعاني أساسًا من اكتظاظ في أعداد سجنائها، وما يترتب عن ذلك من مخاطر على حياتهم.

بحسب المادة 53، يكفل الدستور اللبناني حق منح العفو الخاص لرئيس الجمهورية منفرداً، حيث يصدر المرسوم بتوقيعه حصراً. وبناءً عليه، يمكن لرئيس البلاد السير بـ”عفو خاص جماعي” بحيث يصدر العفو في مرسوم واحد يشمل كل الحالات، أو من خلال “مراسيم إسمية” يحمل كل منها اسم سجين.

وفي هذا الصدد، تؤكد مصادر مطلعة عللى هذا الملف لموقع “أحوال ميديا”، أن “رئيس الجمهورية ميشال عون يميل الى السير بالمراسيم الاسمية، بحيث يتم دراسة كل حالة وفق معايير واضحة ومحددة”. وتشير المصادر عينها إلى أن “هذا المسار يتماشى مع ما أعلنته وزيرة العدل ماري كلود نجم، في وقت سابق، عن البدء بتكوين ملفات العفو العام مع الجهات المختصة”.

ووفقاً للمعلومات، فقد قدمت وزيرة العدل لائحة الى رئيس الجمهورية تتضمّن أسما سجناء يمكن أن يشملهم العفو الخاص، بالإعتماد على ثلاثة معايير: الأول يرتبط بالسجناء الذين يُعانون من أمراض مزمنة والمتقدمون في السن، حيث يزداد الخطر على حياتهم في حال إصابتهم بالوباء، والمعيار الثاني يشمل من أنهى محكوميته ولم يستطع دفع الغرامات المتوجبة عليه، أما المعيار الثالث فيلحظ السجناء الذين لم يتبقَ على فترة محكوميتهم أكثر من ثلاثة أشهر، على أن يكون إطلاق سراح هؤلاء السجناء على عدّة مراحل.

وفي هذا السياق، يعرب الناطق باسم لجنة العفو العام، قاسم محمد طليس، في حديث لـ”أحوال” عن مخاوفه من أن يرتكز العفو الخاص على أساس “الواسطة والمحسوبية”، بحيث يشمل أسماء محددة محسوبة على أفرقاء سياسيين معيّنين، مؤكدًا بالمقابل “تمسّكهم بالعفو العام نظراً للمظلومية التي تلحق ببعض السجناء، الى جانب أزمة كورونا التي وصلت الى السجون”. ويُتابع طليس كلامه مشددًا على أن قانون العفو العام لم يسقط لغاية الآن، بل جرى تأجيله، ليشير إلى أن سقوط هذا القانون قد يؤدي الى التصعيد.

من جهة أخرى، ترى مصادر مواكبة لهذا الملف أن إقرار مرسوم العفو الخاص الجماعي هو التفاف على صلاحية مجلس النواب الذي يسعى جاهداً لإقرار قانون العفو العام. وفي هذا الصدد، يؤكد الخبير الدستوري رزق زغيب في حديث لموقعنا، أن هذه صلاحية محفوظة بالدستور على قدم المساواة بين السلطات لرئيس الدولة، وهي غير مرتبطة بصلاحية مجلس النواب، مضيفًا: “لذا، يمكن لرئيس الجمهورية ممارستها متى شاء، بعد توفر الشروط الشكلية الواجبة لذلك”.

ويلفت رزق الى أن النظام البرلماني اللبناني القائم على الفصل بين السلطات وتعاونها وتوازنها، يقضي بحفظ صلاحية كل سلطة، “وهذه الصلاحية مطلقة لدرجة أنه لا يمكن رد العفو، أي أن الشخص المستفيد من العفو لا يمكنه حتّى رفض الاستفادة منه”، وفق قوله.

مهدي كريّم

مهدي كريّم

صحافي وكاتب لبناني يهتم بالقضايا السياسية والإقتصادية. حائز على ماجستير في العلاقات الدولية من الجامعة اللبنانية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى