منوعات

كيف أُقرّت الموازنة؟.. رواية عمّا حصل خلال الجلسة

مصادر "الثنائي" لـ"أحوال": لن تُوقّع مراسيم التعيينات وننتظر الموازنة عـ"كوع المجلس"

لم تنتهِ جلسة مجلس الوزراء التي عُقدت أمس في بعبدا بوئام وسلام، بل انتهت على “زعل” بين رئيسَي الجمهورية ميشال عون والحكومة نجيب ميقاتي من جهة، ووزراء ثنائي “أمل” و”حزب الله” وآخرين من جهة ثانية، وذلك بعد “تهريب” مشروع الموازنة من دون مراعاة الآليات الدستورية، أي التصويت عليها بأكثرية ثلثَي مجلس الوزراء، وفق ما تنصّ عليه المادة 65 من الدستور، بحسب ما تشير أوساط “الثنائي”.

ولفتت المصادر لـ”أحوال” إلى أن “رئيس الجمهورية لم يكتفِ بذلك، بل طرح بند التعيينات من خارج جدول الأعمال، مستغلاً مشاركتنا في الجلسة لتأمين ميثاقيتها”.

هذا الأمر أثار حفيظة واستياء عدد كبير من الوزراء، وتحديداً وزراء “أمل” و”حزب الله” الذين تفاجأوا بإعلان عون وميقاتي إقرار الموازنة والتعيينات بعدما رفع الجلسة، بينما كانوا يهمّون بمغادرة باحة قاعة مجلس الوزراء في بعبدا.

و”ضاعت الطاسة” وفق تعبير أحد الوزراء بعدما أقرت الموازنة في ظل حالة من الفوضى والضوضاء.. فهل هُرِبت الموازنة كما عبّر وزراء “الثنائي”؟ أم هناك تواطؤ أو تسوية حصلت لتمريرها مع تحفظ شكلي من “الثنائي” لدفع الإحراج الشعبي عنهما؟ وما هي ردود الأفعال والمآخذ التي تسجلها الأطراف على الموازنة؟ وهل يمكن إقرار هكذا موازنة “غير شعبية” قبيل الانتخابات النيابية؟ وكيف أقرت التعيينات؟

مصادر وزارية كشفت لـ”أحوال” أنه وبعد الانتهاء من مناقشة الموازنة بقيت موازنة عدد من الوزراء لم يبُت بها، فطلب ميقاتي من الوزراء متابعة مناقشة موازنة كل وزارة مع وزير المال على أن يستكمل النقاش في جلسة الاثنين لإنهاء الموازنة وإقرارها، ثم رُفِعت الجلسة؛ لكن الوزراء تفاجأوا في الخارج بإبلاغهم بإقرار الموازنة والتعيينات.

كما أكدت المصادر أنه لم يعترض أي من الوزراء على تمرير الموازنة، بل جاء الاعتراض من قبل وزراء “الثنائي” بشأن التعيينات، فقال وزير الثقافة محمد المرتضى لرئيس الجمهورية إن “بند التعيينات لم يُدرج على جدول أعمال الجلسة”، فأجابه عون بأن هناك هامشًا للرئاسة بتحديد جدول الأعمال، ثم وقف رئيس الجمهورية وأعلن رفع الجلسة، فخرج الوزراء مستائين.

لكن أوساط مراقبة تساءلت: “لماذا لم ينسحب وزراء “الثنائي” من الجلسة اعتراضًا على تمرير الموازنة والتعيينات وإخلالاً باتفاق عودتهم الى الحكومة؟”، لتجيب المصادر الوزارية بأن “إقرار الموازنة حصل بعد انتهاء الجلسة وبعد مغادرة الوزراء، أما التعيينات فاعترضوا عليها لكن عون لم يتجاوب معهم”.

في المقابل، ثمة من يقول إن “وزراء “أمل” كانوا على علم بإقرار الموازنة في جلسة الاثنين التي أُعلن عنها في وقت سابق على أنها ستكون الجلسة الأخيرة لمناقشة الموازنة وإقرارها”.

مصادر مطلعة على مجريات الجلسة روت لـ”أحوال” حقيقة ما حصل، مشيرة إلى أن “الوزراء ناقشوا موازنات الوزارات، وعرض كل وزير أرقام موازنة وزارته وطلب بعض الوزراء ومنهم وزراء الثنائي اعتمادات إضافية وأخذوها، وبعدما أجريت التعديلات الكاملة ودوّنها مدير عام وزارة المالية، عرض عون المشروع على التصويت فلم يعترض أي من الوزراء، ثم انتقل عون إلى بند التعيينات”.

وأكدت المصادر أن “الموازنة أٌقرِت وفق الأصول الدستورية، أما التعيينات فطرحها عون من خارج جدول الاعمال وهذا حق دستوري له وضمن صلاحياته لسد النقص في بعض المؤسسات العامة والمجلس العسكري والأمانة العامة للمجلس الأعلى للدفاع، وذلك بعدما أشار ميقاتي خلال الجلسة إلى أن مجلس الإنماء والاعمار معطل بسبب عدم وجود مفوض للحكومة فيه، وكذلك الامر بالنسبة للمجلس العسكري والمجلس الأعلى للدفاع بعد تقاعد اللواء محمود الأسمر، فطلب وزير الدفاع عرض البند، فسأل عون ميقاتي ووزير الدفاع من ترشحون، لتُطرح الأسماء ويتم التوافق عليها بين عون وميقاتي”.

وعن مخالفة إقرار التعيينات للتفاهم مع “الثنائي”، ذكرت المصادر أن بيان “الثنائي” آنذاك تضمن “كل ما يتصل بالملفات الملحة” وتسيير المرافق العامة تدخل في هذا الاطار، مذكرة بموافقة “الثنائي” على تعيين هيئة مكافحة الفساد قبيل مناقشة الموازنة في الجلسة الأولى في بعبدا، وهذه التعيينات جزء من الإصلاحات المطلوبة.

أما عن عدم تعيين نائب للمدير العام لأمن الدولة، فأوضحت المصادر أن لا تفاهم على اسم محدد.

وفيما تردد في الكواليس بأن “الثنائي” وتحديدًا “حزب الله” مرّرَ التعيينات لاسترضاء عون بعد “صفعة” إسقاط سلفة الكهرباء في جلسة مجلس الوزراء ما قبل الأخيرة، من المتوقع أن تنعكس أجواء جلسة بعبدا المتوترة سلباً على العلاقة بين بعبدا والسراي الحكومي من جهة وعين التينة من جهة ثانية، علماً أنه وبحسب المعلومات فقد أجرى ميقاتي اتصالاً هاتفيًا ببري شارحاً له حقيقة ما حصل، لكن ذلك لن يمحٌ التداعيات بحسب أوساط “الثنائي” التي أكدت لـ”أحوال” أن وزير المال لن يوقع التعيينات الأخيرة، متوعدة “ننتظر الموازنة على “كوع المجلس”.

محمد حمية

محمد حمية

صحافي وكاتب سياسي لبناني. يحمل شهادة الماجستير في العلاقات الدولية والدبلوماسية من الجامعة اللبنانية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى