مجتمع

في الجنوب… أطفال بلا تدفئة بعد فقدان المازوت والحطب

في منازل العشرات من أبناء بنت جبيل ومرجعيون، بدت مدافيء المازوت عبئاً على الجالسين حولها، فهي “التي باتت الحل الوحيد المتبقي للتدفئة، رغم الارتفاع الفاحش لأسعار المازوت، بعد أن نفذ الحطب من الحقول ومخازن التجار”.
لكن رغم ذلك انقطع المازوت من المحطات ومنذ اكثر من أسبوع، لتصبح المدافيء، مصدر بؤس وشقاء، بالنسبة للذين لم يستطيعوا الحصول على المازوت. وان بدا الأمر بالنسبة للميسورين أمراً يمكن تجاوزه، فهم “جمعوا، قبل أشهر كميات تكفي حاجتهم الى التدفئة خلال فصل الشتاء”، أما الفقراء الذين اعتادوا على شراء المازوت “أولاًّ بأول”، عبر تعبئة الغالونات الصغيرة عند كل موجة برد أو صقيع، فهم وقعوا فريسة التجار، أو الاحتكار، بعد أن فوجئوا منذ أيام بانقطاع المازوت من المحطات، وبالتالي عادوا أدراجهم يحملون غالوناتهم الصغيرة الفارغة، ليواجهوا الصقيع ب” البطانيات”، كما يقول محمد ترمس، ابن بلدة طلوسة (مرجعيون)، الذي أشار الى أن “كميات المازوت المدعوم التي حصل عليها الأهالي من محطات الأمانة التابعة لحزب الله، بمعدل برميل واحد لكل أسرة، تم استهلاكها خلال الشهر الماضي، أما المازوت غير المدعوم فقد اختفى أيضاً وبتنا نواجه الصقيع بالحرامات والبطانيات”. لافتاً الى أن ” الأهالي يفضلون الصمت وينتظرون انتهاء فصل البرد”.
في أحد منازل بنت جبيل، يعيش المواطن أحمد الحسن (52 سنة) مع زوجته وأولاده الثمانية، المنزل الآيل للسقوط، كما يشير، تتسرب اليه المياه، عبر جدرانه القديمة، في الوقت الذي انقطع فيه المازوت من المحطات ، فحرمت عائلته من التدفئة “في ساعات النهار تبقى فرش النوم ممدة على الأرض، كي يتمكن الأولاد من النوم عليها من حين الى آخر واستخدام الحرامات للتدفئة” تقول الزوجة أم محمد، وتبيّن أن “ما يواسينا هو أن معظم الأهالي باتوا اليوم يتوقفون عن استخدام المدافيء في ساعات النهار بسبب شحّ المازوت وارتفاع ثمنه، أما في الساعات الليل الطويلة عندما تصل درجة الحرارة الى ما دون الصفر، فان الخلود الى النوم هو الحل الوحيد، فالكهرباء مقطوعة أيضاً، ومولدات الاشتراك تتوقف باكراً بسبب شح المازوت”.
ويرى أحمد علوية (مارون الرّاس) أن “هذه السنة هي الأسوأ منذ عشرات السنين، من حيث درجة الحرمان التي وصلنا اليها، فقد انقطع المازوت ولم يحرّك أحد ساكناً، رغم علم الجميع بعدم وجود بديل آخر للتدفئة بعد نفاذ الحطب”، مبيناً أن “معظم المقيمين في المنطقة هم من الفقراء أو الموظفين غير القادرين على شراء المازوت بكميات كبيرة لذلك فان اانقطاع المازوت حرم الأهالي من التدفئة”.
مالك إحدى محطات الوقود في بنت جبيل، يلفت الى أن “تجّار المحروقات وعدونا أكثر من مرة بأن يؤمنوا لنا المازوت بعد نفاذه، ولكنهم حتى الآن لم يؤمنوا لنا ما نحتاج اليه لتلبية الأهالي”، لافتاً الى أن “الشركة التي تؤمن لنا المازوت أرسلت كمية قليلة منذ أسابيع، ونفذت في يوم واحد، أما الزبائن فباتوا يتهموننا بالاحتكار، ونحن بدورنا نتهم الشركات الموزعة، التي بدورها تلقي اللّوم على الدولة والمعنيين”، ويؤكد عامل المحطة أنه “هو نفسه لا يملك المازوت لتدفئة أولاده بعد أن نفذ المازوت منذ أيام من المحطة”.
ونتيجة لانقطاع المازوت عن جميع قرى وبلدات بنت جبيل ومرجعيون عمد بعض التجار الى بيع المازوت في السوق السوداء بأسعار مرتفعة، اذ وصل سعر تنكة المازوت الى أكثر من 500 الف ليرة، في حين كان لافتاً انتشار عدد كبير من الأهالي في الأحراج وكروم الزيتون بحثاً عن الحطب والأغصان اليابسة.

داني الأمين

صحافي وباحث. حائز على اجازة في الحقوق من الجامعة اللبنانية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى