مجتمع

علي حرب.. قاوم الفرنسيين فحرموا 500 من أحفاده من الجنسية اللبنانية

قد يتفاجأ زائر منطقة “دير أبو سعيد” في محافظة اربد (كورة) في المملكة الأردنية الهاشمية، بمئات اللبنانيين المقيمين هناك، منذ عشرات السنين، المحرومين من الجنسية اللبنانية، سيما أحفاد وأقارب المرحوم المقاوم علي حرب، ابن بلدة تولين (مرجعيون) الذي قاوم الاحتلالين التركي والفرنسي، وفرّ هارباً الى الأردن، مع شقيقيه محمد وعباس، بعد ملاحقة الجيش الفرنسي له الذي أصدر بحقه حكماً بالاعدام في العام 1925.

يوجد نحو 500 لبناني من آل حرب، مع مئات اللبنانيين الآخرين، الذين حصلوا على الجنسية الأردنية، وحرموا من جنسيتهم اللبنانية، وتوّلى بعضهم مناصب رفيعة، سيما في الجيش الأردني، وبات لبعضهم علاقة مميزة مع الملك، بعد استشهاد نجلهم حسين محمد حرب أحد أحفاد المقاوم علي حرب، في معركة مع جيش الاحتلال الاسرائيلي، رغم أنهم يتصرفون كلبنانيين، ويعلقون الأعلام اللبنانية في منازلهم وسياراتهم الخاصة، ويتابعو دائماً وسائل الاعلام اللبنانية”.

وفد من آل حرب كان قد زار عدداً من السياسيين في لبنان، للمطالبة باسترداد الجنسية، في التسعينيات، وحصلوا على وعد بذلك، بعد توكيل المحامي والنائب السابق حسن علوية”. وقد عزّ عليهم أنهم من نسل أحد أبطال المقاومة اللبنانية الذي قاتل الاحتلالين التركي والفرنسي، واضطرّ للاقامة في الاردن، بعد مطاردة الفرنسيين له، وقد حصل على مكافأته بحرمانه وأحفاده من الجنسية والهوية اللبنانية، كما يعزّ عليهم معاملتهم كأجانب عند كل زيارة يقومون بها الى لبنان، رغم أن لهم أبناء عم لبنانيين، ويملكون الأراضي في تولين وغيرها”.

علماً أن الفرنسيين كانوا قد شطبوا اسمي علي حرب وشقيقيه من دوائر النفوس اللبنانية، حتى أن علي حرب لم يحز على بطاقة الهوية بسبب ذلك”. وبحسب المؤرّخ المرحوم الدكتور علي مرتضى الأمين، في كتابه ” ثائر من بلادي” أن “علي حرب كان أحد قادة رجال المقاومة في جبل عامل ضد الاحتلالين التركي والفرنسي، ومن المشاركين في مؤتمر الحجير عام 1920 الى جانب المقاومين أدهم خنجر وصادق حمزة الفاعور، وقد قاد كلٍ منهم مجموعة عسكرية لمقاومة الاحتلال الفرنسي، في كلّ من تبنين والشقيف وصور”.

لقد تولّ المعنيون تسجيل قيود الأهالي ومنحهم الجنسية في أواخر الخمسينيات، ولكن لم يتم قيد المقاوم علي حرب الذي أمضى معظم شبابه وهو يقاتل الاحتلال الفرنسي الى جانب صديقيه المعروفين أدهم خنجر وصادق حمزة الفاعور، ويشهد على ذلك وادي الحجير الذي شهد العديد من أعماله البطولية ضد الجيش الفرنسي المحتل.

ويجمع كبار السن في تولين وأقرباء المرحوم علي حرب المقيمين في تولين على “دوره البطولي، في مقاومة الفرنسيين، رغم أنه كان يقاتل الى جانب المقاومين المعروفين أدهم خنجر وصادق حمزة الفاعور، وقد حكم عليه الفرنسيون في العشرينيات بالاعدام، فاضطرّ الى ترك البلد مع عدد من أبناء البلدة والقرى المجاورة ليموت هناك، فدفع ثمن ذلك حرمانه وأحفاده من الجنسية اللبنانية”.

وقد بيّن ابن عم علي حرب المهندس عباس حرب المقيم في تولين، أن “علي حرب هو أخ جده محمد حسين حرب، الذي بقي حينها متخفياً في بلدة تولين، وقد أنتخب مختاراً للبلدة فيما بعد، فكيف لمواطن أصبح أخوه مختاراً أن يحرم من الجنسية اللبنانية”.

عباس حرب لا يزال يتواصل بشكل مستمرّ مع أقربائه في الأردن، ويقول “لقد أصبح عددهم يزيد على 400 شخص، ويأتي العديد منهم باستمرار الى البلدة، ويطالبون دائماً السلطات اللبنانية باستعادة الجنسية اللبنانية التي حرموا منها، وينتظرون تحقيق حلمهم هذا ليعودوا الى وطن جدهم المقاوم المعروف من غير السلطات”. ويؤكد أن “عدداّ كبيراً من هؤلاء تقدم بدعوى استرداد للجنسية في العام 1998، لكن حتى الأن لم يحصلوا على الجنسية، وينتظرون حلاًّ سياسياً قد يشملهم”.

إذاً مئات اللبنانيين الجنوبيين المحرومين من الجنسية يقيمون في مدينة إربد الأردنية، في منطقة تدعى دار أبو سعيد، وهي منطقة على الحدود السورية قريبة جداً من جنوب لبنان، وتحتاج الى ساعتين على الأكثر سيراً على الأقدام للوصول منها الى بنت جبيل، لولا الاحتلال الاسرائيلي لفلسطين، وهذا دليل أن هؤلاء نزحوا سيراً على الأقدام هرباً من الجيش الفرنسي الذي كان يلاحقهم، ومن بينهم عدد كبير من آل شرارة من بنت جبيل ومن آل طباجة من النبطية.

داني الأمين

داني الأمين

صحافي وباحث. حائز على اجازة في الحقوق من الجامعة اللبنانية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى