منوعات

صُدّق:السجن عقاباً لمن يخالف قرار إقفال البلاد

بعد اجتماعات متتالية ومكثفة للّجان الصحية المختصة وقادة الأجهزة الأمنية، أعلنت اللجنة الوزارية المخصصة بوباء كورونا الإقفال التام ابتداءً من الخميس المقبل إلى الأول من شباط، على أن يكون حظر التجوّل من الساعة السادسة مساءً حتى الساعة الخامسة صباحاً.

ويُستثنى من هذا القرار المصانع، والوزارات، والمطابع، والمصارف، ودوائر الدولة، بالإضافة إلى القطاع الطبي والعسكريين والصحافيين والصليب الأحمر، والصيدليات، والأفران، والسوبرماركت، وشركات الأمن والفنادق، ومحطات المحروقات من دون خدمة غسيل السيارات، وفرق صيانة الإنترنت، ومحال الميكانيك على أن تكون نسب الأشغال بين 25 و30 في المئة.

خلاف بين اللجان

وانطلق اليوم الماراتوني في السراي الحكومي باجتماع بين رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب ووزير الداخلية والبلديات محمد فهمي، ثم ترأس دياب اجتماع اللجنة الوزارية، لكنها لم تتمكّن من اتخاذ القرار النهائي، في ظل وجهات النظر المختلفة بين اللجنة الوزارية وبين اللجنة العلمية في وزارة الصحة.

ولوحظ غياب مستشارة رئيس الحكومة للشؤون الصحية بترا خوري عن الاجتماع للمرة الأولى، بسبب خلاف مع وزير الصحة بحسب ما علم “أحوال”؛ وقد ظهر ذلك في معظم الاجتماعات التي حصلت سيما خلال الأيام القليلة الماضية.

ففي حين اقترح وزير الصحة الإقفال الجزئي مع تطبيق تدريجي للإجراءات الأمنية، طرح  وزير الداخلية إشكالية مواجهة العناصر الأمنية في تطبيق الإجراءات على الأرض، وتحديد الصلاحيات الممنوحة لهم والتنسيق مع الأجهزة القضائية. كما طرح بعض الوزراء تحديد آليات واضحة لتطبيق قرار الإقفال، وتوضيح مدى قدرة الأجهزة على تطبيقه. ولذلك قرّرت اللجنة انتظار توصيات الاجتماع الأمني للبناء على الشيئ مقتضاه.

حسن: مدة الإقفال مرتبطة بنسبة الإلتزام

وقال وزير الصحة لـ”أحوال” بعد الاجتماع الصباحي “إنّ الهدف الأساسي من قرار الإقفال هو تعزيز قدرات وإمكانات القطاع الصحي، سيما لجهة رفع عدد أسرة العناية الفائقة. والهدف الثاني تخفيض عدد الحالات الإيجابية”، وشدّد على أنّ “قرار الإقفال يتوقف على نسبة إلتزام المواطنين ومدى قدرة الأجهزة الأمنية على تطبيقه والتنسيق مع المستشفيات الحكومية والخاصة”. وأضاف: “سنقفل البلد لمدة ثلاثة أسابيع وسنترقب النتائج بعد مدة تتراوح بين عشرة أيام – وأسبوعين؛ في حال تحقق الهدف المرجو منه سنتجه إلى تخفيض مدة الإقفال، وإذا لم تتحقق الأهداف سنبقي على مدة الإقفال أو ربما نمددها”.

إجراءات أمنية وقانونية صارمة

وأُتبِع اجتماع اللجنة الوزارية باجتماع أمني برئاسة الرئيس دياب جرى خلاله البحث في الإجراءات الأمنية خلال مدة الإقفال والتنسيق فيما بين الأجهزة الأمنية لتطبيقها.

وبحسب ما علم أحوال، فقد جرى البحث بتسطير محاضر ضبط تتراوح قيمتها بين 200,000 إلى 600,000 ل.ل، وفرض إجراءات قانونية بحق المخالفين وإدارج  كل مخالف للإجراءت الوقائية والتعاميم الصادرة عن وزارة الداخلية في إطار الجناية؛ أي تعريض صحة وحياة الآخرين للخطر، وتصل العقوبة إلى السجن.

كما جرى البحث مع المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي حول المواد القانونية التي ترعى هذه المخالفات؛ فيما ظهرت وجهتا نظر بين المعنيين بالملف القانوني والعسكري والأمني إزاء هذه النقطة. فبعض القادة الأمنيين طالب بإجراءات قانونية صارمة لضبط المخالفين وفرض هيبة رجل الأمن على الطرقات؛ فيما عارض آخرون كون هكذا إجراء سيلقى اعتراضات شعبية عنيفة، فضلاً عن أنه سيرهق الأجهزة الأمنية المكلّفة بمهمات متعددة؛ كما أنه يفسح المجال لتدخل الوساطات وإنتقائية رجال الأمن في تطبيقه ما سيخلق إشكالات مع المواطنين. فيما دعا بعض المسؤولين إلى فرض غرامات قاسية وتطبيقها بدقة من القوى الأمنية وإحالتها للقضاء الذي لديه الحق بالإستنساب في تحديد قيمة المحضر وشكل العقوبة القانونية.

ولفتت مصادر وزارية لـ”أحوال” إلى أنّه إذا لم يقترن قرار الإقفال بسلّة إجراءات صارمة سيما فرض غرامات وعقوبات قانونية، فلن يأتي بنتائج عملية وسيكون الإقفال عبثياً”.

فهمي: المواطن المسؤول الأول

وأكد الوزير فهمي بعد اجتماع اللجنة الوزارية أنّ قرار المفرد والمزوج المتعلّق بسير الآليات سيتم تطبيقه، وتمنى على كل مواطن أن ينفذ التعليمات ومساعدة القوى الأمنية في تنفيذ هذه التعليمات لمواجهة تفشي الوباء.  وأوضح أنه “سيتم تقليص نسبة الوافدين عبر مطار بيروت خلال فترة الإقفال”.

نقيب المستشفيات: وصلنا إلى الطاقة الإستيعابية القصوى

وفيما دعا وزير الصحة المستشفيات الخاصة إلى رفع عدد الأسّرة داعياً إياها إلى تحمّل مسؤوليتها بشكل كامل كواجب وطني وأخلاقي، أكد نقيب المستشفيات الخاصة الدكتور سليمان هارون في حديث لـ”أحوال” أنّ “المستشفيات الخاصة مستعدة للتعاون والإنخراط في هذه المعركة، كونه واجباً وطنياً أخلاقياً وإنسانياً”. وقال: “نستطيع استقبال مرضى الكورونا في كل المستشفيات، لكن في المقابل هذه المهمة تحتاج إلى تكلفة مادية. لا نتحدث عن هبات ومساعدات، بل تسديد الدولة دفعات من المستحقات لكي تستعد كامل المستشفيات لاستقبال مرضى كورونا، وزيادة الطاقة الإستيعابية في المستشفيات الجاهزة”.

ورد هارون على وزير الصحة، بالإشارة إلى أنّ “هناك 60 مستشفى حاليأً يستقبل حالات كورونا، وهذا يؤكد تعاوننا”. وأضاف: “الطاقة الإستيعابية في قطاع المستشفيات الخاصة 300 سرير عناية فائقة و550 سرير عادي، أي 850 سرير مخصص للكورونا، إضافة إلى أجهزة التنفس التي عملنا على تأمينها بأعداد كبيرة”.

لكن هارون حذر من أنّ “المستشفيات وصلت إلى الطاقة الإستيعابية القصوى وباتت عاجزة عن استقبال مرضى كورونا، وعملياً كل الأسرة مشغولة والحالات الإضافية التي تصل إلى المستشفيات نضعها مؤقتاً في قسم الطوارئ، ونقدم لها خدمات العناية الأولية إلى حين تأمين أسرة، وأحيانا يبقى المريض في الطوارئ 4 أيام وأكثر، لأنّ مريض كورونا يحتاج للبقاء مدة طويلة في المستشفى تصل إلى أسبوعين وليس كالمريض العادي؛ وأحياناً نطلب من المرضى البقاء في منازلهم ريثما يتم تأمين أسرة”.

وأوضح نقيب المستشفيات الخاصة أنّ “زيادة عدد الأسرة لن يأتي بنتيجة إذا لم يلتزم المواطنون بالإجراءات الوقائية. فلا يمكن تأمين مئات الأسرة تكفي لجميع المصابين الذين ينقلون إلى المستشفيات ويحتاجون إلى خدمات ومعدات وأجهزة تنفس وغيرها”. وأشار إلى “أنّ قرار الإقفال يجب أن يقترن برزمة إجراءات تطبق في الوقت نفسه، سيما وأن تجربة الإقفال في الفترة السابقة كانت سيئة جداً ولم تظهر أي نتائج ملحوظة، أي إقفال يجب أن يكون لمدة أربعة أسابيع”.

لكن هارون أشار إلى مشكلة أساسية تعترض القطاع الإستشفائي وهي النقص في الطواقم الطبية بسبب الإصابات التي لحقت بهذا القطاع، إضافة إلى الخوف من العمل في قسم كورونا”.

وعن توقعه لنسبة الإصابات في الأيام المقبلة، قال هارون: “لا يمكن توقع عدد محدد للاصابات، لكن بحسب نسبة الفحوصات التي زادت بعد الأعياد بشكل كبير، نتوقع زيادة الإصابات أكثر من 4000 يومياً”.

وقال أحد الوزراء المشاركين في اجتماعات السراي لـ”أحوال”: “إذا أصِبت بوباء الكورونا فلن أجد سريراً ولن يستقبلني مستشفى وأنا وزير، فكيف بالمواطن العادي؟”. ولفت إلى أنه “يجري تحميل المسؤولية للحكومة التي ورثت تراكمات طويلة من الأزمات والمشاكل التي يصعب حلّها وعلى رأسها كورونا”.

ماذا عن لقمة الفقير؟

وفي موازاة قرار إقفال البلد، طرح وزراء الاقتصاد والصناعة والشؤون الاجتماعية مصير لقمة عيش الفقير، وكيفية إعانة المواطنين من ذوي الدخل المحدود سيما العاملين المياومين؛ ودعا هؤلاء الوزراء إلى تأمين مقوّمات الحياة للمواطنين الفقراء سواء المواد الغذائية أو الأدوية أو سيكون الإقفال مستحيلاً؛ لذلك يجب التوفيق بين الحاجات الأساسية للعائلات الفقيرة وبين الضرورة الصحية.

إلا أنه يحسب معلومات “أحوال”، فإنّ الحكومة ستتخذ بعض القرارات لدعم العائلات الفقيرة، فيما أشارت مصادر الهيئة العليا للإغاثة لموقعنا إلى أنها مستمرة بتقديم مساعدة الـ4000 ألف ليرة للعائلات الفقيرة، لكنها لفتت إلى أنّ الأموال المرصودة في الهيئة غير كافية لتوسيع مروحة المساعدات لتشمل أكبر عدد ممن من العائلات. فيما أكد وزير الاقتصاد راوول نعمة لموقعنا أنه يؤيّد أي قرار تتخذه اللجنة الوزارية.

محمد حمية

 

 

محمد حمية

صحافي وكاتب سياسي لبناني. يحمل شهادة الماجستير في العلاقات الدولية والدبلوماسية من الجامعة اللبنانية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى