الأسواق في موسم الأعياد: لمن استطاع إلى الدولار سبيلا
وجوه حزينة.. محال خالية.. زحمة مواطنين أتوا ليتناسوا همومهم علّهم بذلك يسترقون بعض المتعة وإن لم يتبضعوا، فلهيب الأسعار جعل من البضائع عرض للفرجة لا للشراء… هذه هي حال الأسواق اللبنانية قبل أيام من حلول عيدي الميلاد ورأس السنة. تعكّر الغصّة هذه السنة فرحة العيد بعد أن اعتاد المواطنون على انتعاش الحركة الاقتصادية خلال هذة الفترة من كل عام.
وضع اقتصادي مذرٍ ووضع إجتماعي صعب لا بل قد يكون الأصعب يمر على اللّبنانيين خاصة بعد أن تجاوز الدولار 29 ألف ليرة، أي بات الحد الأدنى للأجور يساوي 22 دولار، ما لا يكفي المواطن لسد احتياجاته اليومية.
من سوق الحمرا، إلى سوق الأشرفية، مرورًا بسوق مار الياس، وصولًا إلى سوق برج حمود، المشهد متشابه؛ حركة باردة وشبه مشلولة، فالأسعار المرتفعة أقعدت الحركة الشرائية، ووضعت أصحاب المحال في حالة تذمّر دائم.
سام يعتمد على الزبائن التي تملك الدولار
سام أحمد صاحب محل تجاري في بيروت وتاجر ذهب وساعات وأكسسوارات منذ أكثر من 12 سنة، يقول لـ “أحوال” العمل خفيف والقدرة الشرائية خفّت كثيرا لأنّ نسبة كبيرة من الشعب اللّبناني لا زالت تقبض راتبها بالليرة اللبنانية.
ويضيف “من كان راتبه مليون أو مليونان لن يشتري قطعة كان سعرها 30 الف ليرة وأصبحت ب 300 ألف، لن يشتري بربع معاشه قطعة اكسسوار او ملابس او حتى حذاء صيني كان ب 50 ألف بات اليوم بحوالي ال 400 ألف والنوعية رديئة”.
يعمل سام ككثيرين غيره على شحن البضائع ذات الجودة الجيدة، ويقول في هذا الإطار “لم نعد نستورد البضائع الخفيفة لأنّها أصبحت غالية الثمن ولم تعد تعجب الطبقة التي تملك الدولار. أصحاب الرواتب بالعملة الأجنبية أصبحوا هدفنا، ونعمل لتلبية رغباتهم وارضاء مطالبهم، لذا بتنا نقدم بضائع ثمينة ذات جودة ممتازة ليشتريها الميسور، فالفقير والمعتدل لم يعد يشتري”.
يشكو سام من الحالة المعيشية “ارتفع بدل الكهرباء وكلفة الأكل والشرب والملابس واحتياجات أطفال، خاصة أن نسبة ربحنا خفت كثيرا فحالنا من حال الناس، والمشكلة أن الشعب في سُبات”.
نتالي: قد اضطر لبيع فئة معينة فقط من الزبائن
نتالي فتاة تقوم بتحضير الحلويات الخاصة بالمناسبات أي تعمل على الطلب، تقول لـ”أحوال” : عادة كنت أقوم بالتجهيز لهذه المناسبة قبل فترة لكن حتى اليوم، ورغم اقترام العيد لم أقم بإعداد أي شئ، أريد بداية أن أترقب مدى الإقبال وكمية الطلب”.
وتشير “سأضطر لزيادة الأسعار، إذ أنّ أغلب الأرباح التي أحققها أتكبدها لدفع بدل بضائع لان المواد التي استخدمها جميعها تسعر بالدولار.
وتضيف “ما أقوم ببيعه يعدّ من الكماليات وليس من الأساسيات، لذا سأبدأ برفع الأسعار والتسعير بالدولار حتى لو لم تتقبل الناس وقد اضطر لبيع فئة معينة فقط من الزبائن.
هند نسترود البضائع الاساسية فقط
هند صاحبة محل ملابس للأطفال تقول لـ”أحوال” تراجعت نسبة المبيع حوالي الـ 50% والحركة قليلة جدا خاصة أن بضائعنا جميعها مستوردة من الخارج مايدفعنا لقبض ثمنها بالدولارعلى سعر الصرف”.
وتشير إلى “أن أغلب الزبائن تسأل عن سعر القطعة دون أن تشتري وأغلب المبيعات هي أشياء أساسية للأطفال، لذلك أغلب بضائعنا باتت محدودة الكمية ومرتكزة على الضروريات”.
تبقى هذه الشكاوي من أصحاب محال ومصالح تجارية أمّا المواطن الفقير فوجعه وهمومه قد تعادل ثقل جبل من الصخور، خاصة من لديه أطفال ويرغب بزرع فرحة العيد في عيونهم وهو لا يستطيع تحصيل قوت يومهم كما يعجز عن تأمين كسوة الشتاء لحمايتهم من البرد في ظل انقطاع الكهرباء والتخلي عن الإشتراك لارتفاع كلفته. بتنا منقسيمن في بلدنا بين طبقة غنية وطبقة فقيرة وطبقة سياسية غائبة عن واقع بلد إنهار وبات الارتطام في الهاوية وشيك.
نوال غندور