الإشتراكي يُرشّح “عفراء عيد” في طرابلس.. ثاني ترشيح تاريخي
قبل أيّام فاجأ رئيس الحزب التقدمي الإشتراكي، وليد جنبلاط، مختلف الأوساط السّياسية والمعنيين بالإنتخابات النّيابية المقبلة، عندما أعلن أنّه قرّر خوض الإنتخابات النّيابية في دائرة الشّمال الثانية التي تضم طرابلس والمنية والضنّية بوجه نسائي هو “عفراء عيد”، التي تشغل حالياً منصب وكيل داخلية التقدمي في الشّمال.
أسئلة كثيرة طُرحت حول مغزى وأهداف خطوة جنبلاط من ترشيح شخصية حزبية في دائرة ليست ذات ثقل إنتخابي تاريخي للإشتراكي، وماذا يريد من وراء الإقدام على هذه الخطوة، هل الفوز بمقعد نيابي أم دعم الحلفاء؟، وهل قراره نهائي أم مناورة يُرجّح أن يعود زعيم المختارة عنها في الأيّام المقبلة؟
في موازاة ذلك، قوبل ترشيح جنبلاط باستفسارات عديدة عن مَن تكون المرشّحة عيد التي بدت مغمورة بالنسبة لكثيرين، وغير معروفة على نطاق واسع خارج الدّائرة الحزبية الضيّقة، إلى حدّ أن مُحرّك البحث على شبكة الإنترنت بالكاد عثر على أخبار قليلة عنها لا تزيد عن أصابع اليد الواحدة.
أحد هذه الأخبار كان استقبال جنبلاط، في 6 تشرين الثاني 2018، في دارته في كليمنصو، “وفداً من أهالي وعائلات الموقوفين الإسلاميين في السّجون اللبنانية بحضور عضو مجلس قيادة الحزب عفراء عيد”، إضافة إلى خبر آخر ورد في 19 آب 2019 على الموقع الإلكتروني لجريدة الأنباء النّاطقة بلسان الحزب، يفيد بتعيين جنبلاط “القيادية” عيد في “موقع وكيل داخلية الحزب في منطقة الشّمال، خلفاً لوكيل الداخلية السّابق جوزيف قزي”، وهو تعيين دفع “النّسائي التقدمي” إلى اعتباره “إثباتاً لدعم من الحزب التقدمي في مجال دعم النّساء وتمكينهن، وتعزيز فرص وصولهن إلى مراكز صنع القرار الرئيسية في هيكليته”.
عيد التي تعود نفوسها إلى بلدة دير عمار في قضاء المنية ـ الضنّية، وهي إبنة محمد عيد أحد كوادر الحزب الإشتراكي القدماء في المنطقة، أكدت في تصريح لـ”أحوال” أنّ “قرار ترشيحي قد اتُخذ بعدما أعلنه رئيس الحزب رسمياً، والخطوة هي ممارسة حقنا في الترشّح ضمن دائرة يوجد لدينا حضور فيها، خصوصاً في مدينة طرابلس، وجاءت بعد تثبيت تمثيل الكوتا النسائية في داخل الحزب، ونريد أن نوسّع دائرتها في ترشيحات الإنتخابات النيابية المقبلة”.
وحول إنْ كانت ترى لها حظوظاً بالفوز، ردّت: “هذا السّؤال وجّهه إليّ كثيرون، برغم أنّ الجواب عليه سابق لأوانه، علماً أنّ الطموح بالفوز موجودٌ ونعمل جدّياً على تحقيقه في الإنتخابات المقبلة، خصوصاً أنّ المطالبة بالتغيير إتسعت بعد حَراك 17 تشرين”، مضيفة أنّ “هذا الترشّح يُثبت وجود الحزب الإشتراكي في الشّمال كما على مستوى الوطن”.
وبما يتعلق بتحالفات الإشتراكي المقبلة وفي أيّ لائحة ستترشح، أوضحت عيد أنّ “الصّورة في الشّمال ما تزال ضبابية وغير واضحة بعد، عكس بقية المناطق اللبنانية الأخرى، وننتظر تبلور الترشيحيات والتحالفات قبل حسم موقفنا”.
غير أنّ ترشيح عيد ليس الأوّل الذي يقدم عليه الإشتراكي في طرابلس والشّمال، إذ أوضح نائب رئيس الحزب كمال معوّض لـ”أحوال” أنّ “رئيس الحزب السّابق كمال جنبلاط سبق رشّح في طرابلس في فترة السبعينات نجدت هاجر، لكن لم يُكتب له النجاح وقتها”، مضيفاً أنّ “بعض الحزبيين ترشّحوا في مراحل لاحقة، إنّما من غير تبنّي الإشتراكي ترشيحهم رسمياً، إنّما ترشّحوا بإسمهم الشّخصي، وكان آخرهم توفيق سلطان الذي ترشح في طرابس متحالفاً مع الرئيس نجيب ميقاتي على لائحة العزم”.
لكنّ عيد التي تُعدّ أوّل مرشّح حزبي إشتراكي في طرابلس والشّمال بعد اتفاق الطّائف، يعتبرها معوّض “خطوة نوعية وإصرار من الحزب على التمثيل النّسائي وعلى الكوتا النّسائية”، مشيراً إلى أنّ “ترشيحها تأكيدٌ على انتشار الحزب الإشتراكي في مختلف المناطق خارج أماكن تواجده التاريخية”.
وعن احتمال فوز عيد في الإنتخابات المقبلة من عدمه، رأى معوّض أنّ “الواقعية السّياسية تقول إنّ فوزها ليس سهلاً”، لكنّه أكّد بالمقابل أن “وجودها كممثلة للحزب الإشتراكي في أيّ لائحة هو قيمة مضافة”، ولافتاً إلى أنّ “أيّ لقاءات على صعيد التحالفات الإنتخابية لم تحصل بعد، فما زال الوقت مبكراً على ذلك”.
وحول أيّ منطقة شمالية يوجد فيها ثقل شعبي وانتخابي للحزب الإشتراكي أكثر من غيرها، أشار معوّض إلى أنّ “منطقة عكار هي الأكثر حضوراً شعبياً لنا، تليها مدينة طرابلس، من غير أن ننسى البترون التي كانت نقطة البداية التاريخية لانتشارنا في الشّمال، قبل أن تؤدّي الحرب الأهلية إلى تراجع نفوذ ووجود الإشتراكي في البترون وغيرها من المناطق، مثله مثل بقية الأحزاب اليسارية”.
عبد الكافي الصمد