تمخّض الجبل فأنجب فأرًا.. ومبتورًا
رابطة المودعين: نحن أمام سيرك ممثليه ومهرجيه وعروضه لا تنتهي
اعتبرت “رابطة المودعين” في لبنان أنه “لا يصح وصف عمل مجلس النواب اللبناني الا عبر القول إننا أمام سيرك ممثليه ومهرجيه وعروضه لا تنتهي، يترنحون بين الخفة والتمثيل والوقاحة والعبثية المتعمدة”.
وفي بيان، رأت الرابطة أن “مجلس الأمة الأعرج الذي يضم متهمين بقضايا شتى، لم يستتر ولا لجانه المشبوهة المتذاكية على شعب نُهب، بمحاولته القيام بإصلاح جدي، لا بل طالعنا بنسخة مسربة لما سمي بقانون كابيتال كنترول هو أقرب لحكم إعدام مسلط على رقاب المودعين من ولاة الدولة وحجاب ماليتها وسياساتها النقدية، بهدف تمريره خلسة قبل إنتهاء دورة المجلس تحت ذريعة تنفيذ شروط صندوق النقد الدولي الذي إن تمعن في القانون لوجد بأنه أغرب قانون على مستوى العالم وتاريخ تعامل الدول معه”.
وأردفت: “كنا في رابطة المودعين أول من نادى بضرورة إقرار خطة مالية إصلاحية شفافة تترافق مع قانون كابيتال كنترول ليوقف النزف والإستنسابية ويحرر التعاملات المصرفية من قبضة المصرف المركزي وتعاميم حاكمه المزاجية – وهو الرجل الذي يتم مقاضاته في الداخل والخارج – ويضع التعافي المالي والإقتصادي على سكته الصحيحة، أما أن يصدر قانون كابيتال كنترول يتيم منحاز للمصارف في غياب خطة إنقاذية فذلك من قبيل الهلوسة القانونية المرفوضة”.
من هنا، قالت رابطة المودعين في بيانها: “إننا نفند غيض من فيض مخالفات القانون المقترح ونبين الآتي:
أولاً: يكرس هذا القانون وخلافاً للدستور اللبناني ولكافة القوانين المرعية الإجراء التفريق بين المودعين وودائعهم عبر تشريع “الأموال الجديدة” (fresh money) والمفاضلة بينها وبين الودائع التي تحتجزها المصارف ويكرس بالتالي هذا القانون لبدعة الحاكم والمصارف في هذا المجال.
ثانياً: إن تحديد سقوف السحوبات هو من صلب قانون الكابيتال كنترول إلا أن مثل هذه السقوف لا يجب أن تترك للمصرف المركزي وحاكمه كي يقوم بتعديلها من وقت لآخر بحسب أهواءه، لأن ذلك يكمل النهج الساري أصلا في التعاطي الخاطىء منذ بدايات الأزمة ويفتح باباً للإستنسابية والتأويل، كما وأن فرض سقوف للسحوبات لابد أن يراعي حالة كل مودع بحيث لا تطال المودع الصغير أو المتوسط كما الكبير، كما ولابد من تحديد عدم المس بحسابات الرواتب خاصة في ظل الوضع الإقتصادي المتردي الذي نعيشه.
أما بالنسبة لحصر تسديد الودائع بالليرة على سعر صرف منصة صيرفة، فإن هذه المنصة تتعاطى بضبابية، فلا نعلم كيف يتم تحديد سعر الصرف عليها، ولا نملك أية كشوفات للتداولات التي يصدرها المصرف المركزي شهريا. عدا عن كل ذلك، فإن سعر منصة صيرفة أدنى بكثير من سعر السوق مما سيؤدي لتكبيد المودعين اقتطاعات إضافية من ودائعهم غير التي سبق أن خسروها مع التعميم 151 و 158.
ثالثاً: يعيد هذا القانون تجربة قانون الدولار الطالبي الفاشلة فيما يخص التحويلات إذ منعها مع إستثناءات ترك أمر تحديد شروطها وضوابطها والموافقة عليها لمزاجية المصارف والمصرف المركزي وهنا لابد من تعداد بسيط للمخالفات الخطيرة التي يجب التصدي لها:
1. إستثناء أموال السفارات والبعثات الدبلوماسية والمؤسسات والمنظمات الدولية دون سواها يعزز مبدأ التمييز بين المودعين، فكثير من الجمعيات اللبنانية الخيرية لا تتمكن من سحب أموالها والمساعدات، كما أن معظمها أوقف نشاطه لعدم قدرته على متابعة العمل.
2. بالنسبة للإستثناءات المشروطة فإن الشروط هذه يحددها مصرف لبنان بإستنسابية وممكن أن تكون تعجيزية، كما وأن خرق السرية المصرفية للعميل بالشكل المطروح في القانون المقترح أمر مستهجن خاصة في ظل تمسك المركزي والمصارف بها فيما يخص أرقامها وتعاملاتها.
3. ذكر بعض الإستثناءات على سبيل المثال لا الحصر دون تحديد أهمها على الأقل يشرع باب الإستنساب على مصراعيه، ووضع شرط وجود حساب للعميل في الخارج أو حساب اموال جديدة في لبنان هو مدعاة للسخرية إذ أن هذه الحسابات قد تكون حاجة ملحة في العديد من الأحيان دون أن تكون تحتوي على أية مبالغ تذكر.
4. إنشاء وحدة مركزية في المصرف المركزي لمتابعة ملفات طلبات العملاء ليس سوى تجمع جديد للمصارف تحت رعاية المركزي ليشوروا ويقرروا ويفعلوا ما يشاؤون دون ضوابط كونهم هم من يضع هذه الضوابط.
5. تنصيب المصرف المركزي قاضيا فيما يتعلق بقبول ورفض التحويلات هو تطاول إضافي للمركزي على المؤسسات خاصة وأنه سيتحكم بعمل الوحدة المركزية وبقراراتها، ولعل الإشارة إلى أن الإعتراض على قرارات الوحدة يتم أمام محكمة خاصة يتم إنشائها من قبل مجلس القضاء الأعلى في كل منطقة تكون قراراتها مبرمة غير قابلة لطعن هو خير دليل على نية المشرعين عدم حصول هكذا إعتراضات إذ أن هذه المحاكم لن تبصر النور على شاكلة سابقاتها، علما أن ذلك ينسف القضاء والمحاكم الموجودة أصلا ويغير مفهوم التقاضي في القضايا المالية بموجب القوانين السارية المفعول.
رابعاً: إن القانون المقترح يمنح لجنة الرقابة سلطة مراقبة تطبيقيه وملاحقة المصارف المخالفة، وهنا نسأل، عن أية لجنة رقابة يتكلمون فهذه اللجنة بحكم غير الموجودة ولو أنها مارست دورها الرقابي بحسب القانون لما وصلت المصارف لما وصلت إليه، فهذه اللجنة هي لجنة ميتة يحكمها حاكم مصرف لبنان ولم تتحرك لأخذ أي تدبير ولابد من محاسبة أعضائعا عن التقصير الذي مارسوه طوال هذه السنوات ولازالوا.
خامساً: ينص القانون في مادته الثامنة على أنه قانون إستثنائي من النظام العام ويطغى على كل القوانين المرعية الإجراء ويطبق بمفعول رجعي على الدعاوى التي لم يصدر بها حكم مبرم في لبنان و الخارج، ولكن تناسى المشرعون ذكر أية مصالح عامة هي تلك التي يحميها قانون ساقط بهذا الشكل؟ فهذا القانون يتعارض مع الدستور اللبناني ومبدأ الملكية الفردية، وكيف يمكن لهذا القانون الإستثنائي أن يضرب قانون النقد والتسليف وقانون الموجبات والعقود عرض الحائط ويغير مفهوم التعاملات المصرفية ويلغي كافة المفاهيم بدون أي خطة شاملة مرافقة له. كما ولا يمكن لقانون لبناني إستثنائي أن يتحكم بقرارات محاكم أجنبية، وهذا يدل ان القانون هو فقط لحماية المصارف واصحابها وكبار مدرائها!”.
وتابعت: “أخيراً، كان لابد لمجلس النواب أن يستجمع قواه عند بداية الأزمة وينكب على صياغة قانون كابيتال كنترول يواكب خطة شاملة وشفافة وعادلة للدولة، إلا أنه تأخر قرابة السنتين فاسحا المجال للمصرف المركزي وللمصارف والمحظيين والمنظومة التي استفادت طوال 30 عاما بأن يحولوا أموالهم ويتنعموا بثرواتهم على حساب المودعين والبلد واستفاق المجلس اليوم بعذ ضغط صندوق النقد ليصدر قانونا على شاكلة هندسات رياض سلامة وكأنما هو إستمرار للجريمة التي إرتكبوها متكاتفين و متضامنين بحق الشعب اللبناني وليتهربوا من مسؤولياتهم ومن المحاسبة الفعلية التي كان يجب أن تطال كل من حول أمواله بشكل مشبوه وإستفاد من الفساد”.
وختمت الرابطة بيانها بالقول: “مخجل أن يصدر عن مجلس نواب الأمة قانون يفاقم أزمة المودعين ويغازل المصارف والمصرف المركزي وينسف مبادئ وأسس أساسية في التعاطي مع الأزمة ولكن ليس غريب على أعضاء مجلس ولجان إعتادوا مخالفة القوانين بدل تأكيد تطبيقها وكرسوا نهج الفساد واستشرسوا بالدفاع عنه أن يضيفوا هكذا قانون إلى سجلهم الأسود ولكن وإن هم أمعنوا بالظلم والتمادي نحن مستمرين بالمواجهة داخليا وخارجياً وإن غداً لناظره قريب”.