تغيير “الدواليب” على أبواب الشتاء “كَسرة” والتلكؤ كارثة
أسعار الجديد "جنونية" والطلب ارتفع على المستعمل
يعتبر شهر أيلول في كل عام، موعداً لإنطلاق موسم تغيير إطارات المركبات أو ما يعرف بـ”الدواليب”، في إطار الصيانة الدورية استعداداً لقدوم فصل الشتاء، وحفاظاً على إحدى مقوّمات السّلامة العامة بهدف الحد من الانزلاقات وحوادث السير.
إلاّ أنّ من التداعيات السلبيّة للانهيار المالي_الاقتصادي الذي يشهده لبنان، تلكؤ المواطنين عن استبدال “الإطارات” بسبب ارتفاع سعر الدّولار الجنوني ما يترجم اسعاراً “خيالية” بالليرة اللبنانية.
لذا الخوف كبير من إزدياد عدد حوادث السير خصوصاً جراء الإطارات السيئة ومن ارتفاع فاتورة الأضرار المادية والجسدية.
يسألون عن الدواليب المستعملة قبل الجديدة
رامي صاحب محل بيع وتصليح “دواليب” في الدكوانة يشير إلى أنّ الحركة إنخفضت 90% هذا العام، وعدد الذين يأتون لتغيير إطاراتهم على أبواب الشتاء قليل جداً مقارنة بالسنوات الماضية، مضيفاً: “فقط من يغيّر هو المضطر جداً، أي من أصبح دولابه غير قابل للتصليح أو انفجر. حتى لو قلنا إن هناك شريطاً “فالت” ويشكل خطرًا كبيرًا قد يؤدي الى انفجار الدولاب، بعضهم يكتفي أنّ شكل الدولاب من الخارج سليم ويؤجل تغييره. واللافت أنّ المواطنين يسألون عن الدواليب المستعملة قبل الجديدة”.
عن الأسعار، يقول رامي: “هناك نوعيات عدة للإطارات ومقاسات مختلفة والأسعار ترتبط بها. يبدأ سعر الدولاب ذو النوعية التجارية للسيارة العادية بـ30 دولاراً وللسيارة رباعية الدفع بـ 70 دولاراً. أما المعدل الوسطي للدولاب بنوعية مقبولة 50 دولارًا للسيارة العادية و 100 دولار لرباعية الدفع. التقسيط شبه معدوم لأن الزبون لا يدفع بالدولار مبدئياً بل بالليرة اللبنانية. فكيف لي أن اقسّط له وانا أشتري البضائع وفق تسعيرة الدولار ليس اليومية فحسب بل وفق كل ساعة بساعتها. فالمبلغ الذي سأقسّطه له اليوم قد يصبح من دون قيمة غداً”.
الوضع المأساوي سيطول
من جهته، يعتبر مدير الأكاديمية اللبنانية الدولية للسلامة المرورية الخبير كامل إبراهيم أن “قطاع صيانة السيارات ككل تعرّض لضربة كبيرة نتيجة الأزمة المالية والاقتصادية، لأنّ الهم الأساسي لدى المواطنين أصبح تأمين الغذاء والطبابة والاستشفاء. لذا لم يعد تغيير الاطارات أولوية، فثمن “الدواليب” الأربعة يفوق الراتب الشهري لشريحة كبيرة من الللبنانيين ويبلغ اضعاف الحد الأدنى للأجور”.
ابراهيم يحذّر عبر “أحوال” من أن الوضع المأساوي سيطول، ويردف: “هذا الأمر يؤثر بشكل كبير على السلامة المرورية وستظهر المشاكل خصوصاً مع بدء هطول الأمطار، حيث سيرتفع عدد الحوادث حكماً. إن تغيير الفرامل والإطارات أساسي جداً وبحاجة لصيانة دورية لا تحتمل التأجيل. نتجه إلى مشهد مأساوي على الطرقات، إن كان الحادث بسيطاً فكلفة الأضرار المادية ستنهك المواطن وإن كانت الاضرار بشرية فهي أخطر وقد لا تعوّض”.
“للاسف لا أرقام دقيقة عن الحوادث المرتبطة بوضع الإطارات لأن لا تحقيقات علمية”، يقول إبراهيم الذي يأسف ألا حلّ يمكن طرحه في الواقع سوى تغيير الإطارات إذ لا نقل مشترك يمكن الاعتماد عليه، مضيفاً: “قد تكون لبعض المصائب فوائد، ففي حال رُفِع الدعم عن البنزين ستخف تنقلات الناس وتلقائياً سيخفّ الخطر. للأسف هذا الأمر مضحك مبكٍ. نحن نعيش مرحلة خطيرة في ظلّ غياب تطبيق القوانين والرقابة وغياب إهتمام الناس بصيانة مركباتهم. منذ حكومة حسن دياب، الدولة غائبة كلياً عن هذا الملف”.
إستحينا نطرح واقع القطاع
لوكلاء ومستوردي الإطارات في لبنان نقابة تأسّست في 28/1/2003 بناء على قرار لوزير العمل حمل الرقم 9، ويكشف النقيب مازن زنتوت لـ”أحوال” أنّ حجم الاستيراد عام 2020 انخفض 70% مقارنة بالاعوام الماضية.
في خضم الأزمة التي تعصف بلبنان، يقول النقيب زنتوت: “إستحينا نطرح واقع القطاع في ظل مأساة اللبنانيين ومعاناتهم مع الغذاء والدواء والبنزين. أزمة قطاعنا تفصيل صغير أمام إنهيار البلد ووجع الناس التي لم تعد تحتمل”.
لبنان كان يستورد بالتراتبية من: الصين، اليابان، كوريا، إندونيسيا والإتحاد الأوروبي. أما اليوم وبفعل إنهيار سعر الليرة مقابل الدولار يتم شراء كميات أكبر من البضائع الأرخص، لذا حلت في المراتب الثلاث الاولى تدريجياً: الصين، كوريا وإندونيسيا.
هل إستيراد إطارات مستعلمة قد يكون حلاً؟ يجزم النقيب زنتوت بالنفي لأنه ممنوع استيراد الدوليب المستعملة الى لبنان لما تشكّله من خطورة إذ لا يمكن التأكد من مدى جودتها.
حتى الساعة لم تقفل أي من المؤسسات المنضوية تحت النقابة، ليس بسبب إزدهار الأسواق بل لأنّ الأزمة الفعلية بدأت مع انطلاق حراك 17 تشرين وحينها كانت المؤسسات قد إستقدمت طلبياتها من مطلع أيلول، وهي لا تزال مكدّسة في المستودعات لأن الطلب كان قليلأ.
في الأساس طرقات لبنان حلبات للموت جراء سوء البنى التحتية وعدم تطبيق القوانين والتقيد بأخلاقيات السير.
أما اليوم، في ظلّ الضغط النفسي والتشنّج الذي يعيشه المواطنون، إنعدام وجود الدّولة لا في صيانة البنى التحتيّة، ولا في صون القوانين، والترهّل والإهمال الذي يصيب الآليّات السيّارة فنحن على موعد على الطرقات مع وجه من وجوه “جهنم” التي حدثنا عنها رئيس البلاد.
جورج العاقوري