ميديا وفنون

ميناماتا.. آخر عمل قام به حرباء هوليوود جوني ديب بعد أزمته الأخيرة.. فهل سيعود؟

مرّ الممثل جوني ديب بمجموعة من الأزمات المتلاحقة منذ 2019، أبرزها القضايا التي رفعتها عليه زوجته السابقة آمبر هيرد بإساءته لها خلال فترة زواجهما، والتي رفع مقابلها قضايا أخرى لإثبات أنها هي الشخص المسيء، ونسيَ الكثيرون في كل هذه الفوضى أن ديب كان واحدا من ألمع نجوم جيله وأكثرهم شهرة وشعبية، فمرّ عرض فيلمه “ميناماتا” (Minamata) دون الكثير من الاهتمام الذي يستحقه.

إذا أجريت بحثًا سريعًا عن أدوار الفنان جوني ديب، ستجد أنه قدم فيلمًا وحيدًا عام 2019، ولم يُعرف إذا كان سيعود بخلاف دوره في “ميناماتا”، ويمكن القول إن التمثيل هو كلمة قليلة على ما قدمه جوني من أداء مميز في هذا الفيلم، حيث يبذل مجهودًا واضحًا في تجسيد شخصية المصور اليائس من حياته، الذي يتنازعه الجانب الإنساني مع الضعف أمام النقود، كل هذا مع الحفاظ على جعل الشخصية مسنة بشكل واضح، ليس في الشكل، ولكن في الروح أيضًا، وهو ما يدل على أن الممثل الكبير لم يفقد قدرته بعد.

ربما لم يفقد جوني ديب قدرته على التشخيص، لكنه بنسبة كبيرة فقد قدرته على اختيار الأفلام الجيدة، إذ يبدو واضحًا أنه يحاول اختيار أعمال صعبة والعودة بأفلام فنية وبعيدة عن القالب التجاري والجماهيري المعتاد منه، ولكن ماذا ستكون ردة فعلك عندما تعلم أن عودته للسينما أصبحت قريبة بحسب موقع “الديلي ميل”.

جوني بين السينما والفوتوغرافيا

تدور أحداث فيلم ميناماتا المبني على قصة حقيقية خلال سبعينيات القرن الماضي، حول المصور الفوتوغرافي الشهير أيوجين سميث الذي يعمل لمجلة لايف، وتدعوه فتاة يابانية أميركية تدعى إيلين لتصوير الكارثة البيئية التي تحدث في المدينة الصغيرة ميناماتا، نتيجة لتلوث المياه بمخلفات أحد المصانع الكبيرة، وهي القضية التي تغض عنها الحكومة اليابانية النظر، على الرغم من أن ضحاياها أكثر من جيل من الأطفال المصابين بالتشوهات الخلقية المرعبة، وهو ما يدفع أيوجين الذي كان يعاني من الإفلاس والاكتئاب إلى التعاطف مع القضية، ويذهب في رحلة ليقدم واحدة من أهم أعماله الفوتوغرافية.

يمثل الفيلم نقطة تلاق بين فن التصوير الفوتوغرافي، والفن الذي تطور منه وهو “السينما” التي يطلق عليها اسم فن الصور المتحركة، فالثبات أهم خاصية من خصائص الفوتوغرافيا،عندما تفقده وتتحرك هذه الصور يصبح لدينا الفيلم السينمائي، وفي هذا الفيلم الذي يدور على مجموعة من أشهر الصور الفوتوغرافية في التاريخ وأحد أهم المصورين، كان لا بد من صنع أرض خصبة بين الفنين.

هذا واضحا في طريقة تصوير فيلم ميناماتا الذي يركز بشكل مستمر على تأطير الكادرات، أو اختيارها بشكل يشبه ما يحدث في الصور الفوتوغرافية والعناية بما يظهر فيها، ثم الثبات في الحركة أثناء التصوير السينمائي، ليشعر المشاهد أنه أمام صورة فوتوغرافية ثابتة، خاصة مع الصور المشابهة لما صورها يوجين بنفسه أثناء رحلته التي امتدت عامين في ميناماتا.

جوني ديب ورحلة البطل الذي لا يموت

اشتهر جوني بتقديم شخصيات عديدة تتطلب مكياجَا يغير الكثير من ملامحه، وتقمصا تاما، مثل الكابتن جاك سبارو في سلسلة أفلام “قراصنة الكاريبي”، أو صانع القبعات المجنونة في “أليس في بلاد العجائب”، لكن هذه المرة الدور لشخصية حقيقية، ذات مظهر معروف وطبيعي للغاية، لكن كذلك استطاع ديب الاقتراب من شكل الشخصية وروحها كما يفعل مع الشخصيات الخيالية، فنجده من حيث المظهر متطابقا مع أيوجين خلال هذه الفترة العمرية، بالإضافة إلى لمسته الخاصة بالتأكيد التي أكسبت الشخصية سحرًا.

فيلم ميناماتا كتب تباعا لما يطلق عليه في عالم السيناريو “رحلة البطل”، وهي صيغة تستخدم في بناء حبكات الأفلام وفقا لخطوات معينة تجتذب المشاهد، مبنية بالأساس على الأساطير الشعبية القديمة التي حللها العالم جوزيف كامبل في كتابه “البطل بألف وجه”، وصرّح المخرج جورج لوكاس بعد نجاح فيلم “حرب النجوم” بأنها كانت الأساس التي بنى عليها العمل، فأصبحت مثل الوصفة السحرية لأشهر الأفلام بعد ذلك.

تتكوّن رحلة البطل المثالية من مراحل معينة، تبدأ بالعالم الاعتيادي للشخصية، ثم نداء المغامرة، ورفض النداء، ثم الرحلة نفسها، والمرشد الذي يساعد البطل على اجتياز الصعاب ويعرفه على العالم الجديد، ثم مرحلة الموت أو الفقد، وبعدها استجماع الذات وتحقيق النصر، والعودة بالإكسير السحري، والمراد به الغرض والمطلب الذي يبحث عنه البطل منذ البداية.

موضوع فيلم ميناماتا يميل إلى الميلودراما الشديدة بوضوح، فهو يتحدث عن مأساة بالمعنى الحرفي للكلمة، وأجيال من الأطفال المشوهين، لذلك كان من الطبيعي أن يغلب هذا الطابع على الفيلم الذي ارتكز على استدرار مشاعر المشاهدين بشكل جلي.

جوني ديب يخرج من الحصار الهوليوودي ويعود إلى السينما بطوق نجاة جزائرية

بعدما حاصرته هوليوود لمدة عامين، يستعد النجم جوني للعودة بقوة إلى الشاشات الكبيرة، للمشاركة في عمل سينمائي ضخم يقوم ببطولته. ومن المقرر أن يؤدّي ديب دور الملك الفرنسي لويس الخامس عشر في فيلم جديد تحت إشراف المخرجة الفرنسية الجزائرية ماي وان، وسيبدأ بالتصوير في قصر فرساي بباريس في تموز المقبل. يعتبر فيلم “لويس 15” فرصة لجوني لكسر الحصار الذي يتعرض له من طرف هوليوود، وقد يساهم في عودته إلى الساحة عبر البساط الأحمر لمهرجان كانّ عام 2023، بعد عامين من العزلة.

هذا وقد أعلنت شركة “ديسكفوري” في تشرين الثاني أنها ستنتج وثائقياً بعنوان Johnny vs Amber، مؤلف من حلقتين يحكي قصة انهيار الزواج بين ديب وهيرد، فضلاً عن معركتهما القانونية التي تلت ذلك.

يحيى الطقش

طالب لبناني يدرس الصحافة في كلية الاعلام في الجامعة اللبنانية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى