مجتمع
أخر الأخبار

النقابات بين الكباش السياسي والاهتراء الاقتصادي .. والعامل الضحية الثابتة

لا شكّ أنّ النقابات وعلى مدى سنوات طويلة لعبت دوراً كبيراً في رفع مستوى العامل وحمايته وتفعيل دوره في المجتمع، إلّا أنّ هذا الواقع تغيّر اليوم، وبات العامل لا صوت له ولا قوّة.
ويعيش العمال في هذه الفترة حالة من الظلم خاصة فيما يخص الطرد التعسفي، إذ يلتحف أرباب العمل بحجة الوضع الاقتصادي الصعب وضعف الحركة التجارية، فأين النقابات ممّا يحصل بحق الأجراء المنتسبين لها؟

للإجابة عن هذا السؤال، يجب العودة إلى تاريخ النشأة السياسية للاتحاد العمّالي العام في ظل “دولة الطائف”، إذ ضعف دوره وخسر هيبته بعد الحرب الأهلية بعد أن تشبثت به براثن الأحزاب السياسية والفكر المذهبي وبدأت تتعشش به الصراعات الحزبية، وبدلاً من أن يهتم بشؤون المنتسبين إليه، تحوّل لمنصة تسجيل نقاط سياسية وشد حبال، والدليل، أن نقابة المحامين، حين استلمها المستقلّون (النقيب ملحم خلف) تطوّر عملها بشكل ملحوظ واستعاد المحامون جزء من حقوقهم، على الأقل المعنوية منها.

من جهة أخرى، يجب التوضيح أنّ قانون العمل أعطى حرية مطلقة للنقابات للدفاع عن المستخدمين والعمال، من حيث رفع الصوت والتظاهر والضغط على المسؤولين، إلّا أنّ النقابات لا تستطيع تغيير بنية الاقتصاد ولا تعديل الحركة الاقتصادية، الأمر الذي يراه الكثيرون على أنّه تقصير وضعف من جهة الأطراف المخوّلة الدفاع عن الموظفين.
“في هذا الصدد، يوضح المحامي سليمان مالك لـ “أحوال” أنّ المشكلة الأساسية تكمن في الاهتراء الاقتصادي الذي أجبر المؤسسات خاصة السياحية منها على إغلاق أبوابها وتسريح موظفيها في ظل وجود قوانين مجحفة بحق الحرية النقابية التي تحدّ من دورها لتحصيل حقوق العمال.

ويقول رئيس الإتحاد الوطني لنقابات العمّال والمستخدمين في لبنان كاسترو عبد الله للموقع أن الاتحاد يخوض حرباً مع السلطة منذ العام 2012 حيث انسحب من الاتحاد العمالي العام بسبب التدخلات الحزبية وتفريغه من الداخل، وأكّد أنّ القوانين التي ترعى العمل النقابي تحتاج للكثير من التعديل كي تستعيد النقابات والاتحادات العمالية دورها السابق، خاصة وأنّ القانون لم يتم تعديله منذ أكثر من سبعين عاماً.

ويقول كاسترو أن الاتحاد يتواصل مع وزارة العمل بشكل دائم إلّا أنّ دور الوزار ة محدود ومتواضع مقارنة بحجم الأزمة، لذا من الضروري تعديل القوانين التي توسّع رقعة الصلاحيات لوزارة العمل كي تتمكن من التأثير بشكل أكبر على أصحاب المؤسسات التجارية والسياحية.
وكشف أنّ الاتحاد قدّم شكوى للجنة الحريات النقابية التابعة لمنظمة العمل الدولية لتطبيق القانون رقم 87، الذي يجيز للنقابات والاتحادات الضغط بشكل معنوي وفعلي على المؤسسات، خاصة وأنّ القانون المحلي لا يراعي المواثيق والتشريعات الدولية المتعلقة بأزمات العمل والعمال.

ختاماً، لا يمكن معالجة أسباب التقصير في العمل النقابي والعمالي دون العودة للأسباب الجوهرية التي أوصلت البلاد إلى حافة الهاوية، لذا من المهم إعادة صياغة القوانين والعمل على تحصين الاقتصاد من الأزمات المتعاقبة مثل أزمة كورونا وانفجار المرفأ والتدخلات الخارجية، كما توعية المنتسبين على ضرورة رفع الغطاء عن الأحزاب في فترات الانتخابات النقابية لمستقبل نقابي أفضل وأربح للعامل.

جويل غسطين

جويل غسطين

صحافية لبنانية تهتم بالشؤون الاجتماعية والثقافية، حائزة على شهادة البكالوريوس في الإعلام من الجامعة اللبنانية الدولية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى