منوعات

فوضى الأسعار في السوبرماركت: التّسعير على مزاج التّاجر

“لم يرأف التّجار بالمواطنين منذ لحظة تدهور سعر صرف اللّيرة اللّبنانية” هكذا هو المشهد العام منذ اندلاع الأزمة، فما إن حلّق الدّولار حتى ارتفعت معه أسعار كل السّلع والمنتجات في الأسواق حتى وصلت إلى مستويات جنونيّة، فيسارع التّجار إلى تبديل الأسعار صعوداً، أمّا عند تراجع الدولار لا يشعر المواطن بانخفاض أسعار السلع.
الأمر الأسوأ، هي في شكوى المواطنين من عدم مطابقة أسعار السّلع المكتوبة على الرفوف بالأسعار المسجّلة على أنظمة المحاسبة في معظم المتاجر لاسيما الكبرى منها، فيما بقيت بعضها بلا تسعيرة إلى حين ارتفاع الدولار مجدّداً، وهذه مخالفة قانونية كبيرة برسم مصالح حماية المستهلك والوزارات المعنية.
محمد ن. اختار حاجياته من على رفوف المتجر الكبير في بيروت بما يتناسب مع المبلغ المالي الذي يحمله، ليفاجأ عند المحاسبة بفارق كبير جداً بين حساباته “على بيدر الرف وبين حقل المحاسبة” وبعد اعتراضه حاول الموظف تبرير الأمر بتلاعب سعر الدولار سريعاً خلال وقت تبضعه “ومش عمنلحق نغير الأسعار عن الرف فنغيّرها على برنامج الحسابات عند نقطة الدفع فقط”.
وفي حادثة مماثلة تؤكد على تلاعب التّجار بالأسعار، وعدم قبولهم بخسارة ولو ليرة واحدة بسبب تقلبات سعر الصّرف، يروي لؤي ف. ما حصل معه في هايبرماركت مشهور بعد أن اختار مسحوق تنظيف مسجل عليه سعر 53 ألف ليرة، وعندما وصل الى المحاسبة طلبت منه الموظفة 83 ألف ليرة، ليأتي التبرير بأنّ “الرّف الذي اختار منه المنتج ستُبدّل أسعاره خلال النّهار”.
نائبة رئيس جمعيّة المستهلك د. ندى نعمة تؤكد لـ”أحوال” أنّه “من واجب المتاجر تغيير أسعار السّلع على الرفوف فور ارتفاعها أو انخفاضها، ولكن اليوم وبسبب التّقلبات الحادة في سعر صرف الدولار أصبح أمام التّجار حجة لعدم تغيير الأسعار المعروضة والاكتفاء بتبديلها على أجهزة المحاسبة، وهي طريقة ملتوية يعتمدونها وعلى “عينك يا مواطن” في ظل غياب الرّقابة الفعليّة التي تركت بعض التّجار يسرحون ويمرحون على هواهم”.
ومن الناحية القانونية تشير نعمة إلى أن “هذه الأفعال يحاسب عليها القانون، إلا أنّ كلّ ما وصلنا إليه اليوم من فوضى وتفلّت سببه غياب القوانين وتنصّل الوزارات من مسؤوليّاتها منذ حوالي السّنتين بذريعة عدم وجود المراقبين، علماً أنه باستطاعتها ابتكار الحلول الفعّالة إن أرادت، ولكن في بلد مثل لبنان يسوده الفوضى والمحسوبيّات لن نلاحظ سوى انسداد آفاق حل الأزمات”.
وتضيف نعمة أن “هناك شكاوى كثيرة تصل إلينا من المواطنين حول غلاء الأسعار، وعلى وزارة الاقتصاد أن تضرب بيدٍ من حديد لمراقبة ومحاسبة كلّ من يحاول الغش والتلاعب والجني الأموال على حساب الناس الذين يئنون بفعل الأزمات المتفاقمة”.
وتطلب نعمة من المواطنين في حال لاحظوا أي “خلل أثناء عمليّة الشراء من السوبرماركت مراجعة الإدارة وعدم الرضوخ للأمر الواقع، لا بل ويحقّ لهم الدّفع على أساس السّعر المكتوب على الرّف”.
وفي الاطار ذاته يؤكد مصدر من وزارة الاقتصاد أن “أسعار المنتجات المعروضة على الرّفوف يجب أن تكون نهائية وتدوّن على بطاقة السّعر وأن تكون مطابقة للأسعار بأجهزة المحاسبة (الكاشير)، وفي حال المخالفة فعلى المواطن تقديم شكوى لدى الوزارة”.
ويؤكد المصدر أنّ “مراقبي حماية المستهلك في وزارة الاقتصاد يقومون بجولات ميدانيّة يوميّة بمساعدة البلديّات وعناصر من الأجهزة الأمنيّة المعنيّة على السّوبرماركت في المناطق للتّدقيق بالأسعار وتسطير محاضر الضّبط بحقّ المخالفين”.
ويلفت إلى أنّه “كثيراً ما يحاول التّجار إيجاد الحجج لتبرير تصرّفاتهم بترك الأسعار القديمة نظراً للتقلبات الحادة في سعر صرف الدولار، ولكن هذا الأمر مرفوض ولن نسمح لهم بتحقيق الثّروات من جيب المواطن”.
وللتذكير فإن مؤشر أسعار الاستهلاك لشهر أيلول 2021 قد سجّل ارتفاعاً وقدره 144,12% بالنسبة لشهر أيلول 2020، ويبقى السؤال الأهم “من يحمي المواطن من جشع التجار الذين يجنون الثّروات على حساب الشعب رغم انعدام قدرته الشرائيّة؟”.

ناديا الحلاق

صحافية في صحف لبنانية عدة في أقسام السياسة الدولية والاقتصاد. كاتبة في مجلات عربية عدة ومواقع الكترونية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى