مجتمع

40% من أطباء السيسوبيل غادروا الجمعية… أزمة البنزين تضرب القطاع الصحي

مع كلّ ارتفاع في سعر صفيحة البنزين يتنهّد اللّبنانيون، فمنهم من ركن سيّارته جانبًا وفضّل المشي ضمن بيروت، ومنهم من لجأ إلى وسائل نقل أخرى أقل كلفة، حتى أنّ معظم الموظفين في القطاعين العام والخاص خفّضوا حضورهم في مراكز عملهم تماشيًا مع الأزمة واعتمدوا العمل عن بعد، لكن هناك من يستحيل اتباع هذا الإجراء، وأولهم الأطباء والممرّضون، إذ إن عملهم مرتبط بحضورهم إلى المستشفيات والعيادات والمراكز الطبيّة، هذا الأمر دفعهم لرفع الصوت عاليًا، للمطالبة بأيّ إجراء يخفف عنهم عناء التنقّل والمصاريف المرتفعة.

قسم كبير من الأطباء باتوا عاجزين عن تأمين الحدّ الأدنى من العيش اللّائق الكريم في هذا البلد، بعد أن كان للطبيب وضع اجتماعي جيد، اليوم صفيحة البنزين بـ350 ألف ليرة، كم ستطلب من المريض بدل معاينة؟ معظم المرضى لا يملكون ثمن البدل، فمعظمهم إمّا عاطل عن العمل أو راتبه لا زال على حاله، وإن كان لديه المال في المصرف فالأموال محجوزة، وفق ما أكّده نقيب الأطبّاء البروفيسور شرف أبو شرف في حديثه لـ “أحوال”.

وأشار أبو شرف إلى أنّ الطبيب الذي لديه أُسرة، أولاده في الجامعات في لبنان أو في الخارج، كيف سيستطيع الاستمرار في تأمين مصاريفهم التعليمية بعد كل هذا الانهيار الحاصل، لذلك هناك أطباء غادروا لبنان للبحث عن فرص عمل في الخارج.

ولفت أبو شرف إلى أنّ أكثرية الأطباء تعمل إمّا مجانًا أو شبه مجانًا، تماشيًا مع أوضاع المواطنين السّيئة، وهناك البعض ممّن رفع تسعيرته كون لديه مصاريف كبيرة، لكن بالإجمال الكثير من الأطباء يراعون أوضاع الناس، فالمشكل الاقتصادي الحاصل في البلد ضرب كلّ القطاعات والقطاعين الطبي والاستشفائي في مقدتها.

جمعية السيسوبيل والتي تعنى بالأطفال من ذوي الاحتياجات الخاصة، تضمّ 32 ممرضًا، هناك 12 ممرضًا تركوا وظيفتهم ولديهم خبرة كبيرة في معالجة الأطفال، أي قرابة الـ 40% وهذه خسارة كبيرة.

“صعب جدًّا أن نأتي بممرضين جدد للقيام بهذه المهام التي كان هؤلاء الممرضون يقومون بها، فنحن نفقد هذه الطاقات التي نحن بأمس الحاجة لها”، يقول أبو شرف.

وأكّد أبو شرف أن الجهّات الضامنة لا تملك المال، والوزارة مفلسة، والضمان مفلس والدولة كذلك، مشدّدًا على ضرورة تأمين الحد الأدنى من التأمينات والتحفيزات للطبيب والممرض ليستمرّوا بالقيام بواجبهم الإنساني، وإلّا لن يبقى أحد، لافتًا إلى أنّ كلفة الاستشفاء باتت كبيرة جدًّا لأنّ المعدّات في المستشفيات كلّها بالدولار الأميركي والأدوات الطبية التي تستعمل في العمليات الجراحية كذلك.

أزمة المحروقات ليست فقط على الطبيب والممرّض وإنما أيضًا على المستشفيات، وهذا ما يثقل كاهل قطاع الاستشفاء، فلبنان الذي كان مستشفى الشرق أصبح اليوم بحاجة إلى مستشفى لعلاج أزماته المستعصية، وأمام الانهيار الحاصل في القطاعات الطبية، تبقى الوقاية الحل الأمثل لتجنّب الخوض في محنة الاستشفاء.

منير قبلان

باحث قانوني. إعلامي ومعد برامج وتقارير سياسيّة واجتماعية. يحمل شهادة الماجيستير في الحقوق

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى