طالب مهدد بالسجن والسبب.. مصرف لبناني
في التاسع عشر من آب الماضي أصدر مصرف لبنان تعميمًا يُلزم فيه المصارف اللبنانية بتحويل الأقساط الجامعية للطلاب اللبنانيين في الخارج الذين يملكون هم أو أولياء أمورهم حسابات لديها وذلك حتى سقف 10 آلاف دولار سنويًا أو ما يعادلها بالعملات الصعبة. حينذاك راسل الطالب اللبناني يحيى فاضل ذويه من أجل تحويل قسطه الجامعي من بيروت إلى حساب جامعة تامبوف الطبية الروسية حيث يدرس هو هناك طب الأسنان في سنته الدراسية الثانية.
المفاجأة كانت حين رفض بنك لبنان للتجارة BLC، بحسب ما يؤكد فاضل لـ “أحوال”، أن يُجري المصرف من حساب فاضل الشخصي تحويل مبلغ 3866 دولارًا إلى حساب جامعته، تحت ذريعة عدم قيام فاضل بتحويل قسطه بهذه الطريق قبل صدور تعميم مصرف لبنان. هنا، يوضح الشاب أنّ العادة جرت أن يسحب هو القسط الجامعي نقدًا من المصرف أثناء تواجده في لبنان ليدفعه فور عودته إلى روسيا، ولكن منذ بدء المصارف بسياسة التشدّد بات هذا الأمر مستحيلًا، فلجأ عبر أهله إلى طلب تحويل القسط.
بالعودة إلى تعميم حاكم المصرف المركزي، والذي يتضمن ثلاث مواد تعرض شروط التحويل وهي:
- أن يكون مسجلًا في الجامعة قبل نهاية العام 2019.
- أن يتم ابراز مستندات تثبت قيمة الأقساط التعليمية وبدل الإيجار أو أن تكون جرت العادة على تنفيذ تحويل لتسديد هذه النفقات.
- أن لا يتعدى سقف المبلغ 10 آلاف دولار.
بحالة فاضل، تنطبق الشروط الثلاثة التي أدرجها المصرف المركزي بتعميمه على وضعه، فأهل الطالب كانوا قد برزوا كل المستندات الرسمية الصادرة عن الجامعة والمصدّقة من المراجع المختصّة، في حين يستند المصرف إلى الجزء الثاني من البند الثاني من المادة الأولى رافضًا التحويل، مع العلم أن التعميم يظهر بوضوح أنه في حال برز المستندات الرسمية ينتفي شرط حصول تحويل مسبق في هذا الإطار والعكس صحيح.
وبانتظار أن يرق قلب المصرف على الطالب اللبناني، هو الذي لا يطالب سوى بقسم من ودائعه، يقبع الشاب في روسيا مهدَّدًا بدمار مستقبله وتضييع سنتين من دراسته في حال لم يسدد القسط، حيث ستعمد الجامعة إلى فصله بحسب القوانين المرعية، الأمر الذي سيلغي إقامته في البلاد بشكل تلقائي نظرًا لإرتباط الإقامة بوجوده في الجامعة. الأمر لا ينتهي هنا، بل وبسبب تفشي وباء الكورونا وعدم وجود طيران بين لبنان وروسيا في هذه الفترة، قد يواجه يحيى فاضل خطر السجن في حال ألغت السلطات الروسية إقامته ووجب ترحيله من البلاد، ليكون السجن هو صالون انتظاره الأسود.
عشرون يومًا هي المهلة المتبقية أمام يحيى فاضل لدفع القسط الجامعي، في حين يعرض البنك اللبناني للتجارة BLC على أهله سحب القسط بالعملة اللبنانية وشراء الدولار من الصرافين، الذين يمتنعون هم أيضًا عن تأمين الدولار للطلاب على سعر 3900 ليرة تقريبًا كما يقول تعميم آخر للمصرف المركزي.
التعميم الصادر عن المصرف المركزي لم يغفل أيضًا حاجة الطالب المغترب إلى بدل سكن ومعيشة، وهو الأمر الذي يضاعف من صعوبات حياة الطالب المحتجزة أمواله في المصارف، فليس بالمحاضرات والصفوف وحدها يحيا الطالب في الإغتراب.
قضية يحيى تفتح الباب أيضًا للسؤال عن الطلاب الذين يودّون السفر اليوم للخارج، هم المحرومون بحسب التعميم من تحويل يشترط تسجيلهم في الجامعة قبل نهاية الـ2019 حصرًا. في هذا الإطار كان قد إلتقى وفد من كتلة لبنان القوي حاكم مصرف لبنان طارحين عليه فكرة الدولار الطالبي، ليتمكن كل من يتلقى علمه في جامعات الخارج من تحويل قسطه الجامعي من لبنان على سعر صرف 1500 ليرة.
يحيى فاضل ليس وحيدًا، ولذلك ليس المطلوب اليوم إصدار التعاميم والتشريعات فقط، وإنّما ملاحقة تطبيقها.