منوعات

تنافسية منقطعة النظير في القطاع المصرفي السعودي

نشرت مجموعة “بوسطن كونسلتينج جروب” دراسة بحثية جديدة تسلط الضوء على المشهد التنافسي في القطاع المصرفي للمملكة العربية السعودية، وتأثيره على توجهات عملاء الخدمات المصرفية. ووفقاً للدراسة الجديدة، فإن توقعات المستخدمين في السعودية ومتطلباتهم فيما يتعلق بالقطاع المصرفي، تشهد تطورات متسارعة في عالم شديد التغير.

وكجزء من الدراسة التي تحمل عنوان “ثقة المستهلك بالقطاع المصرفي لعام 2021″، استطلعت مجموعة “بوسطن كونسلتينج جروب” آراء أكثر من 2000 شخص في المملكة لفهم توجهات المستخدمين ومتطلباتهم وسلوكياتهم المتغيرة في التعامل مع البنوك، حيث وجد البحث أن 52% من المشاركين في الدراسة أبدوا اهتمامهم بتغيير بنوكهم الحالية، وأن 63% يبحثون بنشاط عن عروض وخدمات مصرفية جديدة.

وتعليقاً على النتائج، قال العضو المنتدب والشريك في مجموعة “بوسطن كونسلتينج جروب”، مصطفى بوسكا: “يتميز القطاع المصرفي السعودي بقدرات هائلة وإمكانات متعددة، ما يدفع العملاء للتعامل مع أكثر من مصرف في آن واحد، لاسيما مع ارتفاع سقف التوقعات من قبل المتعاملين، للحصول على خدمات ومنتجات تلبي احتياجاتهم المتزايدة على نحو مستمر، إذ يأتي ذلك تزامناً مع انتشار الخدمات المصرفية الرقمية، التي تتميز بسهولة الاستخدام وبميزة المرونة التي تزداد أهميتها في عالم سريع التغير”، مضيفًا: “وأظهر ثلثا المشاركين في الاستطلاع الحديث الذي أجريناه، اهتمامهم الكبير بالاستفادة من العروض التي توفر قيمة أفضل، بينما صرح حوالي النصف، عن عدم ترددهم في الانتقال للتعامل مع بنك جديد كلياً، في حال تقديم خدمات أكثر تناسباً مع متطلباتهم. وتسلط هذه الاتجاهات الضوء على الطبيعة التنافسية للخدمات المصرفية الخاصة بالأفراد حالياً، في وقت توجه عدد كبير من العملاء عبر فئات الدخل المختلفة، بتغيير المصارف التي يتعاملون معها خلال العام الماضي”.

مصطفى بوسكا

هذا ويُظهر البحث أن متعامل واحد من كل اثنين فقط في القطاع المصرفي السعودي، حافظ على التعامل مع مصرف واحد لأكثر من خمس سنوات متتالية، وهو ما يُعزى في المقام الأول إلى رغبة المستخدمين في الحصول على تجارب مصرفية محسنة. وبحسب الدراسة الجديدة، قام 49% من المتعاملين بتغيير البنوك التي يتعاملون معها في السعودية خلال السنوات الخمس الماضية. وقد شكلت معدلات الفائدة المرتفعة ومحدودية خيارات الخدمات والمنتجات المقدمة وعدم تلبيتها لاحتياجات المتعاملين، وخدمة المتعاملين السيئة من بين العوامل الرئيسية التي دفعت المتعاملين للتغيير. بينما تعتبر خدمة المتعاملين الممتازة، وسمعة العلامة التجارية، والتجارب الرقمية عالية المستوى بمثابة الأسباب الرئيسة التي تدفع العملاء إلى اختيار البنوك الجديدة والتوصية بالتعامل معها في الآونة الأخيرة.

من جهته، المدير العام والشريك في “بوسطن كونسلتينج جروب”، بهافيا كومار، قال: “أشار المشاركون في الاستطلاع إلى مجموعة من الأسباب التي تدفعهم لاتخاذ القرار بتغيير المصرف الذي يتعاملون معه، وتشمل هذه الأسباب: محدودية المنتجات والخدمات التي تلبي الاحتياجات الفردية، والخدمة السيئة للعملاء، وزيادة أسعار الخدمات، والرسوم المفروضة على المنتجات، والحد الأدنى للرصيد. من هنا يتوجب على المؤسسات المصرفية الرائدة التي تخسر المتعاملين نتيجة هذه العوامل، إعادة تقييم الخدمات التي يقدمونها وتحسينها للارتقاء بتجارب المتعاملين على النحو الأمثل”، مضيفًا: “ومن المعلوم أن سوق الخدمات المصرفية يشهد توفر العديد من الخدمات والمنتجات التي تجذب اهتمام المتعاملين، كمكانة العلامة التجارية والخدمات الرقمية الممتازة والخبرات المتطورة التي تدفع لتحديد معايير جديدة في القطاع”.

بهافيا كومار

ووفقًا لنتائج البحث، شهدت الحسابات الجارية وبطاقات الائتمان إقبالاً واسع النطاق خلال العام الماضي. في حين بقيت المنتجات المصرفية الأخرى، بما في ذلك القروض الشخصية والودائع الثابتة، متراجعة مقارنة بمستويات عام 2020. ويعود السبب الرئيسي في ذلك، إلى الميزات الرقمية الجديدة التي توفرها الحسابات الجارية وبطاقات الائتمان، حيث تمكن المتعاملين من الحصول عليها بسهولة وبساطة عبر الإنترنت في أثناء فترة الإغلاق المرتبطة بانتشار الوباء. ومع ذلك، يُظهر الاستطلاع إقبالاً ملحوظاً على منتجات التوفير المبتكرة عبر سوق التجزئة، كعامل أساسي تدعمه الأولويات الوطنية.

على صعيد آخر، أبدى 88% من المشاركين استعدادهم لفتح حساب مصرفي مع بنك رقمي بالكامل لا يملك فروعاً على أرض الواقع، ما سيؤدي بالتالي إلى مواجهة المصارف التقليدية للمزيد من التحديات. وتتزايد توقعات المتعاملين بخصوص الاستفادة من القنوات المصرفية الرقمية، وأهمها إجراء جميع المعاملات باستخدام هواتفهم الذكية. ومن أهم الميزات الجاذبة لاهتمام العملاء، والتي تساهم في توجيههم للتعامل مع المؤسسات المصرفية الافتراضية، القدرة على فتح حساب فوري، ودفع الفواتير بسهولة، والاستفادة من العروض الشخصية، مع فرصة الحصول على بطاقات الائتمان الافتراضية الفورية، بالإضافة إلى الاهتمام بعمليات الاستثمار والادخار.

ومن جهته، قال مدير مشروع في “بوسطن كونسلتينج جروب”، مارتن بليشتا: “أدى تسارع وتيرة التحول الرقمي إلى تحديد معيار جديد لشركات الخدمات المصرفية للأفراد. ويسعى المتعاملين للحصول على تجارب شخصية ومخصصة باعتماد الخدمات الرقمية، وستسعى الغالبية إلى إيجاد بدائل في حال توفر عروض أفضل، حيث يؤكد ذلك الرغبة الكبيرة بين المستجيبين لفتح حسابات رقمية فقط. ومن المتوقع أن يستمر الإقبال على الخدمات المصرفية الرقمية في السوق السعودي”، مضيفًا: “ومع وضع كل ما سبق في الاعتبار، يقع على عاتق كل بنك مسؤولية مواصلة تسريع عملية التحول الرقمي وإعادة تصور الخدمات التي يتم تقديمها للمتعاملين”.

مارتن بليشتا

بالإضافة إلى ذلك، أظهر المشاركون استعداداً أكبر لمشاركة بياناتهم عبر الإنترنت واستكشاف الأصول الرقمية والعملات المشفرة الجديدة. ويبدو ذلك جلياً من الأرقام التي أظهرها البحث، حيث أكد 44 ٪ من المشاركين أنهم قد استثمروا بالفعل – أو على الأقل كانوا يخططون للاستثمار في العملات المشفرة. كما تم تسليط الضوء على الانتشار الوشيك للخدمات المصرفية المفتوحة. وأظهر 79% من المشاركين السعوديين، استعدادهم لمشاركة بياناتهم مقابل الحصول على تجارب مصرفية محسنة – في وقت أظهر 66٪ من المتعاملين الأوروبيين قبولهم لنشر بياناتهم.

التداعيات الرئيسية التي تواجهها البنوك السعودية ومجالات التركيز خلال الـ 12 شهراً القادمة

بناءً على نتائج استطلاع هذا العام، هناك خمسة مجالات تركيز رئيسية تعتبر حيوية للبنوك في العام المقبل:

1- الاستمرار في تسريع عملية التحول الرقمي وإعادة تصور تجارب المتعاملين لتلبية احتياجاتهم المتزايدة
2- إطلاق عروض مدخرات وإقراض رقمية مبتكرة للاستفادة من الطلب المتزايد والوصول إلى السوق على نحو معزز
3- إضفاء الطابع الشخصي على التسويق حول أسلوب الحياة المالي للعميل مثل، عادات الإنفاق والعلامات التجارية المفضلة باستخدام التحليلات والدراسات
4- تضمين فئات أصول جديدة لتلبية احتياجات العملاء المتزايدة
5- إنشاء واجهات برمجة التطبيقات الخارجية وتكامل الحسابات لتوفير حالات استخدام مبتكرة جديدة تسمح بها الخدمات المصرفية المفتوحة.

أحوال

موقع أخباري يصدر عن شركة مدنية غير ربحية في بيروت، يقدم من خلال مساحة رقمية حرة وعصرية أخبارًا سريعة، عظيمة الثقة، لافتةً للنظر، ثريةً، وتفسيرًا للاتجاهات الحالية والمستقبلية، التي تؤثر في أحوال الناس.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى