بسام أبو زيد لـ “أحوال”: أرحلُ تاركًا قلبي هنا… وأتمنّى أن تموت الدولة
بعد 31 عامًا من الخبرة الإعلامية الميدانية عبر شاشة المؤسسة اللبنانية للإرسال قرر الإعلامي المخضرم بسام أبو زيد الذي تَميَّز في تقديم نشرات الأخبار والبرامج الحوارية السياسية، الانتقال إلى شاشة مختلفة في المكان والزمان، ليبدأ مسيرة جديدة مع “العربية الحدث” في دبي.
لم تمنعه صواريخ العدو عام 1982 من البقاء في لبنان، ولم تطرح حرب التحرير أو الإلغاء فكرة الهجرة، كما زاد العدوان الاسرائيلي عام 2006 عزيمته للتّمسّك بالبقاء، أيضاً لم ترهبه السيارات المفخّخة ولا الاغتيالات، بل كان أوّل من يحضر إلى مكان الفاجعة لنقل الحدث.
أثبت نفسه بجدارة وموضوعية، تحلّى بأخلاقية المهنة، وبطلّة وسيمة عكست رصانة وهدوء شخصيته، وشكّلت جسر عبور إلى بيوت اللبنانيين كافة.
فلماذا في نهاية صيف 2020 حان موعد الرحيل ومغادرة أرض الوطن، هل لأنه لم يعد هناك من وطن؟ أم إنه فقد الإيمان بمعركة البقاء؟
تساؤلات عدة طرحناها على أبو زيد الذي خصّ “أحوال” بهذا الحوار:
– وقع خبر مغادرتك للـ LBC بشكل عام، وللبنان بشكل خاص، كان صادمًا، حتى إنه قيل: “إذا بسّام وفالل يعني أكيد البلد رايح”، فهل ظننت يوماً بأنك شخصية مؤثّرة إلى هذه الدرجة؟
بكل صراحة، شعرت بمحبّة الناس الكبيرة، وبأنني تركت بصمة في قلوبهم لم أتخيّل يومًا أنها بهذا الحجم، لذا أودّ أن أشكرهم على ثقتهم التي تعزّيني في هذه اللحظات، واعتبرها الزاد الذي حصدته على مدى ثلاثة عقود، والباقي من شهرة وأضواء مجد باطل.
– لماذا يغادر بسّام الشاشة اللبنانية إلى الشاشة العربية وهو الذي لم تغرِه يوماً عروضات العمل في الخارج؟
أنتقل إلى قناة “العربية الحدث” لتقديم نشرة الأخبار، لأنني لم أعد أتحمّل فكرة المستقبل المجهول، ولم أعد ذاك الشاب في أول الطريق الذي يريد أن يتحدّى الصعوبات في الثمانينات والتسعينات، أنا اليوم مسؤول عن عائلة لديها احتياجات وطلبات لم يعد هذا البلد يؤمّنها، لذا لن أتراجع عن هذا القرار مهما حدث.
– برأيك هل هناك بصيص أمل لتغيير الوضع السياسي وبالتالي الاقتصادي في لبنان؟
لا، أشعر بأننا قادمون على تغيير جذري نافع، فبعد الحوادث الجمّة التي عصفت بنا مؤخراً من ثورة وكورونا، إلى الانفجار المميت في 4 آب الماضي الذي مع صدى صوته المدمّر تردّد قرار الرحيل.
– من يتابع تغريداتك على تويتر يستطيع أن يستنتج أنك تضع اللوم نوعًا ما على الشعب اللبناني الطائفي بنسبة كبيرة، والذي ما زال يتقن فن القتال، ولم يتعلّم من 40 سنة حرب ودمار اجتماعي، ماذا تقول لهذه الفئة من الناس؟
هذه هي مشكلتنا الكبرى، نحن اللبنانيون لا نعلم مصلحة بلدنا، ما زلنا نهتف باسم الزعيم السياسي ونظيره الديني تربّينا على التبعية الطائفية منذ صغرنا، كلٌّ ينادي باسم زعيم منطقته، لذا لن نتّفق وسنبقى مختلفين ومتباعدين مع الأسف.
– هل ماتت فكرة الوطن؟
بالطبع لا، فكرة مرفوضة نهائياً. يجب ألا نتخلى عن هذه الأرض، هذا البلد لنا وسيبقى كذلك، لن نسمح لأحد بتغيير هويته أو العبث بحدوده، كل الدول الخارجية تتغنّى بمميزاته وجماله وطبيعته، لذا لن نيسِّر للغرباء بالتغلغل في ما بيننا كشعب لتفريقنا على غرار فرّق تسد، على الناس أن تعي أن الهتاف بغير اسم “لبنان” سيأخذنا إلى المجهول حيث الظلمة والجهل.
لذا أرجو من الشعب اللبناني وأطلب منه أن يواجه كل ما يحدث بقوة وعزم للحفاظ على قلب وطننا نابضًا بحرية وسلام.
لا أتجرأ حتى على القول إن البلد قد مات، بل أتمنّى أن تموت “هذه الدولة” التي بمثابة لعنة أصابتنا، وآمل أن تحلّ مكانها دولة قانون تحمل راية الحق، السلام والعدل.
الرجاء ينصبّ على الشعب اللبناني، على شبابه الذي يجب أن يحارب ويناضل من أجل مستقبل باهر ولامع، فالأمل بالمسؤولين اندثر ودُفن منذ عهود.
على الشعب اليوم أن يقف وقفة رجل واحد لاختيار الكفوئين ليحكموا البلد. لقد أثقلت كاهلنا الحروب. لم نعد نقوى على حمل “البواريد”، مللنا من مناكفة بعضنا البعض، كفانا ذلًّا ومعارك مع الخارج والداخل.
جلّ ما نريده هو العيش بهدوء وسلام من دون سماع أصوات الهتاف للزعماء، بل علينا توحيد صرختنا ونهتف فقط باسم “لبنان”.
– ما هي سلبيات مهنة الإعلام؟
لا تقدير ماديّ في هذه المهنة، فالمردود أصبح قليلًا، والأزمة الاقتصادية طالت القطاع الإعلامي بشكل سيء، ولا أضع اللوم على المحطة التلفزيونية التي تحاول بالامكانيات البسيطة الصمود والاستمرار.
– ثمة حروب يشنها إعلاميون ضد بعضهم البعض، وثمة من يكيد للآخر وثمة من يتعرض لهجوم مثل جاد غصن طوني خليفة ومارسيل غانم، ما تعليقك تباعاً على ما حدث معهم؟
بالنسبة للزميل جاد فأنا أعتبر أنه هناك من قطع عليه الطريق في فرصة عمل جديدة. أما الزميل طوني فأعتبر أن هناك من يحب “الصيد في الماء العكر” لتخريب وتشويه صورة الإعلامي الناجح.
ولكن برأيي المتواضع،كان من الأجدى “العدّ للعشرة” قبل كتابة أو نشر أي رأي سياسي على وسائل التواصل الاجتماعي، لأنها تبقى موجودة مع مرور الزمن مما يسمح للبعض باستخدامها في وجه أصحابها.
أمّا في حال العكس فعلينا تحمّل نتيجة آرائنا.
في ما يتعلق بغياب مارسيل عن الشاشة فجلّ ما أعرفه أنه كان في إجازة طوعية، وليس لديَّ أي تعليق على ما يُشاع بأنه استُبعد قسراً.
– ما الذي ستتركه هنا وماذا ستأخذ معك؟
أترك 31 سنة خبرة مجبولة بالتعب والتضحية، محبة الناس والمجتمع وأفراد أسرتي الثانية الزملاء والأصدقاء في المؤسسة اللبنانية للإرسال، وآخذ معي بسام أبو زيد المواطن اللبناني الذي لطالما هتف بكل محبّة وعنفوان باسم هذا البلد: “لبنان رح يضلّ بقلبي حتى ولو أنا برا، وما بتخلّى عنو”.
منال سعادة