منوعات

تقرير “متحدون في العلوم” لعام 2021:  الحد من تغير المناخ لا يسير في الاتجاه الصحيح

تأثر لبنان والأردن وسوريا خلال شهر أيلول/ سبتمبر 2021 بمنخفض جوي هو الأول في فصل الخريف لهذا العام، تمركز فوق الأراضي التركية. رافق المنخفض كتلة هوائية ذات درجات حرارة أقل من المعتاد. وفي التفاصيل بدأ المنخفض الجوي على شكل انخفاض في درجات الحرارة في عموم المناطق، ونشاط في سرعة الرياح حيث ترافقت مع هبات تجاوزت أحيانا حاجز 70 كم/الساعة ،الأمر الذي يعمل على ارتفاع نسب تركيز الغبار في الأجواء، وهطلت الأمطار في المناطق الساحلية من سوريا ولبنان وامتدت بشكل محدود إلى أجزاء من المناطق الداخلية الغربية منها، حيث كانت غزيرة لفترات تخللها بعض الرعود، مع امتداد الأمطار نحو أجزاء من شمال ووسط وجنوب فلسطين والأردن. 

اعاد هذا المنخفض فتح النقاش حول اثر تغير المناخ على بلاد الشام.  وبحسب التقارير العلمية لم تؤد جائحة فيروس كورونا COVID-19 إلى إبطاء التقدم المستمر لتغير المناخ. فليس هناك ما يشير إلى أننا نعاود النمو بطريقة تراعي البيئة بصورة أكبر، إذ تعود انبعاثات ثاني أكسيد الكربون إلى مستوياتها بسرعة بعد ومضة مؤقتة ناتجة عن التباطؤ الاقتصادي وليست قريبة في أي مكان من الأهداف التي تدعو إلى الحد منها. وتستمر تركيزات غازات الاحتباس الحراري في الغلاف الجوي عند مستويات قياسية، مما يُنذر بأنه لا مفر من أن يشهد الكوكب احتراراً خطيراً في المستقبل، وفقاً لتقرير جديد متعدد الوكالات بعنوان (متحدون في العلوم) لعام 2021.

ويؤدي ارتفاع درجات الحرارة العالمية إلى تأجيج ظواهر الطقس المتطرفة المدمرة في جميع أنحاء العالم، مع آثار تصاعدية على الاقتصادات والمجتمعات. وضاعت المليارات من ساعات العمل بسبب الحرارة وحدها. فكان متوسط درجة الحرارة العالمية خلال السنوات الخمس الماضية من بين أعلى المعدلات على الإطلاق. وذُكر في التقرير إن هناك احتمالاً متزايداً بأن درجات الحرارة ستتجاوز بشكل مؤقت العتبة البالغة 1.5 درجة مئوية فوق مستويات فترة ما قبل الثورة الصناعية، وذلك خلال السنوات الخمس المقبلة.

وحجم التغيرات الأخيرة عبر النظام المناخي ككل غير مسبوق على مدار فترة من عدة قرون إلى عدة آلاف من السنين. ووفقاً للتقرير، ستستمر مستويات سطح البحر في الزيادة وتهديد الجزر المنخفضة وسكان السواحل في جميع أنحاء العالم، حتى وإن اتُخذت إجراءات طموحة لإبطاء انبعاثات غازات الاحتباس الحراري.

وتقرير United in Science (متحدون في العلوم) لعام 2021، وهو الثالث في سلسلة تقارير، تنسقه المنظمة العالمية للأرصاد الجوية (WMO)، مع مدخلات من برنامج الأمم المتحدة للبيئة (UNEP) ومنظمة الصحة العالمية (WHO) والهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ (IPCC) ومشروع الكربون العالمي (GCP) والبرنامج العالمي للبحوث المناخية (WCRP) ومكتب الأرصاد الجوية (المملكة المتحدة). ويقدم هذا التقرير أحدث البيانات والنتائج العلمية المتعلقة بتغير المناخ للاسترشاد بها في السياسات والإجراءات العالمية.

النقاط الرئيسية للتقرير

تركيزات غازات الاحتباس الحراري في الغلاف الجوي 

  • استمرت تركيزات غازات الاحتباس الحراري الرئيسية – ثاني أكسيد الكربون (CO2) والميثان (CH4) وأكسيد النيتروز (N2O) – في الزيادة في عام 2020 والنصف الأول من عام 2021.
  • من المحتمل أن تؤدي الانخفاضات الإجمالية للانبعاثات في عام 2020 إلى خفض الزيادة السنوية في تركيزات غازات الاحتباس الحراري طويلة العمر في الغلاف الجوي، وإن كان هذا التأثير ضئيلاً للغاية لدرجة أنه لا يمكن تمييزه عن التغير الطبيعي.
  • من شأن الحد من انبعاثات غاز الميثان (CH4) على المدى القصير أن يدعم تحقيق اتفاق باريس. وهذا لا يقلل من ضرورة إجراء انخفاضات قوية وسريعة ومستدامة في ثاني أكسيد الكربون (CO2) وغازات الاحتباس الحراري الأخرى.

انبعاثات غازات الاحتباس الحراري العالمية وميزانياتها 

  • بلغت انبعاثات ثاني أكسيد الكربون الأحفوري – الفحم، والنفط، والغاز، والأسمنت – ذروتها عند 36.64 غيغا طن من ثاني أكسيد الكربون في عام 2019، تلاها انخفاض غير عادي بمقدار 1.98 غيغا طن من ثاني أكسيد الكربون (5.6 في المائة) في عام 2020 بسبب جائحة فيروس كورونا COVID-19.
  • استناداً إلى التقديرات الأولية، فإن الانبعاثات العالمية في قطاعي الطاقة والصناعة في الفترة من كانون الثاني/ يناير إلى تموز/ يوليو 2021 كانت بالفعل عند نفس المستوى في نفس الفترة من عام 2019 قبل الجائحة أو أعلى منها، بينما ظلت الانبعاثات في النقل البري أقل بنسبة 5 في المائة تقريباً. وباستثناء النقل الجوي والبحري، كانت الانبعاثات العالمية عند نفس مستويات عام 2019 تقريباً، وذلك في المتوسط خلال تلك الأشهر السبعة.
  • إن التوجهات الأخيرة لانبعاثات أكسيد النيتروز N2O، وهو ثالث أهم غازات الاحتباس الحراري بعد ثاني أكسيد الكربون والميثان، تتجاوز المسارات الاجتماعية والاقتصادية الأشد لغازات الاحتباس الحراري والمستخدمة لاستكشاف تغير المناخ في المستقبل.

فجوة الانبعاثات 

  • بعد خمس سنوات من اعتماد اتفاق باريس، أصبحت فجوة الانبعاثات كبيرة كما كانت دائماً: يجب أن تكون الانبعاثات العالمية لثاني أكسيد الكربون أقل بمقدار 15 غيغا طن من المساهمات المحددة وطنياً (NDCs) الحالية غير المشروطة التي تشير إلى الهدف الذي يحدد درجتين مئويتين، وانبعاثات عالمية أقل بمقدار 32 غيغا طن من ثاني أكسيد الكربون بالنسبة للهدف الذي يحدد 1.5 درجة مئوية.
  • لم ينتج عن أزمة فيروس كورونا COVID‑19 سوى انخفاض في الانبعاثات العالمية لم يدم طويلاً. ولن تقلل الأزمة من الانبعاثات بشكل كبير بحلول عام 2030 ما لم تسعى البلدان إلى تحقيق انتعاش اقتصادي يتضمن إزالة للكربون بشكل صارم.
  • إن العدد المتزايد من البلدان الملتزمة بأهداف الوصول إلى انبعاثات صفرية صافية أمر مشجع، في ظل التغطية الحالية لحوالي 63 في المائة من الانبعاثات العالمية بهذه الأهداف. ومع ذلك، لكي تظل هذه الأهداف قابلة للتنفيذ وموثوقة، يجب وبشكل عاجل أن تنعكس في السياسة القصيرة المدى وفي المساهمات المحددة وطنياً (NDCs) الأكثر طموحاً بشكل ملحوظ للفترة التي تسبق عام 2030.

المناخ العالمي في الفترة 2017  – 2021

  • إن المتوسط العالمي لدرجات الحرارة السطحية للفترة من عام 2017 إلى عام 2021 (استناداً إلى البيانات حتى تموز/ يوليو) من بين أكثر المعدلات حرارة على الإطلاق، إذ تُقدر بأنها أعلى من مستويات فترة ما قبل الثورة الصناعية (1900-1850) بمقدار يتراوح بين 1.06 و1.26 درجة مئوية.
  • في كل عام من 2017 إلى 2021، كان الحد الأدنى لمتوسط درجة الحرارة في صيف المنطقة القطبية الشمالية والحد الأقصى لمتوسط رقعة الجليد البحري في الشتاء أقل من المتوسط الطويل الأمد للفترة 2010-1981. وفي أيلول/ سبتمبر 2020، وصلت رقعة الجليد البحري في المنطقة القطبية الشمالية إلى ثاني أدنى مستوياتها على الإطلاق.
  • سجل عام 2021 ظواهر طقس وظواهر مناخية متطرفة ومدمرة – إذ حُددت بصمة لتغير المناخ بفعل الإنسان في الحرارة الشديدة غير العادية في أمريكا الشمالية وفيضانات أوروبا الغربية.

المناخ العالمي في الفترة 2021 – 2025

  • من المرجح أن يكون المتوسط العالمي السنوي لدرجات الحرارة القريبة من السطح أكثر دفئاً من مستويات فترة ما قبل الثورة الصناعية (المحددة بمتوسط الفترة 1900-1850) بمقدار درجة مئوية على الأقل في كل سنة من السنوات الخمس القادمة، ومن المرجح جداً أن يكون هذا المتوسط في نطاق يتراوح بين 0.9 و1.8 درجة مئوية.
  • هناك احتمال بنسبة 40 في المائة بأن يكون متوسط درجة الحرارة العالمية في إحدى السنوات الخمس المقبلة أكثر دفئاً من مستويات فترة ما قبل الثورة الصناعية بمقدار 1.5 درجة مئوية على الأقل، ولكن يُستبعد جداً (احتمال بنسبة 10 في المائة تقريباً) أن يكون متوسط درجة الحرارة لمدة خمس سنوات من عام 2021 إلى عام 2025 أكثر دفئاً من مستويات فترة ما قبل الثورة الصناعية بمقدار 1.5 درجة مئوية.
  • خلال الفترة 2025-2021، من المرجح أن تكون مناطق خطوط العرض العليا والساحل أكثر رطوبة من الماضي القريب.

النقاط البارزة في تقرير التقييم السادس الصادر عن الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ (IPCC): أساس العلوم الفيزيائية

  • لا لبس في أن التأثير البشري قد أدى إلى تدفئة الغلاف الجوي والمحيطات واليابسة. فحدثت تغيرات سريعة وواسعة النطاق في الغلاف الجوي والمحيطات والغلاف الجليدي والغلاف الحيوي.
  • إن حجم التغيرات الأخيرة عبر النظام المناخي ككل والحالة الحالية للعديد من جوانب النظام المناخي غير مسبوقين على مدار فترة من عدة قرون إلى عدة آلاف من السنوات.
  • يؤدي تغير المناخ الناجم عن الأنشطة البشرية بالفعل إلى زيادة تواتر وشدة العديد من ظواهر الطقس والمناخ المتطرفة في كل منطقة في جميع أنحاء العالم.

ارتفاع مستوى سطح البحر والآثار الساحلية 

  • ارتفع المتوسط العالمي لمستوى سطح البحر بمقدار 20 سم من عام 1900 إلى عام 2018 وبمعدل متسارع قدره 0.5+3.7 مم/ سنة من عام 2006 إلى عام 2018.
  • من المرجح أن يرتفع المتوسط العالمي لمستوى سطح البحر بمقدار 0.6-0.3 متر بحلول عام 2100 وقد يرتفع بمقدار 3.1-0.3 متر بحلول عام 2300، حتى إذا خُفضت الانبعاثات للحد من الاحترار إلى أقل من درجتين مئويتين.
  • سيكون من الضروري التكيف مع هذا الارتفاع المتبقي – إذ يلزم وضع استراتيجيات للتكيف في حالة عدم وجودها – خاصة في السواحل المنخفضة والجزر الصغيرة والدلتا والمدن الساحلية.

موجات الحر وحرائق الغابات وتلوث الهواء: الأخطار المناخية المتراكمة والمتعاقبة على الصحة 

  • ترتبط درجات الحرارة المتزايدة بزيادة الوفيات المرتبطة بالحرارة وضعف العمل، مع فقدان ما يزيد على 103 مليارات ساعة عمل محتملة على مستوى العالم في عام 2019 مقارنة مع ساعات العمل التي فُقدت في عام 2000.
  • تجتمع عدوى فيروس كورونا COVID-19 والأخطار المناخية، من قبيل موجات الحر وحرائق الغابات وسوء نوعية الهواء، لتهدد صحة الإنسان في جميع أنحاء العالم، مما يعرض السكان الضعفاء للخطر بشكل خاص.
  • ينبغي أن تتماشى جهود التعافي من جائحة فيروس كورونا COVID-19 مع الاستراتيجيات الوطنية لتغير المناخ ونوعية الهواء للحد من المخاطر الناجمة عن تراكم الأخطار المناخية وتعاقبها، وجني فوائد صحية مشتركة. 

تيما العشعوش

تيما العشعوش

صحافية سورية تكتب في عدد من الصحف والمجلات المواقع الإلكترونية، تهتم بالأخبار السياسية والميدانية. خريجة جامعة دمشق.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى