منوعات

ما حقيقة تغيير إفادات موقوفين في قضية المرفأ؟

سيناريو لتنحية القاضي البيطار واتهام "حزب الله" بالعرقلة

بعد توقّف المحقّق العدلي في قضية مرفأ بيروت، القاضي طارق البيطار، عن إجراءاته بانتظار بتّ محكمة التمييز بطلب ردّ الدعوى المقدمة من الوزير السابق نهاد المشنوق، وبتّ محكمة الإستئناف بدعوى الإرتياب المشروع المقدّمة من الوزير السابق يوسف فنيانوس، بدأت تُرسم سيناريوهات عدّة حول مآل القضية والقاضي في آن معاً.

فما هو القرار المتوقَّع للمحكمتَين؟ وما هو السيناريو المتوقّع بعد المعلومات المسرّبة عن محاولة جهات معيّنة التلاعب بالتحقيق وفبركة شهود زور في إطار مخطّط للإستهداف السياسي؟

في القانون، يميّز الخبير الدستوري د. عادل يمين، في حديث لـ”أحوال”، “بين طلب نقل الدعوى الذي لا يكفّ حكماً يد القاضي المعني إلا إذا قرّرت محكمة التمييز كفّ يده لحين البتّ بالطلب، وبين طلب ردّ القاضي حيث يتعيّن على الأخير وقف السير بعمله في الدعوى، لحين البتّ بالطلب”، موضحًا: “أما اختصاص محكمة الإستئناف المدنية في بيروت للنظر بطلب ردّ قاضي التحقيق العدلي، فهو بحسب اجتهاد محكمة الاستئناف العام 2007 غير متوافر في ما يتعلّق بقضاة التحقيق العدليين، لأن لهم وضعية خاصة”.

وحول المهلة القانونية للمحكمة لاتخاذ قرارها، يقول يمين: “ليس من مهلة معينة، المهم أن يتبلّغ جميع فرقاء الدعوى الأصلية الطلب، ويُعطى كل منهم في طلب النقل عشرة أيام للتعليق، وفي طلب الرد ثلاثة أيام”، مضيفًا: “أما فيما خص طلب الرد، فأتوقّع ردّه لعدم الإختصاص، أما طلب نقل الدعوى فهامش التقدير واسع لدى محكمة التمييز”.

وفي حين يرفض يمّين تقييم عمل قاضي التحقيق العدلي قبل صدور القرار الاتهامي الذي يفترض أن يتضمّن مجمل الوقائع والأسانيد، يشير خبراء في القانون لـ”أحوال” إلى أن “صلاحية ملاحقة واتهام الرؤساء والوزراء تعود للقضاء العدلي وللمحكمة الخاصة، طالما أن المجلس النيابي تأخّر بتحريك الدعوى، وطالما أن المجلس الأعلى غير مكتمل الأعضاء ولا يمكنه ممارسة عمله بشكل قانوني”.

في المقابل، ترى مصادر قانونية مطّلعة لموقعنا أن “القاضي البيطار ارتكب سلسلة أخطاء، من ضمنها الإنتقائية والإستنسابية في الإستدعاءات، إضافة إلى مخالفة المادة 70 من الدستور لجهة صلاحية المجلس النيابي في اتهام الوزراء والرؤساء وإحالتهم إلى المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء”. وتؤكد المصادر أن “الإحالة والإتهام تعود لمجلس النيابي حصراً”، متسائلة: “لماذا أُعطيت الصلاحية للمجلس النيابي وتم إنشاء المجلس الأعلى، إذا كانت الصلاحية للقضاء العادي؟ ولماذا التشكيك بالمجلس الأعلى وتأييد المجلس العدلي طالما أن رئيس مجلس القضاء الأعلى هو من يترأس المجلسين؟”.

وتضيف المصادر: “كيف يمكن الإدعاء على المشنوق من دون الإستماع إليه كشاهد على الأقل، رغم أنه أبدى استعداده مراراً للمثول أمام المحقق العدلي؟ ولماذا اقتصر التركيز على الإهمال الوظيفي دون المسار التقني والأمني منذ دخول باخرة النيترات إلى بيروت حتى انفجارها، لتحديد السبب والمسببين المباشرين، لكي يتم الإتهام على أساسه المسؤولين في الحكم؟ ولماذا سارع البيطار إلى الضم للملف شهاده أحد الموظفين في المرفأ الذي ادّعى أنه كان ينقل النيترات إلى الجنوب، فيما تجاهل القاضي في الوقت عينه ضمّ شاحنة نيترات البقاع إلى الملف؟”.

وفي هذا الخصوص، تشير المصادر إلى أن “تحقيقات مخابرات الجيش أشارت إلى ضلوع “آل الصقر” بهذه الشاحنة، كما أن جهات أمنية تربط ما بين الشاحنتين وتشابه نوع النيترات ونسبة الآزوت بينهما، مرجّحة أن تكون نيترات البقاع جزءاً من النيترات المفقودة في العنبر رقم 12 في المرفأ، كما أفاد تقرير المخابرات الأميركية ومخابرات الجيش”.

هذا وتكشف معلومات خاصة لـ “أحوال” عن “محاولة للتلاعب بالتحقيقات وفبركة شهود زور والضغط من جهة ثانية على موظفين نافذين موقوفين في القضية، ومقايضتهم بين تغيير إفاداتهم لاتهام “حزب الله” بنقل النيترات مقابل إخلاء سبيلهم”.

وفي سياق متصل، يحذّر مصدر عليم في فريق المقاومة، في حديث لموقعنا، من “مخطّط جرى إعداده بعد تفجير المرفأ للإستثمار السياسي، على غرار ما حصل في جريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري”، مشيرًا إلى “قيام غرفة العمليات في عوكر بتحريف كلمة “رسالة” من “حزب الله” الى البيطار، الى “تهديد” للنيل من الحزب وتحميله مسؤولية تنحي البيطار المحتمل”.

أما السيناريو المتوقع، بحسب المصدر، فهو أن “تعيين قاضٍ جديد ونزيه سيؤدي إلى كشف تورط رؤوس كبيرة في التفجير، ولذلك يسعى الفريق الأميركي المؤثّر في قضية المرفأ إلى التحجّج بالخطر الأمني على البيطار وتمييع التحقيق وتجميده، واتهام “حزب الله” بالعرقلة واتخاذ ذلك منصة إعلامية وسياسية للهجوم على الحزب وحلفائه عشية الانتخابات النيابية”، متسائلًا عن “سبب رفض الأميركيين والفرنسيين تسليم لبنان صور الأقمار الصناعية خلال تفجير المرفأ، كما لم يستعبد حصول محاولة اغتيال للبيطار وربطها برسالة الحزب له، بهدف تبرير تنحيه وانكفائه عن الملف”.

من هنا، يرى المصدر عينه أنه “باستثناء المشنوق الذي ينتمي إلى خط الخصومة مع المقاومة، فإن جميع المستدعين للتحقيق ينتمون إلى محيط المقاومة، كالرئيس حسان دياب والوزراء يوسف فنيانوس وعلي حسن خليل وغازي زعيتر، فيما لم يستدعِ أي من المحسوبين على الفريق الأميركي – الخليجي في لبنان”.

وفي هذا الصدد، تفيد مصادر “أحوال” أن “استهداف وانتقاء المشنوق مقصود بحرفية، أولاً لمنح التحقيقات مصداقية وإبعاد شبهة التسييس عنها، وثانيًا لتصفية حسابات سياسية قديمة مع المشنوق الذي وقف مع الرئيس سعد الحريري خلال اختطافه في السعودي ورفض البيعة آنذاك”.

محمد حمية

محمد حمية

صحافي وكاتب سياسي لبناني. يحمل شهادة الماجستير في العلاقات الدولية والدبلوماسية من الجامعة اللبنانية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى