مجتمع

بالوثيقة- أجرة “الباص المدرسي” في طرابلس تتخطّى الـ8 ملايين.. والأهالي أمام خيارات مُرّة

منذ مطلع شهر أيلول الجاري، والشّغل الشّاغل لأهالي الطلّاب هو البحث عن مدرسة مناسبة لأبنائهم؛ لكنّ المعيار لدى أكثرهم لم يعد مستوى التعليم في هذه المدرسة أو تلك، ولا نتائج طلاب هذه المدارس في امتحانات الشهادتين المتوسطة والثانوية، ولا أقساطها السّنوية وما إذا كانت مدروسة ومناسبة لذوي الطلاب أم لا، إنّما في قرب أو بُعد هذه المدارس عن أماكن سكن أهالي الطلاب، بعدما باتت تكلفة الإنتقال بالسّيارة أو الباص مكلفة جدّاً في ضوء تفاقم أزمة المحروقات، حتى باتت هذه التكلفة تفوق في بعض الأحيان القسط المدرسي نفسه.

قبل أيّام تسلّم أهالي الطلّاب في مدرسة “روضة الفيحاء” بفرعيها الفرنسي والإنكليزي، وهي واحدة من المؤسّسات التربوية الكبرى في مدينة طرابلس، كتاباً رسمياً من إدارة المدرسة أبلغتهم فيه بالأسعار الجديدة لنقليات الطلاب في الباصات الخاصّة بالمدرسة التي اعتمدتها للعام الدراسي 2021 ـ 2022، موضحة أنّ “هذه الأسعار جرى تحديدها بعد الإنتهاء من دراسة وافية لتقدير الأعباء والنّفقات الضرورية، من محروقات وقطع غيار، لا سيما في ظلّ الإرتفاع الكبير الطارىء عليها”.

فما كاد الأهالي يطّلعون على لائحة أسعار نقليات الطلاب بالباص المدرسي الخاص بمدرسة “روضة الفيحاء” حتى أُصيبوا بالصدمة، بعدما تبيّن أنّها فاقت القسط المدرسي السنوي الذي دفعوه عن أبنائهم السنة الدراسية الماضية، الذي كان يتراوح بين 6 ـ 7 ملايين ليرة، ما جعلهم يتساءلون: “إذا كان قسط الباص بهذه التكلفة، فكم سيبلغ قسط المدرسة؟”.

فقد حدّدت إدراة المدرسة أسعار النّقل السّنوي بالباص المدرسي الخاص بها بـ6 ملايين ونصف المليون للطلاب داخل مدينة طرابلس، و8 ملايين و250 ألف ليرة للطلاب المقيمين خارج المدينة، وتحديداً في الكورة والميناء والقلمون، من غير أن تبلغهم بعد تكلفة القسط المدرسي، وكم بلغ لهذه السنة.

ولم يقف الأمر عند هذا الحدّ، فقد اشترطت الإدارة على الأهالي دفع القسط السنوي للنقل بالباص المدرسي الخاص بها مسبقاً وعلى ثلاث دفعات، الدفعة الأولى قبل بداية العام الدراسي في 30 أيلول الجاري، والقسط الثاني قبل بداية الفصل الثاني في 5 كانون الثاني من العام المقبل، والقسط الثالث قبل بداية الفصل الثالث في 25 آذار من العام المقبل أيضاً.

لائحة الأسعار هذه للنقليات بالباص المدرسي لمدرسة “روضة الفيحاء” ضجّت بها مدينة طرابلس، وحفلت منصّات وسائل التواصل الإجتماعي بتعليقات مختلفة عليها؛ إذ علّق طارق عجاج قائلاً: “ستة ملايين ونصف وفي قلب المدينة؟ شو عم ينقلوا التلاميذ على المدرسة كلّ واحد بسيّارة فيراري أو بوغاتي؟”، بينما سألت غنوة أيوبي: “إذا كان هيدا قسط “أوتوكار” المدرسة، طيّب المدارس إللي ما عندها أتوكار شو؟ بدك تلاقي إلها حدا، وهون التجارة”، بينما علقت ريماس ميزو قائلة: “يعني قسط تاني بحجم قسط المدرسة. الله يفرجها”.

هذا الواقع الصّعب الذي وجده الأهالي أمامهم، والمُكلف لهم مادياً بشكل يفوق طاقتهم على التحمّل، خصوصاً الموظفين منهم الذين تآكلت رواتبهم بسبب إنهيار الليرة، جعلهم يفكّرون في خيارات عديدة لمواجهة هذه المشكلة، سواء بما يتعلق بمدرسة “روضة الفيحاء” أو سواها من المدارس الخاصّة الأخرى.

فقد أفاد بعضهم “أحوال” أنّهم يفكّرون جدّيّاً في “نقل أولادنا بسيّاراتنا الخاصّة من وإلى المدرسة، بعدما بات ذلك أوفر”، بينما أشار آخرون بأنّهم سينقلون أولادهم إلى “مدرسة أخرى قريبة من المنزل، فهناك سعر الباص أقل، كما يمكن نقلهم بسهولة بالسيّارة، أو حتى ذهابهم إلى المدرسة والعودة منها مشياً”، في حين لفت آخرون يقيمون في مناطق بعيدة عن المدرسة، إلى أنّهم يفكّرون في خيارَين كلاهما صعب ومُكلف: “الأوّل إستئجار منزل قريب من موقع المدرسة، باعتبار أن استئجار المنزل أقل تكلفة من إسئتجار الباص؛ والثاني نقل أولادنا إلى مدرسة أخرى قريبة من منزلنا”.

عبد الكافي الصمد

عبد الكافي الصمد

صحافي لبناني حاصل على شهادة الإجازة في الإعلام من جامعة الجنان في طرابلس.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى