منوعات

حرب سوريا: درعا البداية والنهاية.. فما علاقة طاقة لبنان بالأمر؟

تسارعت الأحداث في الأسابيع الماضية على نحوٍ لافت، أمين عام حزب الله السيد حسن نصرالله يُعلن عن استقدام النفط الايراني لفك الحصار عن لبنان، خلال دقائق ترد السفيرة الأميركية في لبنان دوروثي شاي بموافقة إدارتها على استجرار الغاز المصري الى لبنان عبر الأردن وسوريا، وفي اليوم التالي وفد وزاري لبناني رفيع يزور دمشق رسمياً وهو الأول من نوعه منذ عقد لبحث التعاون والتنسيق، وعلى خطٍ موازٍ وسريع اشتعلت معارك حادة في درعا البلد، جنوب سوريا، وسريعاً حسم الجيش المعركة بتسوية وأمسك بالأرض، وهنا بيت القصيد: درعا ممر رئيسي لأنبوب الغاز، ودرعا هي الشرارة الأولى للحرب السورية، فهل تكون المدينة الجنوبية بداية الأحداث ونهايتها؟.

في الأيام الماضية دخلت قوات الفرقة الرابعة في الجيش السوري والشرطة العسكرية الروسية إلى منطقة درعا البلد، وذلك بعد عشر سنوات من غياب الدولة السورية عن هذه البقعة، باتفاق تحت النار فرضت فيه الدولة السورية شروطها على الأرض، وقد بدأت فوراً عمليات معالجة أوضاع المسلحين، للراغبين في تسوية أوضاعهم بترتيب ملفاتهم ومن يرفض يُرحل الى الشمال السوري بعد رفض الاردن استقبال أي مسلح خارج من درعا.

جذور الأحداث تعود الى عقدٍ مضى، إذ في العام 2011 رفض الرئيس السوري بشار الأسد عرضاً مغرياً بالقبول بمرور خط غاز قطري عبر بلاده يصل تركيا ومن ثم الى أوروبا، وجاء رفضه هذا بالطبع تضامناً وتأكيداً على عمق العلاقة والتحالف مع روسيا والتي كان المشروع يستهدفها اقتصاديا بالدرجة الأولى.

درعا نقطة تقاطع اقليمي

درعا تقع جغرافياً على نقطة تقاطع وتسوية، إقليمية ودولية، عنوانها “الغاز المسيل الذي سوف يأتي”، كما تظهر الخريطة المرفقة (خط باللون الاخضر)، انبوب ينطلق من العريش في مصر إلى بور سعيد ومن ثم إلى ميناء العقبة في الاردن عبر درعا إلى دمشق، من ثم إلى حمص وهناك يتحول باتجاهين: الاول نحو لبنان والثاني الى بانياس على الساحل السوري.

هذا الخط أُطلق عليه اسم خط الغاز العربي وتستفيد منه مصر والأردن وسوريا ولبنان ومن ثم تركيا لاحقاً.

أهمية هذا الأنبوب ومردوده الاقتصادي دفعت بالعاهل الأردني عبدالله الثاني لزيارة دولاً عديدة طالباً دعمها لاستعادة الدولة السورية السيطرة على منطقة درعا، الممر الإجباري لأنبوب الغاز العربي إلى المتوسط، (هذه التسوية الدولية الإقليمية عبّر عنها جنرال روسي الى لجنة التفاوض عن أهالي درعا عندما قال لهم: أتريدون كسب الوقت؟ على ماذا تعولون؟ الجيش السوري سوف يدخل درعا وكل منطقة في سوريا، نحن والجميع نريد هذا الأمر).

قبل هذا الحديث بحوالي الشهرين كانت الحشود العسكرية السورية تصل إلى محيط درعا البلد، وقد أُبلغ الجانب الروسي أن إيران جزء من معركة درعا وسوف تبقى على الحدود مع فلسطين المحتلة، وبعدها حصلت تغييرات كبيرة ساهمت في حسم معركة درعا بأقل الخسائر، ويمكن قراءة المشهد بالنقاط التالية:

1- إنسحاب أميركا من أفغانستان بالطريقة المهينة لها ولاتباعها ما جعل باقي أتباعها في المنطقة يستشعرون الخطر ويعجلون في عمليات التسوية كما فعل الملك الأردني وكما سوف تلحقه تركيا.

2- سفينة النفط الإيرانية الآتية إلى لبنان وما تلاها من تغيير سريع في الموقف الأميركي على لسان السفيرة في لبنان والتي أعلنت أن بلادها سوف تدعم وصول الغاز المصري الى لبنان عبر سوريا ما يعني عملياً كسر قانون قيصر وكسر الحصار على سوريا وهذا ما سوف يتدحرج على أكثر من صعيد.

3- مؤتمر بغداد الجامع لأطراف عديدة والذي أظهر مقاربة مشتركة بين الايراني والفرنسي تجاه المنطقة وبيّن تقارب ايراني سعودي علني أكثر وأكثر خاصةً وأن مفاوضات الطرفين في بغداد تتعمق أكثر وأكثر.

في المحصلة الغاز الذي كان عنوان حصار روسيا وإيران ومن ثم فرض حرباً ضروساً على سوريا، نراه الآن يمر تحت اقدام كل جنود المحور من الروس والايرانيين والسوريين والصيني يقف بحبور مراقباً تسلسل الأحداث متحفزاً لأي طارئ، إنها لعبة أمم ضخمة يبقى صامداً فيها أهل الأرض وأوتادها.

تبقى ملاحظة أخيرة يجب الإلتفات اليها وهي أن خط الغاز العربي مربوط بخط الغاز الإسرائيلي ناحية عسقلان، ما يتوجب على لبنان الإشتراط بقوة في الإتفاقية مع مصر أن يكون الغاز مصري فقط وحتى لا نُخدع.

نضال حمادة

نضال حمادة

نضال حمادة كاتب وصحافي لبناني مقيم في باريس، خبير في شؤون الجماعات السلفية المحاربة، له عدة كتب: صناعة شهود الزور، الوجه الآخر للثورات العربية، أسرار حرب القصير، خفايا وأسرار داعش. حائز على دبلوم في علوم الطيران من جامعة باريس ٨.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى