لم ينطلق إلى الآن موسم صيد 2020 – 2021، إلا أن المجازر بحق الطيور العابرة والمستوطنة تستمر وبأعداد كبيرة، حتى أن القتل العشوائي للطيور بات ظاهرة شبه يومية، وهذا ما يشي دائما بأن دولة القانون والمؤسسات ما تزال غائبة، وهذا ما يلخص واقعنا اللبناني المأزوم سياسيا وقضائيا واقتصاديا.
ولأن البلد “سائب” حتى حدود الفضيحة، تكثر مخالفات الصيد، في الموسم وخارجه، وتعم المجازر، ولا يتم التعرف على مرتكبيها، إلا نادرا، ولكن بالمقابل تتابع الجمعيات البيئية وعدد من الناشطين هذه الانتهاكات بهدف الوصول إلى الفاعلين ومعاقبتهم.
جمعية حماية الطبيعة في لبنان
وفي هذا المجال، نشرت صفحة “جمعية حماية الطبيعة في لبنان” Society for the Protection of Nature in Lebanon SPNL على صفحتها على موقع التواصل الإجتماعي “فيسبوك” صورة توثق اصطياد عدد كبير من الطيور، ومنها طيور ممنوع صيدها، وكتبت SPNL: “خمسة لبنانيين من الصيادين غير الشرعيين يوثقون بالصور مئات الطيور مقتولة، وتُجري SPNL ومركز الصيد المستدام في الشرق الأوسط (MESHC) تحقيقات ميدانية لمعرفة المزيد من التفاصيل حول هذا الانتهاك”، متوجهين إلى المواطن: “إذا كانت لديك معلومات، فيرجى إرسالها إلى صندوق البريد الوارد لدينا، نعتقد أن الاصطياد على نطاق صناعي يحدث في العديد من المناطق في لبنان لاستهداف وقتل الطيور المغردة لبيعها غير القانوني في السوق السوداء، جنبا إلى جنب مع قوى الأمن الداخلي اللبنانية SPNL وشركائها ستبذل قصارى جهدها لتقديم الصيادين إلى العدالة”.
وحدة مكافحة الصيد الجائر
بداية، تواصل “أحوال” مع رئيس مركز الشرق الأوسط للصيد المستدام – مدير ملف الصيد المسؤول في جمعية حماية الطبيعة في لبنان أدونيس الخطيب، فأشار إلى أنه “بالشراكة مع SPNL تم تأسيس (وحدة مكافحة الصيد الجائر) بالتعاون مع صيادين مسؤولين، وعملنا يقضي أولا التأكد من صحة المعلومات، وإبلاغ القضاء والقوى الامنية للتحرك”.
وأضاف: “كما ذكرت، فإن وحدة مكافحة الصيد الجائر تعتمد على المصداقية، وتستقي معلوماتها من مصادر الصيادين المستدامين المدعمة بالأدلة والبراهين، خصوصا وأن هؤلاء يتحلون بأخلاق ومناقب الصياد الحقيقي، وبالتالي فإن هذه الممارسات الجائرة تضر بهوايتهم وبالطبيعة، وبعد التأكد تتم أرشفة المواد، ونتصل مع مصادرنا للتأكد من كل معلومة، ونقدمها للقوى الأمنية وللمدعين العامين البيئيين في المناطق”.
وقال: “بالنسبة لهذه المجزرة، فقد جمعنا المعلومات، وتتابع القوى الأمنية تحرياتها، بعد أن تأكدنا أن هذه المجزرة حصلت في لبنان وبالتحديد في البقاع الشمالي، وهناك مخالفات عدة في الفيديو والصورة المرفقة، أولها أن موسم الصيد لم يبدأ، والثاني أن جميع هذه الطيور غير مسموح صيدها حتى في موسم الصيد، وتعرفنا منها على سبيل المثال على الترغل والصفاري والورور والسنونو والخوري والبوبانة والمطوق، وعلى الرغم من أن المطوق مسموح صيده، لكن ليس بهذا الحجم الصغير، والثالثة أنه لا يسمح الصيد بهذه الكميات، كما أن المخالفة الرابعة هي الإستعراض على السيارات وعلى وسائل التواصل الإجتماعي، ونعتقد أن ثمة مخالفة خامسة وهي أن صيد هذه الطيور تم بطريقة غير قانونية، وربما بواسطة الشبك وصيد الليل بإنارة قوية وغيرها من الطرق”.
وختم الخطيب: “وحدة مكافحة الصيد الجائر تعمل بمؤازرة الصيادين المستدامين الذين هم في صلب هذه الهواية النبيلة، ويكافحون هذه الممارسات الدنيئة بحق البيئة بكل ما لديهم من وسائل، وقد توصلنا إلى معرفة بعض المعلومات الهامة بخصوص هذه المجزرة وتقدمنا بها للقوى الأمنية والمدعي العام البيئي”، كما زود الخطيب “أحوال” بهذا الفيديو .
نحفاوي: قانون لحماية القانون
من جهتها، أشارت الناشطة في مجال الرفق بالحيوان غنى نحفاوي إلى أنها “بعد أن شاهدت الصورة على صفحة SPNL، تواصلت مع الناشطين لمحاولة التعرف على الأشخاص الظاهرين فيها، وحاول بعض الناشطين استخدام خاصية التعرف على الوجوه Face Recognition على موقع التواصل الإجتماعي ولقد عرف ثلاثة الى الآن، ينشر “أحوال” صورهم ويعتبر ذلك بمثابة اخبار الى النيابة العامة.
وقالت لـ “أحوال”: “وزارة البيئة خذلتنا، وكأنها ليست موجودة، فالصيد مستباح ولم يتوقف يوما، والمخالفات يومية ونوثقها، ونرسلها إلى الجهات المعنية وتتدخل الوساطات، ولدينا حالات عدة جرى إطلاق سراح الصيادين غير القانونيين بعد تدخل نافذين، لا بل في إحدى الحالات، أعيدت لهم معدات الصيد الجائر من شبك وغيرها، ولدينا كافة الأدلة والبراهين على ما نقوله، وللأسف، بتنا نحتاج قانون لحماية القانون”.
وختمت نحفاوي: “تأتينا تهديدات كثيرة، ولكن سنستمر، ونحن بصدد تقديم مناشدة لمؤسسات وجمعيات عالمية لمساعدتنا في كبح هذه الظاهرة والضغط على الحكومة ووزارة البيئة للقيام بواجباتها، بهدف تطبيق القانون وإنزال أقصى العقوبات بحق هؤلاء الذين يستبيحون البيئة بهذا الشكل الجائر”.
هالوجوه المجرمة اللي نشرناها من مبارح ع مواقع التواصل، غير انو الهدف منها نحصل على اي معلومة عنهم (اضافة الى ما حصلنا عليه)، الهدف اولاً واخيراً انو تترسخ وجوههم بمزبلة تاريخ البيئة في #لبنان ومساهمتهم بانقراض الطيور اللي مخلفاتها اطهر من افواههم!
وحتى وهم امواتاً، اشرف من حياتكم https://t.co/otB3Zky24g— GhinنَA ??? (@GhinaNahfawi) September 13, 2020
سعد: صورة مخيفة
في هذا السياق، قال رئيس جمعية “ناشطون لحماية الحسون والطير البري” وعضو في جمعية “حماية الطيور في لبنان” ABCL الناشط روجيه سعد: “الصورة مخيفة وصدمتني مع هذه الأعداد من الطيور وبهذه الأنواع فيما لم يفتتح موسم الصيد بعد، كما أن الإستعراض على السيارات ووسائل التواصل الإجتماعي يعتبر مخالفة كبرى أيضا، ولا أعرف كيف تم صيد هذه الطيور، خصوصا مع ارتفاع أسعار الخرطوش إذ يتراوح سعر العلبة الواحدة بين 50 و90 ألف، وإن كنت اعتقد أنه تم صيدها بوسائل الصيد الجائر، وهذه مخالفة كبيرة لقانون الصيد”.
وقال: “لسنا ممن يشجعون الصيد، خصوصا في وضع الطيور الحالي، ومن يريد الصيد، سواء في الموسم أو خارجه، عليه مراعاة لائحة الطرائد المسموحة المدرجة للعام 2020، والنافر في هذه الصورة أنهم لم يتركوا نوعا لم يصطادوه تقريبا ومعظمها ممنوع صيدها، وكأنهم تقصدوا صيد كل ما لديه ريش، وقد تمكنا من التعرف على هذه الأنواع صفاري، وورور، وتيّان، وسنونو وترغل ودخن وقميحة، Wheatear أبلق، Shrike صرد، Bunting الزرزور، Rock thrush سمنة الصخور، Wryneck طائر اللواء”.
وأشار سعد إلى “القضية اصبحت لدى الجمعيات والقوى الأمنية وسنتابع حتى إحقاق الحق، فالصياد المستدام يصطاد ولكن بكمية وفقا للقانون، وما يحتاجه فقط، وليس بهذه الكميات، أما هؤلاء فلا يتمتعون بأخلاق الصياد ونطلق عليهم لقب (قواصين) أو (فرقعجية)، لتمييزهم عن الصياد المسؤول الذي يراعي ويحترم الطبيعة”، وطالب سعد “بتطبيق القانون بحزم وصرامة، وإنزال أقصى العقوبات وصولا للسجن، ومصادرة الأسلحة ومنعهم من الصيد”.
سوزان أبو سعيد ضو