رياضة

يوهان كرويف.. “عبقري” الكرة الهولندية الشاملة

لم يكن الهولندي “يوهان كرويف” مجرّد لاعب كرة قدم مبدع ومتألق فحسب، بل كان من “الأباطرة العباقرة” الذين خلّدتهم سير الملاعب والساحرة المستديرة على مدى الأزمان.

وُلد يوهان كرويف في 25 نيسان/أبريل عام 1947 في مدينة أمستردام، وشاءت الصدفة أن يبعد منزل والديه مسافة خمس دقائق عن ملعب “أياكس” الذي صار يوهان في ما بعد نجمه الأوحد.

انضم كرويف إلى نادي أياكس أمستردام للشباب في لعبتي كرة القدم والبيسبول، وتألق في الرياضتين حتى سن الـ15، وبعدها اختار التركيز على كرة القدم حيث شغل مركز الوسط المهاجم. ولعب للمنتخب الوطني منذ عام 1966 حتى عام 1977 ما مجموعه 48 مباراة دولية، سجّل فيها 33 هدفًا.

بدأ يوهان مسيرته مع الفريق الأول لأياكس منذ 1964 حتى 1973، تاريخ احترافه خارج حدود هولندا، ونجح مع أياكس في إحراز لقب دوري الأبطال، خلال أعوام 1971 و1972 و1973، وهذا إنجاز كبير وتاريخي في عالم الكرة الهولندية.

وفي عام 1973 اشتد الصراع بين ريال مدريد وبرشلونة على ضم “الهولندي الطائر”، حيث ذكرت صحيفة “ليكيب” الفرنسية وقتها أن ريال مدريد عرض على أياكس مبلغ 30 مليون بيزيتا إسبانية، ولكن برشلونة قرّر دفع 50 مليون بالإضافة إلى راتب سنوي قيمته 5 ملايين، إذ كلّفت تلك الصفقة خزينة النادي الكتالوني 90 مليونًا، لتكون بذلك الصفقة الأغلى في العالم في ذلك العام.

في عام 1974، نجح كرويف في إيصال منتخب بلاده إلى مباريات كأس العالم التي أقيمت في ألمانيا الغربية، وبلغ المباراة النهائية أمام المنتخب المضيف، وكان المنتخب “البرتقالي” من أبرز المرشحين لانتزاع اللقب كونه يضم عددا من نجوم الملاعب وعلى رأسهم “الهولندي الطائر” كرويف، إلا أن الحظ لم يحالفه فقرر الابتعاد عن المنتخب الوطني عام 1977 الذي وصل للمرة الثانية على التوالي إلى نهائي مونديال الأرجنتين 1978 وكان الأقرب إلى اللقب، إلا أن منتخب “الطواحين الهولندية” سقط أيضا أمام منتخب “التانغو” واعتبر من يومها أحد أسوأ المنتخبات حظا؛ يُذكر أن الأمر تكرر في نهائي 2010 في جنوب أفريقيا أمام إسبانيا، وبقيت الغصة في نفس كرويف إبن مدرسة “الكرة الشاملة” التي أبهرت العالم في السبعينيات.

حصد يوهان كرويف العديد من الألقاب التي دافع عن ألوانها، فحقق مع أياكس لقب الدوري 8 مرات ومع برشلونة مرة واحدة ومع فيينورد الذي ختم مسيرته معه مرة واحدة أيضا، كما أحرز لقب كأس “انتركونتيننتال” مرة واحدة عام 1972.

وكانت لكرويف محطة في الولايات المتحدة مع فريقي لوس أنجلس ازتيكس وواشنطن ديبلوماتس ما بين 1979 و1981، يومها كان الدوري الأميركي مجهولا واللعب فيه مغامرة كبيرة، إلا أن الأميركيين قرروا التسويق لبطولة محلية ولفت أنظار العالم، فسارعت الأندية للتعاقد مع لاعبين لامعين حول العالم وفي مقدّمهم “الجوهرة السوداء” بيليه و”القيصر” الألماني فرانتس بيكنباور.

للهولندي كرويف مقولة شهيرة عن فكرة لعب الكرة الشاملة، التي يعود الفضل فيها إلى مدربه التاريخي رينوس ميتشيلز؛ وهي “كرة القدم بسيطة ولكن من الصعب أن تلعبها ببساطة”.

أما على صعيد الألقاب الشخصية، فقد حصد يوهان العديد منها؛ وأبرز هذه الألقاب فوزه بجائزة الكرة الذهبية التي تمنحها مجلة “فرانس فوتبول” ثلاث مرات أعوام 1971 و1973 و1974 ليكون أول لاعب ينال الجائزة 3 مرات محطما رقم لاعب ريال مدريد الفريدو دي ستيفانو، كما سجل 290 هدفًا في مسيرته مع كل الفرق التي دافع عن ألوانها.

بعد اعتزاله اللعب في عام 1984، دخل كرويف إلى الملاعب مدربًا، فأشرف على أياكس حتى 1988 ثم غادر البلاد إلى مدينة برشلونة وإلى ناديه السابق الذي أحب ليتولى الإشراف عليه حتى سنة 1996، ومعه عرف طعم الإنتصارات والألقاب، وما ساعده على ذلك وجود تخمة من النجوم البارزين في مقدمهم مواطنه رونالد كومان (مدرب برشلونة الحالي) والهداف البرازيلي روماريو و”المدفعجي” البلغاري هريستو ستويشكوف، إضافة إلى كتيبة من المحليين على رأسهم حارس المرمى اندونيو زوبيزاريتا وبيب غوارديولا وغييرمو آمور وخوسيه ماريا باكيرو، ونجح في إحراز لقب الدوري 4 مرات متتالية وكأس دوري الأبطال عام 1992.

مع بداية عام 2012 تدهورت الحالة الصحية لكرويف، وفي العام التالي شخص الأطباء مرضه فتبين أنه مصاب بسرطان الرئة، وفي 24 آذار/مارس 2016 رحل معشوق الهولنديين عن عمر ناهز 68 عاما بعد معاناة طويلة، فأعلن الحداد رسمياً في البلاد ونكست الأعلام في ملعب “أمستردام أرينا”، وقرر العاملون في متجر النادي استبدال جميع القمصان على تماثيل العرض بقميص كرويف الذي يحمل رقم 14، ونعاه الملك الهولندي، وكانت جماهير برشلونة هي الأكثر حزنا على غيابه.

يوهان كرويف أسطورة هولندا الخالدة، هو أفضل ثالث لاعب في العالم بعد بيليه ومارادونا كما وصفه كبار خبراء “المستديرة الصغيرة”، وسيبقى علما من أعلام الملاعب الرياضية بشكل عام.

سامر الحلبي

سامر الحلبي

صحافي لبناني يختص بالشأن الرياضي. عمل في العديد من الصحف والقنوات اللبنانية والعربية وفي موقع "الجزيرة الرياضية" في قطر، ومسؤولاً للقسم الرياضي في جريدتي "الصوت" و"الصباح" الكويتيتين، ومراسلاً لمجلة "دون بالون" الإسبانية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى