مجتمع

البنزين يعطّل صيد السمك… صيادون يقطفون أعشاب البحر ويبيعونها

لم تُتعب الأمواج العاتية صيادي الأسماك في لبنان، وإنّما أمواج الدولة فعلت ذلك، مخلّفةً كوارث وأزمات لهم ولعائلاتهم، فبعد أزمة ميناء الأوزاعي وتكدّس الرمال فيه وتقاعس المعنيين عن رفع الرمول وما يعانيه صيّادو هذا الميناء، اليوم جاء دور صيّادو الجناح الذين رفعوا صرختهم نيابة عن كل صيّادي لبنان مرّات عدّة بوجه وزير الداخلية، بعد منعهم من ملء خزّانات الوقود الخاصّة بقوارب الصّيد، إلا أن هذه الصّرخة لم تلقَ آذان صاغية، ما أدّى إلى توقّفهم عن العمل، منذ اندلاع أزمة المحروقات في لبنان، الأمر الذي وضعهم وعائلاتهم في مهب الرّيح.

لا أحد يعير اهتمامًا لقضيّتنا ووزير الداخليّة غائب عن السّمع، لقد مضى شهور ونحن بعيدون عن البحر مصدر رزقنا بسبب أزمة المحروقات، فبعد قرار وزير الداخلية بمنع تعبئة غالونات البنزين على المحطّات، مُنعنا من تعبئة خزّانات وقود القوارب أيضًا من قبل أصحاب المحطّات، وعندما طالبنا بالسّماح لنا بتعبئة الغالونات رفضوا ذلك أيضًا، بحجّة أنّ الموضوع لدى وزارة الداخليّة والمحطّات لا تستطع أن تكسر هذا القرار، وفق ما أشار رئيس نقابة صيّادي الأسماك في منطقتي الجناح والرملة البيضا عتريس ادريس في حديث لـ”أحوال” .

ولفت إدريس إلى أنّ وضع الصّياد مزرٍ للغاية، فالصيّاد عاجز عن تأمين قوت يومه، والبعض يعتاش من قطف أعشاب البحر وبيعها للعودة ببعض المال لأولاده، لعدم قدرته على الإبحار من أجل صيد السّمك، مشيرًا إلى أن الصيّادين كانوا بصدد قطع الطرقات منذ يومين، إلّا أنّ الخطوة تأجّلت للأيام القادمة، حيث سيقوم الصيّادون بخطوات تصعيدية من أجل أن تلتفت الدولة للمطالب، وطالب ادريس وزارة الداخلية بتخصيص محطّة بنزين خاصّة للصيّادين من أجل القيام بتعبئة خزّانات وقود القوارب، لأنّ الأمر لم يعد يحتمل.

وأكّد إدريس أنّ العديد من الصيّادين أصيبوا بجرثومة موجودة في مياه البحر بسبب التلوّث، بعد التسرّب النفطي الذي حصل في الأشهر الماضية، وبعد تحويل بلديّة الغبيري ثلاث مصبّات للمياه الآسنة إلى البحر، ما أدّى إلى إصابة هؤلاء الصيّادين بهذه الجرثومة وتورّم أجسادهم، وهم الآن يخضعون للعلاج، مع العلم أنّ ليس لديهم القدرة الماديّة لشراء الأدوية أو الدخول إلى المستشفيات، لافتًا إلى رفض البلدية لمشروع تنظيف الشاطىء من قبل جمعية بيئّية بالتعاون مع الصيّادين، ورفضت وضع مستوعبات للنفايات.
حال صيّادي الأسماك كحال معظم الشّعب اللّبناني الذي يعاني منذ سنوات من هذه الأزمة الاقتصادية والنقديّة الخانقة، وسط غياب تام لحكومة قيل عنها حكومة تصريف أعمال، بعد أن طمر أعضاؤها رؤوسهم في الرّمال وتركوا الشعب لمصيره المحتوم، ألا وهو الجوع.

منير قبلان

باحث قانوني. إعلامي ومعد برامج وتقارير سياسيّة واجتماعية. يحمل شهادة الماجيستير في الحقوق

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى