في “مونديال المكسيك 1970” فاجأ المدرب البرازيلي الشهير ماريو زاغالو عالم كرة القدم باعتماد خطة 4 ـ 2 ـ 4، ونجح لاعبوه بتطبيقها بامتياز فحققوا ستة انتصارات متتالية توجتهم بكأس العالم للمرة الثالثة في المكسيك 1970، بعد الأولى في السويد العام 1958، والثانية في تشيلي العام 1962، قبل الرابعة في الولايات المتحدة الأميركية العام 1994 والخامسة في كوريا واليابان العام 2002 لتصبح البرازيل أوّل دولة تحرز اّللقب الكبير خمس مرات بفارق لقب واحد عن كل من ايطاليا وألمانيا، علماً بأنّها كانت الوحيدة التي فشلت بإحراز اللّقب على أرضها في العامين 1950 و2016 من بين الذين أحرزوا الألقاب الأخرى.
وبات زاغالو أوّل مدرّب في العالم يحرز لقب المونديال لاعباً ومدرباً بعدما سبق له إحراز لقبي 1958 و1962 كلاعب ومن ثم توّج انجازاته بإحرازه اللّقب للمرّة الرابعة كمساعد للمدرب كارلوس ألبرتو بيريرا في كوريا واليابان العام 2002 وأصبح أسطورة لم يستطع أحد بمجاراته في الألقاب المونديالية حتى الآن.
ومنذ 18 عاماً تخلّلتها أربع بطولات للمونديال في ألمانيا 2006 وجنوب أفريقيا 2010 والبرازيل 2014 وروسيا 2018 غابت البرازيل عن الألقاب وسط سخط كبير ساد البرازيل ومختلف مشجعيها في أنحاء العالم كونها صاحبة الرقم الأوّل بأعداد المناصرين.
وفي العودة إلى مونديال 1970، فقد ضم زاغالو تشكيلة مثالية كان على رأسها “الملك بيليه” الذي أعلن قبل البطولة أنّه لن يرضى في مشاركته الأخيرة في المونديال إلّا بالعودة إلى ساوباولو حاملاً الكأس للمرّة الثالثة في تاريخه وهذا ما فعله ليصبح أوّل لاعب في العالم يحرز اللّقب ثلاث مرات.
ورغم بلوغه الثلاثين من العمر يومها، إلّا أنّ بيليه كان المايسترو المبدع الذي قاد منتخبه تهديفاً وتوزيعاً وصانعاً للفرص وشكل مع اللّاعبين الشبان ريفيلينو وجيرزينيو وتوستاو وكلودو ألدو وغيرسون مجموعة صدم لا يستطيع أحد إيقافها.
كانت بداية البرازيل مع تشيكوسلوفاكيا وانتهت بفوز مريح (4 ـ 1)، توالى على تسجيلها ريفيلينو وبيليه وجيرزينيو (2)، إلّا أنّها عانت كثيراً أمام انكلترا ولم تنجح إلّا بهدف وحيد لجيرزينيو، وفي آخر مباريات الدور الأوّل تخطّت رومانيا (3 ـ 2)، سجّلها بيليه (2)، وجيرزينيو.
وفي ربع النهائي واصلت البرازيل مشوارها بالفوز (4 ـ 2)، على البيرو سجلها ريفيلينو وتوستاو وجيرزينيو (2)، ثم تخطّت الأوروغواي (3 ـ 1)، لكلودو ألدو وجيرزينيو وريفيلينو قبل أن تكتسح ايطاليا (4 ـ 1)، في المباراة النهائية افتتحها بيليه برأسية رائعة وتبعه جيرسون وجيرزينيو ثم صنع الهدف الرابع بتمريرة رائعة إلى الظهير الأيمن كارلوس ألبرتو.
ويمكن القول أن زاغالو حقق يومها تكتيكاً مميزاً عبر الـ 4 ـ 2 ـ 4 حيث كان يهاجم المنتخب فترات كثيرة بثمانية لاعبين وفي الهجمات المضادة عليه كان يدافع بثمانية لاعبين وهو أمر لم تشهد مثله خطط اللّعب المتنوعة الأخرى.
لماذا غابت الـ 4 ـ 2 ـ 4؟
لماذا غابت الـ 4 ـ 2 ـ 4 عن منتخب البرازيل منذ العام 1970 ولماذا لم يطبقها مدربون آخرون في العالم، هل المشكلة هي عند المدربين أم اللّاعبين؟
هذا السؤال وجّهته إلى “الملك بيليه” عندما التقيته في دبي العام 2016، حيث ردّ بابتسامة واثقة:” الـ 4 ـ 2 ـ 4″ هي إحدى أفضل طرق اللّعب بتاريخ كرة القدم، وما حققناه عبرها في 1970 شكل تحولاً تاريخياً في التكتيك، والمشكلة الآن عند المدربين الذين تحوّلوا إلى التكتيك الأكثر دفاعاً لتقليل دخول الأهداف ما أثّر كثيراً على الآداء الهجومي، أمّا اللّاعبون فأعتقد جازماً بأنهم قادرون على تنفيذ هذا التكتيك إذا أراد المدربون ذلك، ولكن علينا أن نجد زاغالو آخر (ضاحكاً).
قلت له، هل البرازيل عاجزة عن إيجاد مثيل لزاغالو؟ أجاب “ليس من السهل تكرار شخص مثل الأسطورة زاغالو، إلّا أنّه ليس بالأمر المستحيل، فالكرة البرازيلية تتخبط منذ سنوات طويلة بأزمات متعددة الأوجه وبقضايا فساد وسوء إدارة وعار على الكرة البرازيلية أن تغيب عن لقب المونديال فترة طويلة، آمل أن تصطلح الأمور.
أنهيت حواري السريع مع “الملك”، بالقول:”ما الفارق بين أيامك كلاعب وأيامنا الحالية”، أجاب باختصار:”كنا نلعب لنستمتع ونسعد الجمهور، أمّا في هذه الأيام فإن اللّاعبين يفكرون كم سيجنون من المال”.
خلاصة القول، هل ستحاول البرازيل استعادة أمجادها المونديالية الغابرة عبر الـ 4 ـ 2 ـ 4، وهل من يجرؤ أي من المدربين العالميين في اعتمادها؟
يوسف برجاوي