السفيرة الأميركية ترد على نصرالله: نرفض تحميلنا مسؤولية الأزمة
لا دعم للبنان قبل تأليف حكومة جديدة
لم يكُن المؤتمر الذي عُقد في القصر الحكومي صباح اليوم وحضره عدد من السفراء عادياً، رغم تكراره للمواقف المعتادة للدول العربية والأجنبية المحملة بنصائح للمسؤولين اللبنانيين بأن “ساعدوا أنفسكم لكي نساعدكم”.
فاللقاء الذي ترأسه رئيس حكومة تصريف الأعمال الدكتور حسان دياب وضم عدداً من السفراء وممثلي البعثات الديبلوماسية والمنظمات الدولية في لبنان، حفل بجملة مواقف بارزة وردود فعل على كلمة الرئيس دياب الذي حمل المسؤولية بشكل غير مباشر للدول الغربية والعربية نتيجة الحصار الاقتصادي الذين يفرضوه على لبنان، إذ قال دياب: “الإستمرار بحصار ومعاقبة اللبنانيين، سيدفع حكماً لتغيير في التوجهات التاريخية لهذا البلد، وسيكتسب هذا التغيير مشروعية وطنية تتجاوز أي بعد سياسي، لأن لقمة العيش وحبة الدواء ومقوّمات الحياة لا تعرف هوية جغرافية أو سياسية، ولا تقيم وزناً للمحاور الغربية والشرقية والشمالية، والأهم بالنسبة للبنانيين أن ينكسر هذا الطوق الذي بدأ يخنقهم ويقطع الأوكسيجين عن وطنهم”.
واستدرج كلام دياب بحسب ما علم “أحوال” ردوداً من بعض السفراء كالسفيرة الفرنسية آن غرييو، التي أكدت بأن المسؤولية الأولى تقع على المسؤولين اللبنانيين؛ مشيرة إلى أنه “حتى لو كانت الحكومة الحالية تصريف أعمال فيمكنها أن تتفاوض بشكل جدي وموثوق مع صندوق النقد الدولي”. وعن أزمة المحروقات، لفتت السفيرة إلى أن “هناك مخزون كافٍ من الحروقات في لبنان لكن على الحكومة أن تنظم عملية توزيعه على المواطنين”. وشددت على أنه “لطالما وقفت فرنسا إلى جانب لبنان وستقف دائماً الى جانبه، لكن على القادة كافة أن يتحملوا المسؤولية من دون أي تشكيك بجهود الدول الصديقة”.
أما الموقف الحاد، فخرج من السفيرة الأميركية دوروثي شيا التي ردت بشكل غير مباشر على كلام الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله، الذي وجه انتقادات لاذعة للإدارة الأميركية بحصار لبنان، ما أدى إلى تفاقم الأزمات المختلفة. فأشارت السفيرة الأميركية إلى أنه “هناك نوع من التهرّب من المسؤولية، وعندما يلوم أحد على التلفاز الولايات المتحدة لا يمكن تقدير ذلك. والمطلوب أن يتحمل المسؤولية الأشخاص المعنيون بها وليس نحن”.
وأكدت شيا أننا “لن نترك شعب لبنان، ولدي زملاء يحضّرون رزمة إنسانية لأن هناك مشاكل في الغذاء، لذلك نركز على اللبنانبين دون اللاجئين”. مضيفة: “لم نتحرك وفق طلب من أحد، بل بناء على حاجة الشعب للخدمات ونقوم بواجبنا. قدمنا ٣. ٧ مليار دولار لدعم القوى الأمنية والجيش اللبناني. ومنذ أسبوعين ٥٩ مليون دولار، وقائد الجيش العماد جوزيف عون يمكنه استخدامه المبلغ لطاقمه”.
كما أبدت شيا استعدادها لمساعدة الشعب اللبناني الذي لم يعد يستطع وضع الطعام على مائدته. فالمشاكل على محطات الوقود شكل من أشكال الأزمة وحتى حكومة تصريف الأعمال يمكنها أن تقوم بعمل ما، لكننا نريد حكومة جديدة تجدد التفاوض مع صندوق النقد الدولي”.
أما السفير البريطاني مارتن لونغدن، فرأى أن “بريطانيا أنفقت ملايين الدولارات لدعم المؤسسات الأمنية وقضايا إنسانية”. وحذّر من أن “تداعيات الأزمة في لبنان لن تقف عند الحدود اللبنانية”.
وشدد على أن “الدعم الدولي ليس بديلاً عن الإصلاح المطلوب بشكلٍ كبير في لبنان”، مضيفاً أن “لبنان تأثر بعقود من الفساد وليس بفشل دعم دولي وحصار”. ولفت إلى أن “ليس هناك قرار داخلي من القيادة السياسية بحل الأزمة، فلا يمكن للمجتمع الدولي إنقاذ لبنان بل يمكن أن يؤخر الأزمة”، ولفت إلى أنه لم يشعر بمسؤولية لدى القيادات اللبنانية. فالمشكلة سياسية ونتيجة قرارات سياسية وليست نزاع داخلي وأسباب طبيعية”.
من جهته، لفت سفير الاتحاد الأوروبي رالف طراف إلى أن “لبنان بحاجة إلى نظام اقتصادي جديد، لكن لا بد من اتخاذ إجراءات تفرج الشعب رغم الصلاحيات الضيقة لحكومة تصريف الأعمال. وأبدى استغرابه أزاء وجود أربعة أسعار صرف للدولار في السوق السوداء الذي ينعكس سلباً على كافة القطاعات. ووجه تساؤلات إلى القيادات اللبنانية عن كيفية سداد الديون المتراكمة عبر السنوات، وعن كيفية ضبط سعر الصرف والحفاظ على مستوى الإحتياط في المصرف المركزي، داعياً إلى إقرار قانون الضرائب والتحوّل إلى الاقتصاد الإنتاجي بدل الريعي ووضع لبنان على الخريطة العالمية للانتاج”.
أما ممثل الأمم المتحدة، فكشف عن اعتماد برنامج استثناىي للدعم النقدي اللبناني على مدة سنة وإطلاقه في شهر آب المقبل. لكنه أكد بأننا “بحاجة إلى التزام سياسي أكبر من المسؤولين، وتقديم المصلحة العامة ومصلحة الشعب والإصلاحات وتشجيع القطاع الخاص. كذلك نركز على مسألة الحماية الاجتماعية في لبنان”.
أما السفير الكويتي عبد العال القناعي، فرفض تحميل المجتمع الدولي والدول الشقيقة مسؤولية الأزمة. وأعرب عن تفهمه للظروف السياسية الاقتصادية الصعبة.
وخلاصة المداولات بين السفراء والوزراء بحسب مصادر معنية لـ”أحوال” أن لا دعم مالي وسياسي دولي للبنان، قبل تأليف حكومة جديدة تحظى برضا الشعب أولاً والممجتمع الدولي ثانياً، وحتى ذلك الحين ستتولى الأمم المتحدة وبعض الدول تأمين مساعدات عينية وغذائية، وبعض الدعم المالي الإنساني للحد من الأزمات وتعزيز صمود المواطنين.
أحوال