مجتمع

“بنين” تسدد هدفًا نظيفًا في شباك المصارف… والأخيرة يجنّ جنونها

على عكس ما هو شائع منذ 17 تشرين بأنّ لا شيء أقوى من المصارف، وأن جمعيّة المصارف لا تنكسر وقراراتها لا تقبل الاستئناف أو حتّى النقض، سدّدت جمعيّة بنين الخيريّة ضربة على خاصرة المصارف، بعد حصار الجمعية للبنك اللّبناني السويسري لساعات، ورضوخ الأخير لطلب الجمعيّة، وتحويله مبلغ من المال إلى حساب للجمعية في تركيا.

ووفق المعلومات فإن مفاوضات قاربت السّنة والنصف مع إدراة البنك اللّبناني السويسير لاسترجاع مبلغ عبارة عن تبرّعات دفعها متبرّعون من خارج لبنان إلى أربعة مرضى ترعاهم الجمعية، إلّا أن هذه المفاوضات باءت بالفشل، فلجأت حينها الجمعيّة إلى القضاء الذي عجز هو الأخير عن إرجاع فلسًا واحدًا من أموال المتبرّعين، ما دفع بالجمعيّة إلى اعتماد الخيار الأخير ألا وهو الاعتصام داخل المصرف لإجباره على تحويل الأموال إلى حساب خارج لبنان، وهذا الذي حصل، فقد أجبرت عائلات الجمعيّة وعائلات المرضى إدراة المصرف على تحويل مبلغ 143 ألف دولار أميريكي و23 ألف يورو إلى حسابها في تركيا، جرى التّأكد من وصول الحوالة إليه من قبل رئيس الجمعية محمد بيضون، وكل هذا في ظل غياب الوسائل الإعلامية التي لم تعِر القضيّة أي اهتمام.
وأشارت المعلومات إلى أنّ الجمعية ستبدأ بإجراءاتها لتجهيز هذه الحالات الأربع للسفر إلى الخارج لإجراء العمليّات اللّازمة.
البنك اللبناني السويسري أصدر بيانًا شجب فيه ما سمّاها احتلال الجمعية بمئة رجل للمصرف واعتدائه بالضرب على موظفيه، وإجبار مدرائه تحت الضّغط والعنف على إجراء تحاويل نقديّة إلى تركيا، وأعلنت عن إقفال المصرف ابتداءً من صباح يوم الثلاثاء استنكارًا لهذا العمل.
هذا البيان لاقى آذانًا صاغية لدى جمعيّة المصارف التي أعلنت عن إغلاق كافّة المصارف اللّبنانيّة لفروعها ومراكزها تضامنًا مع اللّبناني السويسري.
بدورها جمعيّة بنين ردّت على إدّعاءات المصرف في بيان أصدرته، أسفت فيه للافتراءات التي ساقها المصرف بحق عوائل الجمعيّة ومعظمهم من النساء والمسنين وليس مئة رجل كما ادّعى المصرف، وهناك كاميرات داخل المصرف تؤكّد ذلك، مستغربة الحديث عن وقوع إصابات بحق موظفيها مع العلم أنّ الاعتصام كان سلميًّا وأمام أعين القوى الأمنية، كما أنّ إجراء التحويل المذكور لم يكن تحت التهديد والإكراه كما ذكر بيان المصرف، وإنّما بحضور عناصر من الجيش وقوى الأمن الداخلي، وأنّ إدارة المصرف وقّعت كتابًا أقرّت بموجبه أن عمليّة التحويل قد حصلت بالتراضي بين المصرف والجمعية، عبر كتاب نشرت الجمعيّة صورة عنه عبر صفحتها على الفايسبوك.

 

على ضوء ما حصل، جرى الحديث عن ضغوطات يمارسها سياسيو المصارف أبرزهم رئيس الحكومة المكلّف سعد الحريري  على القضاء اللّبناني لدفعه إلى توقيف رئيس جمعية، فعل يخضع القضاء ويكرّس حقيقة أنّه خاتم في اصبع الساسة؟.

إلى حينه، يبقى المؤكد الوحيد أنّ جمعية بنين الخيريّة نجحت بتحصيل أموال المتبرّعين عبر الضغط على المصرف، وهو أمرٌ مختلف عن بعض السيناريوهات الهوليووديّة التي جرت على بعض المصارف والمؤسسات الماليّة التي لم تفضِ إلى أيّة نتيجة، ما يفتح أفقًا أمام المودعين الذين ضاعت أموالهم في دهاليز المصارف، أو نتيجة تعاميم مصرف لبنان التي قضمت 80% من قيمة ودائعهم، فهل يعود المودعون إلى الشّارع للضغط على المصارف لاسترجاع ما يمكن استرجاعه من جنى أعمارهم؟ أم أن لجمعيّة المصارف ومصرف لبنان كلام آخر بعد الضربة الموجعة التي سدّدتها بنين؟

منير قبلان

باحث قانوني. إعلامي ومعد برامج وتقارير سياسيّة واجتماعية. يحمل شهادة الماجيستير في الحقوق

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى