منوعات

مواقف نزار بنات… قاضض مضجع السلطة يواجه القدر المنتظر

لم يكن استشهاد الناشط الفلسطيني نزار بنات على يد السلطات الفلسطينية مفاجئًا، فمن يتابع مقالات الرجل ومواقفه وتصريحاته، يستشرف خبر مقتله على يد من هم “مفعول بهم أميركيًا”.

الناشط المعروف على الساحة الفلسطينية والذي ناهض مشروع التسوية وعمل ضد مشاريع تصفية القضية الفلسطينية، كان له رأيٌ شديد اللّهجة ضد سلطة بلاده وحكّام الخليج و”الحضن السنّي” الذي اتّهمه في غير تسجيل بالتواطؤ ضد القضية وقتل العرب وتخريب المنطقة، ساخرًا من خوفهم من المشروع الإيراني.

الرجل الذي تعرّض للملاحقة والاعتقال من قبل أمن السلطة، وتمّ اعتقاله أكثر من 8 مرات وخضع للتحقيق، كما تعرّض للتعذيب والقمع في سجونها التي قضى فيها أشهرًا طويلة، يسأل في إحدى تسجيلاته المصوّرة، متوجهًا إلى “الفلسطيني الذي يخشى الهلال الشيعي”: ماذا لديك من بديل؟ هل البديل عند ملوكك السنّة في الخليج، ومصر السيسي؟. في هذا الإطار نشر بنات أفكارَه السياسية التي يصفها بـ”الحكمة السياسية”، وهو يرى أنّ هناك قاعدة وجودية في علم السياسة “إذا لم يكن لديك خطّتك فأنت مجبر علىالقبول بأن تكون جزءًا من خطّة الآخرين”.

في حين شكّل صوتًا صاخبًا ضد السلطة، كان بنات رأس حربة في الدفاع عن السياسة الإيرانية التي “أخرجت الأميركي والفرنسي من لبنان عام 1983″، يوضح في إحدى مناظراته المصوّرة أنّ قصة قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني ورفيقه في الشهادة أبو مهدي المهندس لم تنشأ بالأمس وهي حتمًا لم تكن ضد أهل السنّة، مذكّرًا بعملية المهندس ضد السفارتين الفرنسية والأميركية في الكويت سنة 1983.

في خطابه الموجّه لأهل السنّة يضرب شهيد فلسطين مثالًا في رجال حزب الله “الأشدّاء” الذين نسفوا مقر المارينز في بيروت وقتلوا أكثر من 300 أميركي وفرنسي معظمهم من الجنود، “طردوهم نهائيًا ليحصروا ساحة القتال بينهم وبين العدو الإسرائلي”. يقول بنات “إيران دولة تعمل منذ 42 سنة على إخراج الأميركي والاسرائلي من المنطقة، دفعت الثمن دمًّا وحصارًا، هي لا تريد أن تحتلّ المنطقة بل تريد التخلّص من الشرّ الصهيوني”.

في مقابل اعتزازه بالدور الإيراني يفنّد دور السعودية التي “دفعت الأموال للعراق كي تدمّر إيران في الثمانينيات” تمامًا كما عادت ودفعت مبالغ طائلة لتدمير سوريا، ساندتها في ذلك قطر أيّام العسل بينهما، وقد اعترف رئيس وزراء قطر الأسبق الشيخ حمد بن جاسم بدفع 137 مليارًا خلال أزمة سوريا، “آلاف المقاتلين أرسلوهم إلى سوريا لتصفية الرئيس السوري بشار الأسد الذي لم يتورّط بأيّ اتفاق سلام”، يقول إذا كنتم تحاربون الأسد لتعودوا وتحرّروا فلسطين كما تدّعون لماذا لم تحرّكوا ساكنًا بعد أن احتلّيتم درعا والجولان والمناطق المحاذية لـ”اسرائيل”. ماذا كانت النتيجة؟ كانت النتيجة أنّ جنود جبهة النصرة كانوا يُعالجون في المستشفيات الميدانية الاسرائيلية، يسأل بنات ومن ثمّ يجيب.

كان للشهيد الكثير من المواقف القومية العروبية ويقول في مقال له إنّ “المصابين بفوبيا الوحدة العربية، مهما بلغوا من قدرات في الاختراق فإنهم لن ينجحوا في إقناع الشعوب أنّها بخير ما دامت قبائل يحدد لها الأجنبي حدودها”، كما يعقد آمالًا عريضة على الجمهور الصامت الذي لا بدّ أن ينتفض فـ “الأغلبية الصامتة لا تصنع ضجيجًا لكنّها تصنع التاريخ، والجمهور الصامت في تونس ومصر واليمن وليبيا غاب واستتر وراء صورة الزعيم عقودًا طويلة، حتى ذابت صورة تلك الأغلبية تمامًا، ولم نعد نسمع لها إلاّ بعض الصرخات، لكنّها انتفضت فجأة وصنعت التاريخ”.

ربّما ليست الشهادة التي كان يرجوها نزار وإن لطالما توقعها، إلّا أنّها تخدم قضية واحدة، قضية النضال ضد العدو الصهيوني بوجهيه، الظاهر والمستتر، بل المستتر بشكل خاص، والذي لا بدّ أن يسقطه الشعب ولو بعد حين، هكذا راهن بنات، الشعب نفسه الذي احتجّ مئاتٌ منه اثر استشهاده مردّدا “عباس أنت لست منّا. ارحل”.

نُهاد غنّام

صحافية تمارس المهنة منذ العام 2007، حائزة على الماستر في الصحافة الاقتصادية من الجامعة اللّبنانية

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى