منوعات

محاولات تهريب المحروقات ازدادت الشهر الماضي والجيش يتصدى بالنار

يكاد لا يمرّ يوم دون ضبط عمليات تهريب للمحروقات من لبنان إلى سوريا، فالحدود التي يبلغ طولها حوالي 340 كيلومتراً تشكّل مهمة مستحيلة على أي دولة لضبطها، بظلّ وجود عشرات المعابر غير الشرعية التي يمكن من خلالها ممارسة عمليات التهريب، مع العلم أن هناك معابر تتحمل التهريب عبر الصهاريج، وأخرى لا يمكن الإستفادة منها سوى عبر الدراجات النارية أو البهائم.

لن ندخل بأعداد المعابر المخصصة للتهريب، فهناك روايات متعددة حول الأرقام، وكل رواية تصدر عن جهاز أمني رسمي، وبالتالي فإن الأرقام متضاربة، ولكنّ الأكيد أن أعداد المعابر هي بالعشرات، لا بالمئات كما يحاول البعض الإيحاء، لأجل تبرير التهريب الحاصل.

عام ونيف على ارتفاع وتيرة التهريب

تكشف مصادر مطّلعة على هذا الملف أن وتيرة التهريب ارتفعت في شهري آذار ونيسان العام الماضي، وذلك بعد وصول كميات ضخمة من المحروقات إلى لبنان من قبل إحدى الشركات التي استوردت ضعف ما تستورده عادة، وكانت عمليات التهريب تحصل عبر الصهاريج الكبيرة، وأحياناً تحت أعين عناصر أمنية.

وتلفت المصادر النظر إلى أن القرار يومها بوقف التهريب كان معدوماً، ما فتح الباب أمام وسائل تهريب أخرى، مثل التهريب عبر الدراجات النارية، والبيك آب، واحياناً عبر استعمال “الحمير” لنقل الغالونات، كذلك عبر استعمال السيارات الخاصة التي يتم تعبئة خزاناتها وإفراغها في سوريا، ولكن كل هذا تبدّل مؤخراً.

بعد اتخاذ القرار بمحاربة التهريب، أصبحت العمليات أصعب وأكثر تعقيداً، ما جعل المهربين يفتحون طرق تهريب جديدة غير تلك المعروفة، كما جعلهم غير قادرين على تهريب كميات ضخمة في وقت واحد. وتُشير المصادر إلى أن الحرب على التهريب فكّكت عصابات منظمة، حتى أصبحنا أمام عمليات فردية لأشخاص لا يزيد عددهم عن 5 أحياناً.

أكثر من مليون ونصف المليون

في عطلة نهاية الأسبوع الماضي، ضبط الجيش اللبناني محاولة تهريب في منطقة رأس بعلبك على متن “فان” فتمكن من منع تهريب 6790 ليتراً من البنزين، و930 ليتراً من المازوت، ولكن المفاجأة كانت عندما شهر المهربون سلاحهم بوجه دورية الجيش وحاولوا دهس أحد عناصرها، ما دفع العناصر لإطلاق النار وقتل أحد المهربين وتوقيف البقية وعددهم “اثنين”.

وفي هذا السياق تُشير المصادر إلى أن دوريات الجيش تمكّنت خلال عام تقريباً من منع تهريب حوالي مليون ونصف المليون ليتر من البنزين والمازوت، إلى جانب العديد من البضائع الأخرى، مشددة على أن مكافحة التهريب تحتاج فقط إلى قرار سياسي، وتعاون بلدي، ففي كثير من الاحيان يقوم عناصر الجيش اللبناني بإقفال المعابر بالسواتر الترابية، فيعود المهربون لفتحها، وهذا ما يحمل البلديات مسؤوليات كبيرة في هذا الخصوص.

تكشف المصادر أن الموقوفين في قضايا التهريب أصبحوا بالعشرات، وأغلبهم يعملون بشكل فردي، مشيرة إلى أن عمليات التهريب تحتاج إلى أكثر من فريق، وعادة يكون كل فريق منهم منفصلاً عن البقية، كأن يتولى فريق عملية جمع المحروقات في لبنان بالتعاون مع أصحاب محطات، أو تُجار محروقات، وفريق آخر يتولى نقلها إلى الحدود، وفريق ثالث يتولى إخراجها إلى سوريا، ولذلك فقد لا نجد في كثير من الأحيان عصابات متكاملة، ومنظمة.

تتحدث التقارير العسكرية والأمنية عن ارتفاع بعدد محاولات التهريب في أيار الماضي، مشيرة إلى أن الوضع في لبنان والتهريب يتلازمان، فكلما ازداد الوضع صعوبة في الداخل، كلما ارتفعت وتيرة التهريب، والعكس، لذلك فإن السياسة في لبنان جزء من الحرب على التهريب.

 

 

محمد علوش

صحافي لبناني، يحمل إجازة في الحقوق وشهادة الماستر في التخطيط والإدارة العامة من الجامعة اللبنانية. بدأ عمله الصحافي عام 2011، وتخصص في كتابة المقالات السياسية المتعلقة بالشؤون اللبنانية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى