هل تقضي الاستقالة الجماعية على تفاهم مار مخايل؟
رغم مواصلة رئيس مجلس النواب نبيه برّي مساعيه الحكومية لخرق جدار الأزمة السياسية الحادة بين رئيس الجمهورية ميشال عون والرئيس المكلّف سعد الحريري، لم يتحقق أي إيجابيات قد تكون مدخلاً جديًا لتشكيل حكومة إنقاذية تجنب لبنان الانهيار الشامل وتداعياته الكارثية.
برز خلال اليومين الماضيين الحديث عن تراجع التيار الوطني الحر عن قرار الاستقالة من مجلس النواب كما أعلن أحد نواب تكتل لبنان القوي، وهو خيار قد لوّح به التيار كمخرج أخير لإنهاء حالة التعطيل التي تعيشها الحياة السياسية وما يسودها من تبادل الاتهامات بين التيارين الأزرق والبرتقالي.
معلومات “أحوال” تفيد بأنّ الاتصالات المكثّفة بين حزب الله وحركة أمل والتيار الوطني الحر أفضت إلى نسف خيار الاستقالة الجماعية من المجلس النيابي، لا سيّما أنّ هكذا خيار يعتبر خطًا أحمر عند قيادة الحزب لعدّة أسباب، أبرزها تخوّف الحزب من خسارة الأكثرية النيابية في المجلس ما يؤدي حكمًا إلى تغيّر المعادلة السياسية لصالح أخصام حزب الله.
وبحسب المعلومات، فإنّ قيادة الحزب حذّرت المعنيين في التيّار من خطورة هذا القرار، وألمحت خلال المباحثات إلى احتمال سقوط التحالف بين الضاحية الجنوبية وميرنا الشالوحي في حال سقوط مجلس النوّاب على يد التيار البرتقالي، ما دفع التيار إلى وضع قرار الاستقالة جانبًا بانتظار ما ستفضي إليه المساعي الحكومية المستمرة بقيادة الرئيس برّي من جهة والبطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي من جهة أخرى.
مصدر بارز في التيار الوطني الحر أشار لـ”أحوال”، إلى أنّ “الاستقالة لها ظروفها التي لم تتوفر بعد، وهذه الظروف واضحة وتكلّم عنها النائب جبران باسيل في أكثر من مناسبة، وتتعلّق بانقطاع الأمل بالكامل من تراجع الرئيس الحريري عن مطالبه التعجيزية المتمثلة بالتعدّي على صلاحيات رئيس الجمهورية، والسبب الآخر إذا فشلت جميع المبادرات وفي مقدّمها مبادرة الرئيس برّي.
ولفت المصدر، إلى أنّ “قرار الاستقالة لا يزال مطروحًا، ويتطلب تنسيقًا مباشرًا مع القوّات اللّبنانية لأنّ استقالة نوّاب القوّات مع التيار يفقد المجلس ميثاقيته، ونحن على استعداد للتنسيق مع القوّات في هذا الشأن كخطوة إضطرارية لإنهاء مشهد التعطيل المهيمن على الحياة السياسية”.
وأكّد أنّ “لا تراجع عن القرار، إنّما تجري دراسة متأنية للنتيجة التي يمكن أن تتحقق من خيار الاستقالة، وهناك نقاشات تحصل لقياس الإيجابيات والسلبيات المتعلّقة بإسقاط مجلس النواب”.
وبحسب المعطيات، فإنّ الأسبوع الجاري سيكون حاسمًا على صعيد تشكيل الحكومة، ومن المتوقع أن يقوم الرئيس الحريري بالتنسيق مع برّي بتقديم تشكيلة حكومية من 24 وزيرًا ويعرضها على رئيس الجمهوريّة، لكنّ الحريري يرفض حتى هذه اللّحظة زيارة قصر بعبدا قبل الحصول على موافقة مسبقة من عون ومن خلفه باسيل على التشكيلة الحكومية.
وعُلم أيضًا أنّ رئيس مجلس النوّاب عرض على الحريري لقاء باسيل لتخفيف الاحتقان وتقريب وجهات النظر، إلّا أنّ الحريري رفض عقد هذا اللّقاء باعتبار أنّ التشكيل معني به رئيس الجمهورية حصرًا، وأبدى رئيس تيار المستقبل إنزعاجه من تحويل قصر بعبدا إلى مركز حزبي يسيطر باسيل على قراراته ومواقفه السياسية، في حين أنّ رئيس الجمهورية يجب عليه طرح الحلول والمبادرات لا أن يكون طرفًا يعمل وفق أهواء رجل سياسي يسعى ليلاً ونهارًا إلى تعويم نفسه سياسيًا وشعبيًا.
محمد المدني