ساعات حاسمة: حكومة أم استقالات نيابية؟
بعد عودة الرئيس المكلّف سعد الحريري إلى ربوع الوطن، ارتفع منسوب التفاؤل بانفراجٍ قريب، إلا أن الوقائع لا تشي بكثير من الأمل؛ فبعد موجة الإشاعات التي طالت وضع الحريري، عاد الأخير إلى لبنان ليلاً وسارع صباحاً لزيارة “صاحب المبادرة التوفيقية”، رئيس مجلس النواب نبيه بري، ولم يرشح أي معلومات جدّية عن فحوى ونتائج اللقاء، نظراً لتكتّم الفريقين على أي تسريب أو تلميح لما تتّجه إليه الأمور.
لكن على ضفّة أُخرى، تسود أجواء تشاؤمية وعدم تفاؤل لما قد تتّجه إليه الأمور، إذ أن العِقَد ما زالت على حالها، فعودة الحريري على ما يبدو لم تحمل أي جديد.
أوساط متابعة تحدّثت لـ”أحوال” عن أجواء “متشائمة” في كل الأوساط السياسية ممّا وصلت إليه الأمور، ويمكن تلخيصها بالنقاط التالية:
أولًا: رئيس الحكومة المكلّف وعد بأنّه سيأتي إلى بعبدا بتشكيلة حكومية جديدة، وهذا ما ينتظره رئيس الجمهورية ميشال عون، فهل يفي بالوعد؟
ثانيًا: الأجواء الفعلية لا تشي بأن هناك شيئًا كبيرًا جديًا يلوح في الأفق حول عملية تأليف الحكومة، إذ أن الموقف السعودي ما زال بعيداً عن الحلحلة بخصوص الرئيس المكلّف، ويبدو أن المشكلة الشخصية مع سعد الحريري ما زالت عالقة، وبالتالي يصعب عليه الإقدام على ترؤس حكومة لا تنال رضى المملكة.
ثالثًا: إتجاه رئيس حكومة تصريف الأعمال، حسان دياب، للتوجّه بكلمة إلى اللبنانيين يلخّص فيها معاناته في العمل وعدم تحمّل حكومته المسؤولية القانونية والأخلاقية والسياسية لما ستؤول إليه أحوال البلد، لا سيما على الصعيد الاقتصادي، في حال بقي الوضع على ما هو عليه من تدهور.
رابعًا: العِقَد الأساسية حول الحقائب لم تذلّل أبداً، وستكون عقبة مستجدة في حال التوجه الجدّي للتشكيل.
خامسًا: توجّه فرنسي للمطالبة بحكومة إنتخابات وليس حكومة مهمّة كما كانت سابقاً.
سادسًا: الأجواء التفاؤلية التي تشيعها أوساط الرئيس نبيه بري هي من قبيل “عدّة شغل” الوسيط ليس أكثر، ما يعني أن المهمّة على وشك الاصطدام بحائط ممانعة الرئيس الحريري وتوجّسه من الإقدام على التشكيل للأسباب السابقة الآنفة الذكر.
سابعًا: السؤال الأساسي اليوم: إذا كانت السعودية متّجهة نحو الحوار وفتح العلاقات مع إيران وسوريا، كيف يمكن للرئيس الحريري أن يفرض مزيداً من الشروط على من هو من صلب محور الممانعة داخل لبنان؟.
ثامنًا: الحديث عن توجّه جدّي لدى “التيار الوطني الحر” للذهاب نحو الإستقالة من مجلس النواب خلال أيام قليلة في حال فشل المبادرة، وإن تحدّثت أوساط التيار إعلامياً عن الإصرار على إفساح المجال أمام الرئيس بري للسير بمبادرته ومساعدته ما أمكن في سبيل التشكيل.
تاسعًا: في حال استقالة نواب التيار، ستليها حتماً إستقالة نواب “تكتل الجمهورية القوية” وهذا مطلب “قواتي”، ما يعني سقوط شرعية المجلس النيابي والتوجه نحو انتخابات مبكرة.
هذه المعطيات توحي بأن البلاد أمام ساعات حاسمة ومصيرية، فهل تتوجّه هذه القوى نحو مغامرة الإستقالة؟ وهل هذه القوى مستعدة لمثل هذه الخطوة؟.
ساعات قليلة ويتبيّن الخيط الأسود من الأبيض.. ولكن المحصلة أن لبنان أمام مخاضٍ عسير سينعكس على حال الناس المعيشية.
عامر ملاعب