منوعات

الحرب الشاملة تنتظر “الفتيل” المناسب

يقول الخبر الأول أن “إسرائيل” أطلقت نهار الأحد أكبر مناورة في تاريخها، تُحاكي فيها الحرب الشاملة عليها من الشمال إلى الجنوب، ويقول الخبر أمس، أي في اليوم التالي أن “الجيش الإسرائيلي علق تدريباً رئيسياً مؤقتاً للتركيز على احتياجات عملياته في القدس، بعد التطورات التي شهدتها الساحة الفلسطينية، فما الذي يجري في الكيان الإسرائيلي وما هي حدود التأثير على لبنان؟
بداية لا بد من الإشارة إلى أن العدو الإسرائيلي اعترف علانية للمرة الأولى في مناورة “مركبات النار” أن محور المقاومة بات جسداً واحداً جاهزاً للمواجهة، وأن الحرب المقبلة لن تكون بين جيشه وطرف في لبنان أو آخر في غرة، فما تتحضّر له “إسرائيل” هو “هطول صواريخ” من لبنان وسوريا وغزة والعراق، وصولاً لإيران واليمن ، التي بات يملك صواريخ تصل إلى المدن الإسرائيلية.
لا يمكن إنكار هذا التطور الهائل في قدرات محور المقاومة، ولكن هذا لا يعني أن “إسرائيل” لن تتجرأ على دخول المواجهة، خاصّة عندما تكون الظروف الداخلية الإسرائيلية مشابهة لما يجري اليوم، ولكن ماذا عن الظروف الخارجية؟

الساحة الداخلية الإسرائيلية

تشير مصادر لبنانية مطّلعة عبر “أحوال” إلى أن الظروف التي تعيشها “إسرائيل” اليوم قد تؤدي إلى تبنّي بعض الأفكار المجنونة، فبظل الأزمة الحكومية القاسية التي يعيشها الكيان منذ 30 شهراً، واحتمالات التوجّه نحو انتخابات خامسة للكنيسيت الإسرائيلي، لم يعد يملك نتانياهو الكثير في جعبته وقد يظنّ ان الحرب تُزيل كل العقبات أمامه، وتُعيده لاعباً اولاً في المنطقة، مشددة على أن بعض المسؤولين الحاليين والسابقين في “إسرائيل” يحذّرون من مغبة الحرب وتأثيرها المدمر على “إسرائيل”.

الظروف الدولية

عملت “إسرائيل” جاهدة طوال الفترة الماضية على خلق العداوة بين “إيران” والدول العربية، وجاهدت لإظهار نفسها كحليفة للعرب في وجه الخطر الفارسي، لذلك فإن الإسرائيليين يعتبرون أن المفاوضات بين إيران والسعودية، من شأنها نسف كل مساعيهم، وتُعيدهم إلى نقطة البداية، مع العلم أن السعوديين في مفاوضاتهم المستمرة والإيجابية مع الإيرانيين أوضحوا رفضهم للتطبيع مع إسرائيل.
كذلك يراقب الإسرائيليون، بحسب المصادر، بقلق شديد مفاوضات إيران مع الولايات المتحدة الاميركية، وهم تأكدوا مؤخراً من المسؤولين الأميركيين أن العودة للإتفاق النووي باتت قريبة، وبنفس شروط الإتفاق السابق، أي دون إدخال ملف الصواريخ الباليستية، وملف حزب الله وقدراته القتالية في أي تفاوض، مشيرة إلى وجود فكرة في “إسرائيل” تقول بأن الحرب ستعرقل كل المفاوضات الإيرانية، مع السعودية ومع الولايات المتحدة الأميركية، وستُعيد خلط الأوراق من جديد، وبالتالي يمكن اللجوء إلى الحرب.

الردّ كان حاضراً

تكشف المصادر أن كلام أمين عام حزب الله السيد حسن نصر الله في يوم القدس عن المناورة الإسرائيلية وجهوزية المقاومة للرد على أي عدوان، لم يأت من فراغ، إذ كانت المعلومات تؤكد وجود نوايا “عدوانية” تجاه لبنان، وهذه المعلومات سبقت بدء المناورة، وتم الرد عليها بشكل مناسب.
وتضيف المصادر: “كل ما حصل في الأسابيع الماضية في فلسطين المحتلة من إطلاق الصاروخ السوري، إلى الحرائق في المواقع الحساسة، إلى غيرها من التفاصيل التي لم تظهر للعلن كانت عبارة عن رسائل أرسلها محور المقاومة إلى الإسرائيليين، تصب جميعها في خانة واحدة وهي إعلان الجهوزية الكاملة للتصدي لأي عمل عدواني”، مشيرة كذلك إلى أن “العالم” تحرك على خط التهدئة ومنع اندلاع الحرب، وأبرز من دعا لعدم التصعيد كان الرئيس الأميركي.
إلى جانب كل ذلك كانت المقاومة في لبنان تستعيد مشهد اليوم الأخير في حرب تموز بحجم الجهوزية وحال الطوارىء على الحدود، وبحسب المصادر فإن المقاومة في لبنان رفعت نسبة الجهوزية إلى 100 بالمئة في مختلف تشكيلاتها، في لبنان وسوريا أيضاً، وتعمّدت تسريب الأمر، وهي لا تزال، رغم تعليق المناورة الإسرائيلية، على أتم الجهوزية لمواكبة التطورات في فلسطين المحتلة.

الحرب صعبة ولكن ممكنة

بعد كل ما سبق، والحديث عن الظروف الإسرائيلية، والدولية، يمكن القول، بحسب المصادر، أن الحرب صعبة ولكنها ممكنة، وهي لا تتطلّب سوى فتيل يُشعلها، أو عمل عسكري إسرائيلي غير مدروس، وتشير المصادر إلى أنه يجب التنبه جيداً لما يجري في فلسطين المحتلة، ولو أن الوساطات العربية والغربية قد انطلقت ليل أمس لوقف التصعيد.

محمد علوش

صحافي لبناني، يحمل إجازة في الحقوق وشهادة الماستر في التخطيط والإدارة العامة من الجامعة اللبنانية. بدأ عمله الصحافي عام 2011، وتخصص في كتابة المقالات السياسية المتعلقة بالشؤون اللبنانية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى